الإرث والجنس سلاح الواقفين ضد المساواة

النقاش حول وثيقة "رفع جميع أشكال التمييز ضد المرأة" يعود إلى الواجهة في كل مناسبة يثار فيها التوقيع على وثيقة «رفع جميع أشكال التمييز ضد المرأة»، ترفع التيارات المعادية للمساواة في مختلف تجلياتها، راية التحذير من هدم حصن الأسرة المغربية وتسويته بالأرض إذا تساوى كتف المرأة بكتف الرجل ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا.الراغبون في الحفاظ على جميع أشكال التمييز، سارعوا، أخيرا، بعد مناقشة الوثيقة في لجنة المرأة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته 57 بالأمم المتحدة، إلى تجديد تخوفهم من أن يصبح الرجل ملزما بلعب الدور النمطي التي أوكله المجتمع والتقاليد للمرأة، لأن الاتفاقية تنص صراحة على أن الأدوار الموكولة إلى المرأة في الأسرة أصبحت متجاوزة، وأنه بخروجها إلى العمل أصبحت مسؤولية البيت والأبناء متقاسمة بين الزوجين، خاصة أن المرأة لم تعد، بحكم احتكاكها بخشونة العمل، ينبوع العطف والحنان فحسب، والرجل أدرك أيضا أنه ليس عليه أن يكون «سي السيد» ليكون رجلا، فهذه صفات تكتسب ولا تولد مع الإنسان. يستكثر المحافظون على المرأة الحق في الصحة، ويختزلون مبررهم في أن هذا الحق سيعطي للزوجة الحق في رفض إنجاب مزيد من الأطفال خوفا على جمال جسدها من تشوهات يخلفها تكرار الإنجاب، وهو أمر أصبح متجاوزا، ولم نعد في حاجة إلى اتفاقية لضمانه، خاصة أن المجتمع يدرك اليوم، رجالا ونساء، أهمية صحة الأم، إضافة إلى أهمية تحديد النسل. حق ولاية المرأة لأمورها قانونيا، هي أيضا مسألة لم تعد مطروحة في بلادنا، وقد تجاوزته مدونة الأسرة، ولم نسمع بعد تطبيقها عن امرأة ارتدت عن الإسلام بعد أن تولت أمورها في الزواج أو في أي أمر آخر. ومرة أخرى يستخدم المعارضون للوثيقة الجنس لترهيب المجتمع من النتائج الوخيمة عليه إذا أصبحت الحريات الفردية مكفولة للمرأة، دون أن يشرحوا أن الحرية تربية، وأن التربية على الحق في الاختيار يعلم التمييز بين الصواب والخطأ. وبهذه الاتفاقية أو بدونها الناس ينتزع هذا «الحق» بالطريقة الخطأ، ويمارسونه في السر وفي السر تولد الكوارث، والحق في الاختيار يعلم الالتزام. مسألة الإرث هي الخوف الأكبر لمعارضي الوثيقة، فما أن بدأت أصوات الحركات النسائية تتعالى للمطالبة بطرح الموضوع للنقاش، وفسح المجال للعلماء ليبحثوا عن مكامن الاجتهاد في القضية، حتى تعالت مقابلها أصوات الرفض القاطع، بدعوى وجود النص القاطع، رغم أن الأمر يتعلق هنا بحالات حيف أبرزتها التحولات الاجتماعية، خاصة تلك التي تكد فيها البنت على قدم المساواة مع الولد لبناء ثروة العائلة، وتفرض العقلية الذكورية تسجيل هذه الثروة باسم الأب، لكن عند وفاته لا يؤول للبنت إلا نصف ما يؤول للولد، رغم أنهما كوناها معا، وفي حالات التعصيب يظهر الحيف بشكل أفظع. ولأن "ما بني على باطل فهو باطل" فإن الثروة التي ساهمت فيها البنت وسجلت ظلما باسم الأب، يجب أن تقسم بين المساهمين فيها بالتساوي. منذ 1979 وأسئلة التخويف نفسها تطرح، باسم خرق تعاليم الدين الإسلامي، ومنذ 1979 والتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تجيب على هذه الأسئلة واحدا تلو الآخر، دون أن يدرك صناع هذه الأسئلة أنهم يؤخروننا، وأن مضمون الوثيقة ليس إلا أحرفا دبجت ذات اجتماع لم تحضره الدول الإسلامية، لأنها كانت تحرم حتى الحضور والمشاركة، لكن حقيقتها (الوثيقة) تفرض علينا نفسها شئنا أم أبينا مع مرور الزمن، وكم من بند لم نوقع عليه سابقا، لكنه وقع فينا وعلينا مع مرور الوقت وأصبح عاديا ونتعايش معه كأنه ليس هو نفسه الذي عارضناه بقوة وقلنا إن الموافقة عليه بمثابة الكفر. أعتقد أن معارضي الوثيقة لا يدركون أنه آن الأوان لنصنع عالمنا لا أن ننتظر طويلا كي تصنعنا التحولات في العالم من حولنا. ضحى زين الدين

الإرث والجنس سلاح الواقفين ضد المساواة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف قاضي الجديدة يجر قضاة إلى المساءلة

حملات التبرع تكشف تغير فصائل دم مسؤولين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات