3 أسئلة: جيل اليسار كان منتميا إلى زمنه الكوني

يعتبر "أقصى اليسار في المغرب" من الكتب المرجعية لفترة أساسية من التاريخ السياسي بالمغرب لاقت كثيرا من التهميش في التاريخي الرسمي. كيف جاءت الفكرة، وكيف واجهتم قلة المراجع، وبأي منهجية اشتغلتم؟كان ثمة سياق عام لإنجاز ذلك الكتاب مرتبط بمنطق التصالح مع ذاكرة النضال السياسي المغربي في جزء شبابي منه، محسوب على اليسار، وذلك ضمن إستراتيجية وطنية للإنصاف والمصالحة، أو ما عرف بالعدالة الانتقالية بالمغرب. كان الحديث إعلاميا، على مدى عقدي السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كبيرا حول تجربة مجموعتي "23 مارس" و"إلى الأمام"، وحول الفاتورة النضالية الكبيرة التي أداها عدد من أعضاء التنظيمين السريين لليسار الراديكالي بالمغرب، ذي المرجعيات الماركسية اللينينة أو الماوية. وهل كانت الأفعال تتساوق مع حجم العنف المادي القمعي الممارس ضد أولئك الشباب، الذين أغلبهم طلبة في كليات الرباط وفاس ومراكش والبيضاء.بالتالي، كان مغريا جدا لي رفقة الصديق الأستاذ الصافي الناصري (الذي كان عضوا في تلك التنظيمات ذات زمن) أن نحاول استنطاق التجربة عبر أقطابها الكبار، من خلال محاور أسئلة سجالية تسعى إلى إعادة بنينة الأسباب الثقافية والفكرية والاجتماعية التي كانت وراء ذلك التحليق صوب "أقصى اليسار" مغربيا. وبعد مناقشات ثنائية مطولة بيننا في مناسبات متقطعة، قررنا مباشرة المغامرة تلك، فأعطت ما أعطته من شهادات ورؤى وتحاليل هي اليوم مادة خام للبحث التاريخي. قلتم، أنت والأستاذ الصافي، إنكما تقدمان قراءة معينة لتشكل فصائل اليسار المغربي؟ هل مازلت تحتفظ بالقراءة نفسها بعد مرور أكثر من 12 سنة؟تماما. هذا ما قصدته قبل قليل. وهو أن تشكل تلك الفصائل قد حكمته ظروف مغربية صرفة، تعود في ما أتصور، وكما عرضنا ذلك في الفصل الأول التحليلي للظاهرة، أن ذلك الجيل كان جيل خيبات بسبب الصدمة من عدم تحقق مطالب الدمقرطة بعد الإستقلال. فهو جيل صدمة، كان ينتمي عمليا لما أسميناه قوة المجتمع المغربي الناهض أمام قوة الدولة الناهضة بدورها لإعادة تنظيم ذاتها بشكل جديد. فكان أن تصادمت القوتان. وكان ذلك الجيل منتميا لزمنه الكوني، حيث وجد في أدبيات الماركسية اللينينة جوابا ممكنا لما كان يرنو إليه من تغيير جذري. لكن الواقع كان أصلب من تلك الطموحات. وأنها كانت حركة ثقافية أكثر منها حركة سياسية.هل لا تزال القراءة تلك ذات استمرارية اليوم؟ نعم. لأنها صادرة عن قناعة تحليلية تأسست على خلاصات الواقع كما كان، وأيضا على خلاصات تحليل أصحاب التجربة أنفسهم، الذين أصبحت شهادة بعضهم اليوم وثيقة تاريخية، خاصة الذين توفوا إلى رحمة الله. لأنها شهادات حين تأملها كل واحدة على حدة، هي شهادات تكاملية، يكمل بعضها البعض وتضيئ كل واحدة منها جانبا من جوانب التجربة. ما السبيل إلى حفظ ذاكرة أساسية من تاريخ المغرب نعتقد أنها في طريقها إلى الزوال، مع بداية رحيل عدد من مؤسسيها؟من الصعب الجزم على أنها تجربة في طريقها إلى الزوال. ربما تنظيميا هناك أزمة داخل العائلة اليسارية المغربية تفرض عليها تحدي وجود. لكن التجربة كواقعة في التاريخ لا يمكن تجاوزها، أو اعتقاد أنها ليست منخرطة في اهتمامات البحث التاريخي. وهي أكبر من أنها مرتبطة فقط بأبطالها، لأنها كانت فكرا وقناعات ورؤى وطروحات، تتجاوز ذاتية الأفراد. بمعنى أنها تجربة إنسانية مغربية في نهاية المطاف، ستبقى قائمة ما دامت الأسباب الموضوعية لوجودها قائمة لحسن لعسيبي: صحافي، ومؤلف كتاب "أقصى اليسار في المغرب: مقاربة نبيلة للمستحيل أجرت الحوار: حفيظة وجمان (صحافية متدربة)

3 أسئلة: جيل اليسار كان منتميا إلى زمنه الكوني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التجاري وفا بنك يطلق بطاقة وقرض "بور إل" للنساء

بالأرقـام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات