جيد: لم أصل قمة العطاء بعد

الحكم الدولي قال إنه استفاد من أخطائه السابقة حتى يظهر أكثر هدوءا قال رضوان جيد، الحكم الدولي، إن التحكيم المغربي في الطريق الصحيح، رغم وجود بعض المؤاخذات، جراء بعض الأخطاء المسجلة في المباريات الأخيرة. وأضاف جيد في حوار مع «الصباح» أن التحكيم المغربي يعيش مرحلة انتقالية بسبب تقاعد العديد من الحكام، المشهود لهم بالكفاءة المهنية، عازيا الاحتجاجات المتكررة إلى الضغوطات التي تعانيها الأندية، سواء التي تتبارى للفوز باللقب، أو الطامحة في عدم النزول، ما يؤثر على مردودية بعض الحكام، على حد قوله. وأكد جيد أن الاحتقان الموجود حاليا في البطولة، مصدره بعض الجماهير المتعصبة، التي تزيد من حدة التوتر والشغب، قبل أن يضيف أن الحكام في حاجة إلى الثقة أكثر، من أجل مساعدتهم على تحسين الأداء. وتحدث جيد عن طموحه في بلوغ المونديال، معتبرا أنه نضج بما يكفي، من أجل ضمان تمثيل مشرف للتحكيم المغربي في كأس العالم، كما تطرق إلى مجموعة من المواضيع تجدونها في الحوار التالي: هل التحكيم المغربي بخير بغض النظر عن بعض المؤاخذات؟ طبعا، إنه بخير، بعد تألق مجموعة من الحكام، سواء في مباريات البطولة أو عند قيادة بعضهم لمباريات المسابقات الخارجية، لكن في الفترة الأخيرة سجلت العديد من المؤاخذات على بعض الحكام والتحكيم بصفة عامة، خاصة في البطولة الاحترافية. ما ينبغي إدراكه أنه من الإجحاف مقارنة حكام حاليين بالجيل السابق، سواء بالنسبة إلينا أو الذين سبقونا، بما أن لكل زمن رجالاته. صحيح أن التحكيم المغربي يمر بمرحلة انتقالية بسبب تقاعد بعض الحكام، المشهود لهم بالكفاءة. يوجد جيل جديد منحت له الفرصة الكاملة لإظهار مؤهلاته، وما تحقق فعلا بعد بروز العديد منهم في قيادة مباريات البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني، يدعو إلى الارتياح ويحتاجون فقط إلى الثقة والصبر، حتى يحسنوا مردودهم أكثر، ويساهموا في تألق التحكيم المغربي. وإلام تعزو كثرة الاحتجاجات في البطولة؟ أعتقد أن كثرة الاحتجاجات نتيجة ضغوطات تزداد حدة على الأندية الطامحة في الفوز باللقب، أو الساعية إلى تفادي النزول، وتحاول كل ما في وسعها، من أجل تحقيق هدفها المنشود، ما يؤثر سلبا على أداء الحكام، الذين يعانون بدورهم الضغوطات الناجمة عن الأسباب سالفة الذكر. إننا في حاجة ماسة إلى الثقة بين كافة المتدخلين في لعبة كرة القدم ، طالما أن الخطأ وارد، وهو بشري على كل حال، إذ يمكن للحكم أن يخطئ، لأنه ليس معصوما منه، تماما كما يخطئ المسير في انتداباته والمدرب في تشكيلة فريقه، أو نظام اللعب المعتمد، واللاعب قد يهدر فرصة سانحة للتسجيل، لكن الأهم أن الخطأ ينبغي ألا يكون مقصودا. وأين تتحدد مسؤولية الحكام في ارتكاب أخطاء مؤثرة؟ لا يختلف اثنان في أن أي فريق مهما كانت وضعيته، مريحة أو مقلقة يعمل كل ما في وسعه، من أجل تفادي الخسارة، وهذا ناتج عن ضغط جماهيره، والتي لا تتقبل إطلاقا خطأ حكم معين في حق فريقها المفضل. لكن ما يجب إدراكه هو أن غاية كل حكم، وهو يتوجه إلى الملعب لقيادة المباراة، أن يعطي لكل ذي حق حقه، كما يحاول جاهدا عدم ارتكاب خطأ مؤثر، حتى لا يتسبب في منح امتياز غير مستحق لهذا الفريق أو ذاك. وأعتقد أن مسؤولية الحكم تتحدد أولا في تهييء نفسه للمباراة من الناحية الذهنية والبدنية، وأن يركز عليها بشكل جيد، من أجل إنجاحها، ومع ذلك فهامش الخطأ يظل واردا، لأن الحكم بشر في نهاية المطاف، ولذلك فالثقة عنصر لا محيد عنه، للرفع من الأداء التحكيمي ببلادنا. ولماذا في نظرك يكثر الاحتقان والاحتجاجات مع اقتراب نهاية البطولة؟ للأسف نلمس وجود احتقان واضح في صفوف جماهير الأندية، إلى حد معاينة أحداث شغب راح ضحيتها أبرياء، وهو ما يحز في النفس حقا. صحيح أنني شخصيا أؤيد مبدأ الانتماء، لأن الجمهور يعد ملح طعام كرة القدم، لكن ليس إلى حد التعصب، وهو أساس الاحتقان الموجود في ملاعبنا للأسف. كما أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع وكثرة القنوات الناقلة للمباريات، خلافا للسنوات التسعينات وبداية الألفية الحالية، جعل الأضواء تسلط على الحكام، وأصبحوا محط متابعة دقيقة، ولذلك فإن أي هفوة منهم تجر عليهم وابلا من الانتقادات والتأويلات، إلى حد التشكيك في نزاهتهم، الأمر الذي يشعل فتيل الغضب أكثر بين الجماهير وبعض المسيرين. ألا ترى أن الضغوطات على الحكام تزيد من هامش ارتكاب الهفوات؟ هذا صحيح، لأن الضغوطات تساهم في احتقان الجماهير وتصعب مهمة الحكام في أداء مهامهم، وهذا ناتج عن الخلط الواضح في الانتماء الإيجابي والتعصب المقيت، الذي يصاحبه إلى ما لا تحمد عقباه، ويعرقل تطور كرة القدم الوطنية. وأعتقد أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي جعل المعلومة تكون قريبة أكثر من ذي قبل، لهذا ينبغي الارتقاء بوعينا، حتى يسود الاحترام المتبادل بين جميع المتدخلين. لا أقلل من درجة الوعي لدى جماهيرنا، لكن ينبغي أن نضعه دائما نصب أعيننا لتجاوز حالات الاحتقان المتكررة، الناتجة عن التعصب لا غير. ما دور مديرية التحكيم في إخماد فتيل الغضب؟ أعتقد أنه دور فعال في إخماد فتيل الاحتجاجات والضغوطات على التحكيم بتعيين حكم مناسب في مكان مناسب، كما أن تدخلها بين حين وآخر يقلل هامش الأخطاء المرتكبة من قبل بعض الحكام، كما يقل الاحتقان، خصوصا أن هناك فرقا تحترم قرارات الحكام رغم الانتقادات، الشيء الذي يجعل مستواهم يرتقي جراء التخفيف من حدة الضغوطات. إلى أي حد تساهم الدورات التكوينية في تقييم مردودية الحكام؟ لا يخفى على الجميع أن الدورات التكوينية قلت نسبيا جراء الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، إلا أن التواصل ظل مستمرا سواء مع المديرية أو مع الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم «كاف» والاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عبر تقنية المناظرة المرئية، على الأقل مرة كل أسبوعين نلتقي فيها عن بعد، لتقييم مردود التحكيم والوقوف على الأخطاء، لأن المشكل ليس في القرارات الواضحة، التي يحصل بشأنها إجماع، بل في التي يشوبها الغموض ومحط شكوك، إذ تكون هذه الدورات فرصة لتقييم الاعتبارات المناسبة، التي دفعت الحكم لاتخاذ قرار دون سواه، وهل أصاب أم أخطأ، وبذلك تساعد في تقييم أداء الحكم وتحسينه في ما تبقى من المباريات. هل خدمت تقنية الحكم المساعد «فار» البطولة؟ طبعا، إن «فار» ساعدنا في تخفيف الضغط عن الحكام خلال جميع المباريات، مهما كانت قوة المتنافسين، فعندما يعلم الحكم بوجود هذه التقنية، فإن هامش الخطأ يقل بشكل كبير، لأنها تتيح له فرصة تدارك خطئه ومراجعة أوراقه. كما أن الأندية المتبارية تخوض المباريات باطمئنان، خلافا لمرحلة ما بعد «فار»، طالما أن الأخطاء المؤثرة قلت بنسبة مائوية عالية، إن لم تكن منعدمة، عدا بعض الهفوات المرتكبة في وسط الملعب، ناهيك عن مساهمة هذه التقنية في تكافؤ الفرص بين الفرق والمصداقية في قرارات الحكام، باستثناء حالات غير مؤثرة. هل تعتقد أن هامش سلطة الحكم التقديرية تقلص بوجود هذه التقنية؟ لم تتأثر سلطة حكم الوسط ولم تتقلص رغم وجود تقنية «فار»، طالما أنه المقرر الأول والأخير في أي مباراة، فهو يتخذ القرار النهائي، وإذا تبين لحكم الـ «فار» وجود خطأ ما، ينادي على حكم الساحة حتى يراجعه أو يزكيه، وفق قناعاته والاعتبارات المناسبة التي كانت وراء اتخاذه، مع أن الاختلاف في اتخاذ القرارات يبقى واردا، إلا أننا نسعى جاهدين إلى التقليل من هامشه ويتفق الحكام على الاعتبارات نفسها بالنسبة إلى اتخاذ القرارات. ألا تشعر بضغط جراء تسليط الضوء عليك عقب اختيارك ضمن القائمة الأولية لقيادة المونديال؟ لا أخفيك سرا أن الضغوطات في مثل هذه الحالة تكون إيجابية، ما سيدفعني إلى تحسين أدائي أكثر، خصوصا بعد اختياري ضمن القائمة الأولية للحكام المرشحين لقيادة نهائيات كأس العالم بقطر 2022. وأعتقد أن المعني بالضغط ملزم بضبطه وتحويله إلى طاقة إيجابية، حتى يشتغل أكثر، لهذا لن أتهاون في المثابرة والتركيز حتى تكون حظوظي قائمة في المشاركة بالمونديال. لن أتوانى في المثابرة قدر المستطاع ومواصلة التداريب بشكل يومي، طالما أن حلمي الأول تمثيل المغرب في المونديال. هل تشعر بالتفوق عن باقي زملائك بعدما أصبحت أكثرهم قيادة للديربي؟ لا أشعر بذلك، ولست كذلك. صحيح أنني أصبحت أكثر الحكام قيادة للديربي مناصفة مع الراحل عبد الكريم الزياني، إلا أن هذا لا يعني أن باقي زملائي أقل كفاءة. إنه تشريف وتكليف في حد ذاته، وأي مباراة أقودها إلا وأسعى جاهدا لقيادتها إلى بر الأمان، مع أنني لم أصل إلى قمة العطاء بعد، إذ ليس هناك حكم في العالم بلغ القمة، بما أن جميع الحكام ارتكبوا أخطاء. وحتى أكون صادقا، فرضوان جيد مازال يتعلم وسيبقى كذلك إلى نهاية مساره في التحكيم. وإذا كنت متفوقا على زملائي في بعض الأرقام والإحصائيات، فإن الأمر ليس كذلك على مستوى الأداء. ما سر هدوئك في المباريات الأخيرة بعدما كنت أكثر توترا وصرامة؟ هذا صحيح، عديدون لاحظوا هدوئي خلال المباريات الأخيرة، وكما قلت إنه يجب على الحكم أن يتعلم من أخطائه وهفواته وملاحظات المهتمين، فلا يمكن للجميع أن يبدي ملاحظات بشأنك دون أن تحرك ساكنا، وتبدي استعدادا لتدارك أخطائك، ينبغي الإصغاء بهدوء لكل الملاحظات، وهو ما قمت به حتى أظهر هادئا، مع أنني لست أكثر توترا، بقدر ما يتعلق الأمر بطريقتي في التركيز. لكن عندما استمعت إلى الملاحظات والانتقادات المتتالية حاولت مراجعة الأمر، واجتهدت أكثر من خلال التواصل مع مختصين في التنمية الذاتية (كوتش)، حتى لا تظهر علي آثار بعض التصرفات، والتي كانت تبدو للمتتبعين أنها «نرفزة» مبالغا فيها، لهذا بدوت في المباريات الأخيرة أكثر هدوءا، وسأعمل على تحسن أدائي في هذا الجانب خلال المباريات المقبلة. هل التحكيم المغربي مؤهل للعودة بقوة إلى سابق تألقه؟ أعتقد أن التحكيم المغربي ظل حاضرا حتى لا أبخس مجهودات من سبقونا إليه، وبالضبط منذ مونديال 1998 من خلال مشاركة الراحل سعيد بلقولة ونجاحه في قيادة المباراة النهائية بين فرنسا والبرازيل، إضافة إلى حضور محمد الكزاز في موندياليي 2022 و2026. وإذا غاب حكم الوسط عن الدورات الأخيرة، فإنها في المقابل عرفت مشاركة رضوان عشيق في كؤوس العالم في جنوب إفريقيا 2010 والبرازيل 2014 وروسيا 2018، بمعنى أن تمثيلية التحكيم المغرب ظلت موجودة في التظاهرات الكبرى، في انتظار عودة حكم الساحة إلى المونديال. أجرى الحوار: عيسى الكامحي في سطور الاسم الكامل: رضوان جيد تاريخ ومكان الميلاد: 09/04/ 1979 بأكادير الصفة: حكم دولي مسيرته 1993: دخل المركز الجهوي لتكوين الحكام التابع لعصبة سوس 1994 - 1998: اشتغل حكما بالعصبة نفسها وحكما متجولا بين العصب 2002: ارتقى إلى مستوى حكم فيدرالي 2009: حصل على الشارة الدولية وكان حينها أصغر حكم مغربي ينالها من الاتحاد الدولي لكرة القدم 2019: اختير في درجة النخبة ألف لحكام «كاف» 2017 و2019: اختير حكما لمباريات كأس إفريقيا بالغابون ومصر 2020، اختير ضمن اللائحة الأولية لقيادة مباريات مونديال قطر 2022. بات أكثر الحكام المغاربة قيادة للديربي مناصفة مع الراحل عبد الكريم الزياني.

طرائف

خاليلوزيتش يحدث ثورة بالأسود

مقالات ذات صلة