ليلة البحث عن “طيارات” الوردي

الحكومة تفشل في أول امتحان بعد المصادقة على مخطط التكفل بالمستعجلات ومروحياته الأربع أفظع من حادثة السير المهولة التي أودت، فجر أول أمس (الاثنين)، بحياة تسع ضحايا على الطريق بين اليوسفية وسيدي بنور، مشاهد الجثث والأطراف المتناثرة على قارعة الإسفلت، وأنين الجرحى والمعطوبين الذين انتظروا ساعات لنقلهم، على متن «كارويلات» للإسعاف، إلى أقرب مستشفى «مجهز» يبعد عن مكان الفاجعة بحوالي 70 كيلومترا. في مغرب يتباهى بالتوقيع على المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الطبية، الذي عبئت له استثمارات فاقت 500 مليون درهم، لا «نستغرب» أن ينقل معطوبو الطريق والجرحى الذين ينزفون دما على متن سيارات معطوبة (تحتاج إلى من يسعفها) إلى أقرب نقطة علاج تبعد بعشرات الكيلومترات، لتكون النتيجة الحتمية موتا محققا لعدد من المصابين، ما وقع فعلا في حالة حادثة سيدي بنور، حين لفظت ضحيتان أنفاسهما الأخيرة في الطريق إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة، لترتفع الحصيلة من 7 إلى 9 قتلى في «رمشة» إهمال وعدم تقدير للمسؤولية، واستهتار بأرواح الناس على نحو بشع.ما معنى أن تقام الحفلات وتشعل الكاميرات وتدبج المقالات وتطلق أبواق التنويه والاستحسان للتعريف بمخطط فشل المسؤولون الحكوميون في تفعيله في أول امتحان حقيقي؟ ما معنى أن تعجز مروحيات الطب الاستعجالي، التي اقتنتها حكومة عبد الإله بنكيران، من أموال دافعي الضرائب، عن الإقلاع في الوقت الحاسم لإنقاذ أرواح المواطنين على الطرقات؟ وهل نحتاج، فعلا، أن نذكر رئيس الحكومة الإسلامي بحديث عمر بن الخطاب (ض) عن عقال البعير الذي سيسأل عنه يوم القيامة، فما بالك بدماء أبرياء تنزف، بشكل يومي، على الطرقات حتى وصلت الحصيلة المخجلة إلى أربعة آلاف قتيل في السنة، وهو عدد يعادل، تقريبا، جميع الفلسطينيين الذي استشهدوا تحت الاحتلال الإسرائيلي على مدى سنوات. فجأة، تبخرت أرقام الحسين الوردي، وزير الصحة، الذي بدا متحمسا، ذات لقاء بفاس، وهو يطلق العنان لعدد من الأرقام والمشاريع، من قبيل إحداث 11 مركزا لضبط وتنظيم التدخلات الطبية الاستعجالية وتشغيل الرقم الوطني الموحد والمجاني المخصص للمكالمات الطبية الاستعجالية وتحديث أسطول النقل الصحي٬ وتشغيل 20 وحدة محلية للإسعاف الطبي بالوسط القروي وإحداث 15 وحدة للإنعاش الطبي٬ ثم إحداث 80 وحدة للمستعجلات الطبية للقرب، وتأهيل ودعم مصالح الإنعاش، خاصة على المستوى الجهوي وعلى مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية وتطوير المستعجلات الطبية المتخصصة، وأخيرا الاستعانة بمروحيات للنقل الطبي الاستعجالي سيصل محيط تدخلها، والعهدة على الوزير، إلى حوالي 300 كيلومتر.مشاريع وأرقام تتحول إلى سراب عند أول منعرج، حين تفرغ حافلة مجنونة راكبيها على الإسفلت، كما حدث أول أمس (الاثنين) على مشارف سيدي بنور، وحدث قبل أشهر بالمنعرجات الخطيرة لـ "تيزي ن تيشكا"، أو يحدث، يوميا، على طرقات الموت على امتداد جغرافيا الوطن.في الحكومات التي تحترم نفسها، حين تتكرر مثل هذه الفواجع، لا يتردد المسؤولون في حمل القلم وكتابة كلمات اعتذار وجيزة إلى الضحايا وعائلاتهم مذيلة باستقالة، إلا في حكوماتنا المتعاقبة التي يقابل أعضاؤها فواجعنا بانحناءة صغيرة حتى تمر العاصفة، ليعودوا إلى ركوب "سنطيحة" أصلب من حديد مسلح. يوسف الساكت

ليلة البحث عن “طيارات” الوردي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تضارب حول مشروعية الزيادة في أسعار التبغ

إحالة قاضيين بتازة على المجلس الأعلى للقضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات