صراع مغربي داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية

المغرب والجزائر يسعيان إلى الانفراد بتسيير الشأن الإسلامي في فرنسا دخلت الفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا وتجمع مسلمي فرنسا، وهما منظمتان تتشكلان أساسا من الجالية المغربية، في خلافات حول الطريقة التي يدار بها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. ويقود التجمع اليوم هذه المؤسسة منذ الانتخابات الأخيرة التي منحته الأغلبية، فيما تعتبر الفدرالية من مؤسسيه، وكانت إلى عهد قريب تشكل أحد أعمدته. الاختلافات اليوم بين تجمع مسلمي فرنسا، الذي يقوده المغربي أنور اكبيبش، وفدرالية مسلمي فرنسا، التي يرأسها مواطنه محمد بشاري، تشي بوضعية غير سليمة تعيشها مكونات "الإسلام الفرنسي"، والتفكك الحاصل وسط مكونات الجالية المغربية دون أي بوادر في الأفق للوصول إلى حل وسط بين الطرفين. دعوة إلى انتخاب الأعضاء عبر صناديق الاقتراع مرزاق البكاي نائب رئيس فدرالية مسلمي فرنسا طالب مرارا بتقليص عدد المقاعد المعينةقال نائب رئيس فدرالية مسلمي فرنسا والنائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي للديانة الإسلامية لباريس والضواحي، إن ما يقع في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية "مبهم ولا يفهمه العاقل"، لكن تجمع مسلمي فرنسا باتفاق مع مسجد باريس أرادا أن يحتكرا المجلس ويهيمنا عليه"، بحسب تعبيره. في ما يلي نص الحوار: ماذا يقع بالضبط داخل المجلس؟ن ما يقع داخل المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية شيء مبهم ولا يفهمه العاقل. نعم أراد المجلس أن يغير أو يصلح قانونه الأساسي - وهذه الفكرة عليها الإجماع- لكن تجمع مسلمي فرنسا المتحكم في المجلس، والذي يسيره بدون مشارك ولا منازع منذ الانتخابات السابقة والتي قاطعتها المؤسسات الأخرى، وباتفاق مع مسجد باريس، اتفقا على هيمنتهما على المجلس واحتكاره، وفكرا في تقليص أو إلغاء كليا عدد الكراسي التي كانت بحوزة الأعضاء المؤسسين للمجلس.أما اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، والذي كان بالأمس القريب يعارض مضامين مشروع تعديل القانون، فقد تغير موقفه بين عشية وضحاها واندمج في المؤسستين المذكورتين بطريقة مفاجئة للجميع. أما الفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا، المؤسس الفعال للمجلس سنة 2003 والتي كانت الضحية لهذا القانون الجديد القديم، فاتفقت الهيآت الثلاث على إخراجها من المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية بصفة نهائية، لأن الاتحاد ومسجد باريس يعتبرانها مغربية، ولا يمكن أن يكون التجمع والفدرالية ممثلين في المجلس. هل تعتقد أن المكتب الحالي لم يحترم القوانين الداخلية للمجلس؟ لم يحترم المكتب التنفيذي الحالي القانون الأساسي للمجلس لا في اجتماع مجلسه الإداري يوم 16 دجنبر 2012 ولا في اجتماع أعضاء الجمع العام ليوم 23 فبراير 2013 واستغل تجمع مسلمي فرنسا تفوقه العددي ضاربا عرض الحائط ملاحظات الأعضاء وحتى بنود القانون الأساسي، ووقعت تجاوزات في التصويت، كما أن الطريقة التي اتبعت للاستدعاء للاجتماع مطعون فيها. هناك من يعتقد في مسألة ضم هذه الجهات للمجلس مبادرة ديمقراطية لتمثيل جميع الحساسيات فيه. فما رأيك؟الذين يقولون إن أطرافا جديدة أدمجت في المجلس يحاولون ذر الرماد في العيون بعد إقحام فدرالية جديدة من الأتراك بمقعد واحد، وهذا في حد ذاته خرق للقانون لسببين: الأول أن هذا القرار لم يعرض على المجلس الإداري، وثانيا لم يرد في جدول الأعمال. ولم يعرض حتى على المكتب التنفيذي. القرار اتخذ من طرف الفدراليات الثلاث، قبل انعقاد الجمع العام. لا يمكن أن نتحدث عن إشراك جميع الحساسيات. أين وصلت القضية اليوم؟ وهل تم عرضها على القضاء؟منعنا من معاينة التقارير والوثائق التي تتعلق بالاجتماعين المذكورين، ورغم إلحاحنا المتوالي، لم نتوصل بأي وثيقة، فاضطرت الفدرالية لطلب هذه الوثائق عن طريق محام وعون قضائي. فالقضية ستعرض على القضاء لا محالة نظرا للخروقات المتتالية للقانون الأساسي. الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا لجأت مجبرة إلى القضاء الذي تفادته منذ 2005 رغم معاناتها من الحيف منذ هذا التاريخ، لأن اليوم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشهد على زور تمارسه أكبر هيأة تمثل الإسلام في فرنسا، بلد القانون والحريات. الفدرالية ليست هي التي قامت بإقصاء الآخرين، بل بالعكس تريد أن تضع القطار على السكة الصحيحة والمسؤولية على عاتق "الكبار" الذين أرادوا تسيير المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في ما بينهم. ألا تعتقد أن هذه الخلافات تؤثر على مصداقية هذه المؤسسة لدى المسلمين بفرنسا؟إن هذه المؤسسة فقدت مصداقيتها لدى المسلمين في فرنسا منذ مدة، لأنها لم تعالج قضايا الإسلام وأنجرت نحو الحسابات الضيقة ولم تحسم في أي ملف من الملفات كملف الحلال، ملف تكوين الأئمة، ملف بناء المساجد وصيانتها، ملف المقابر، ملف توحيد الرؤية، وحتى أوقات الصلاة تختلف من جهة إلى أخرى. ملف المرشدين الدينيين بعدما عينوا بالتساوي بين الفدراليات الثلاث التي تتزعم الآن المجلس، لم يقدم أي مرشد تقريرا واحدا أمام المجلس منذ 2005، رغم أن القانون الداخلي يرغمهم على ذلك كل سنة، ويقرر في تغيير المرشد أو بقائه كل ثلاث سنوات،أين هو موقف المجلس من قضايا الإهانة والعنصرية التي يواجهها الإسلام والمسلمون في الحياة العادية؟ إصلاح المجلس تم في شفافية أنور اكبيبش رئيس تجمع مسلمي فرنسا قال لـ "الصباح" إن التجمع لا يسير المجلس لوحدهيعود بنا الكاتب العام للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ورئيس تجمع مسلمي فرنسا أنور اكبيبش، وهو مغربي، إلى أصل إطلاق ما أسماه "إصلاح" المؤسسة التي تمثل "الإسلام الفرنسي"، مبرزا في الوقت نفسه المحاولات التي قام بها التجمع والمجلس، كل من جانبه، لإقناع الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا بدخول "برلمان" المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.في ما يلي نص الحوار: في أي إطار تمت عملية إدماج كل من مسجد باريس واتحاد المنظمات الإسلامية في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية؟بعد ولايتين للمجلس، اتفقت جميع مكوناته على بدء التفكير في طريقة عمل المجلس والقوانين الداخلية التي تحكمه. وهذا المشروع انطلق مباشرة بعد وصول تجمع مسلمي فرنسا لرئاسة المجلس في يونيو 2008. بعد خمس سنوات من المحادثات والحوار بين مختلف مكونات الإسلام الفرنسي، توصل الجميع إلى اتفاق صادق عليه المجلس الإداري للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بأغلبية ساحقة في 16 دجنبر 2012. ومن ضمن المقتضيات الأساسية لهذا الاتفاق، تشكيل تركيبة جديدة للمجلس الإداري للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تتكون من 90 عضوا موزعين على الشكل التالي: 45 عضوا يعينون من طرف مكونات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ويراعى في تعيينهم وزن كل فدرالية وحقيقة حضورها على الأرض، وفي هذا الإطار حظيت الفدراليات الثلاث، تجمع مسلمي فرنسا، المسجد الكبير لباريس واتحاد المنظمات الإسلامية، بتسعة مقاعد، المسلمون الأتراك في فرنسا ستة مقاعد، الفدرالية الفرنسية للجمعيات من أصل إفريقي والقمر ثلاثة مقاعد وجمعيتا الدعوة والتبليغ بمقعدين، فيما ينتخب 45 عضوا عبر الجهات. ألم يكن هذا الإدماج على حساب مكون آخر للمجلس، أي فيدرالية مسلمي فرنسا؟يجب الإشارة إلى أن مسلسل التفكير في إصلاح المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية برمته مر في شفافية تامة. مجموع مكونات المجلس، الفدراليات والمساجد الكبيرة، وجهت إليهم الدعوة للمساهمة في هذه العملية وتقديم رؤاهم ومقترحاتهم. للأسف، الفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا، التي لم تشارك في انتخابات المجلس في يونيو 2008، لم ترغب في الانضمام إلى هذا المسلسل من الإصلاحات. ورغم ذلك دعاها المجلس لحضور أشغال دورة إصلاحاته التي انعقدت في ماي 2010 في ضاحية باريس. وعاينت الفدرالية دفاع تجمع مسلمي فرنسا على استمرارية تمثيلية الفدراليات التي ساهمت في تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية داخله. للإشارة، عشية انعقاد الجمع العام الاستثنائي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في 23 فبراير 2013 الذي أكد إصلاحات المجلس، مجموع مكونات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية اقترح بالإجماع على الفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا أن تبقى ضمن الفدراليات التي لها أعضاء معينون في المجلس، إلا أنها للأسف، رفضت هذا المقترح. تجمع مسلمي فرنسا حصل على الأغلبية في آخر انتخابات المجلس وهو ما مكنه من تسيير هياكله، وبالتالي هو مسؤول بشكل أو بآخر عن أي تجاوزات قد تشوب تسييره. ما تعليقك؟أكيد أن تجمع مسلمي فرنسا يرأس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية منذ عامين. لكنه لا يسيره لوحده. القرارات داخل المكتب وداخل المجلس الإداري للمجلس تتخذ بموافقة الأغلبية. المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يعتبر مسلسل إصلاحه مر في شفافية وفي احترام للقوانين التي تحكمه والمساطر التي تضبط عمله. هل هناك إمكانية اليوم للصلح وتجاوز هذه الخلافات بهدف أسمى يتمثل في خدمة مسلمي فرنسا؟هذا مرتبط فقط بالفدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا. كل مكونات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وقعت على إصلاح المجلس. بطبيعة الحال، كما أي اتفاق، إصلاح المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية هو بمثابة "توافق" الذي لا يمكن له أن يرضي كليا هذا المكون أو ذاك. المصلحة العامة لمسلمي فرنسا تكمن تماما في تجاوز المصالح الفئوية أو الخاصة. للإشارة، أن واقع الإسلام في فرنسا في 2013 ليس هو نفسه الذي كان عليه سنة 2003 عند تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. من المناسب إذن أن تكون لكل واحد نظرة موضوعية وواضحة ونساهم جميعا في وحدة مسلمي فرنسا. أجرى الحوارين: بوعلام غبشي (باريس)

صراع مغربي داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أكثر من نصف سكان المغرب نساء

الصبار يطلق قافلة حقوق الإنسان بتادلا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات