الجامعة والعصبة … الحجر الكروي

الجهاز المسير للمنافسات الاحترافية تحول من صاحب قرار إلى شبح تدفع العصبة الاحترافية لكرة القدم ثمن خمس سنوات من عدم المطالبة بصلاحياتها الواسعة، التي يخولها القانون في تنظيم المنافسات ذات الطابع الاحترافي، إلى أن تحولت إلى جهاز شبح، في يد الجامعة. ويمنح القانون للعصبة مهام تسيير المنافسات الاحترافية، ويوفر لها الاستقلالية في القرار والتمويل، لكنها لم تستفد من هذه الامتيازات، ولم تمارس هذه الصلاحيات، التي تحتكرها الجامعة، ضدا على القانون. ماهي صلاحيات العصبة؟ حددت المادة الخامسة من النظام الأساسي للعصبة الاحترافية مهامها في تنظيم المنافسات والتظاهرات الرياضية ذات الطابع الاحترافي، وتسييرها وتنسيقها، والتي تشارك فيها الجمعيات الرياضية (الأندية) والشركات الرياضية المنضوية تحت لواء الجامعة، وكذلك بتدبير حقوق الاستغلال التجاري لهذه المنافسات، وهو أمر لا تمارسه العصبة، بل تحتكره الجامعة، التي تقوم بتوزيعه على الأندية، بمختلف الأقسام. وتتولى العصبة، حسب المادة نفسها، تنظيم وتدبير البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني، والبطولة الوطنية للفئات الصغرى التابعة للأندية المشاركة في البطولة الاحترافية، وكل منافسة أخرى قد تنظمها في إطار اختصاصاتها. وتتولى العصبة تمويل العمليات التي من شأنها تنمية موارد كرة القدم الاحترافية، وتنفيذ العقوبات التي تتخذ في حق الأندية والممارسين والمنخرطين وكل من لهم علاقة بالنظام الأساسي للعصبة، لكن أغلب هذه الصلاحيات توجد على الورق، وتحتكرها الجامعة. زلة لسان لقجع تفضح الواقع لخصت زلة لسان فوزي لقجع، في كلمته في آخر اجتماع للمكتب الجامعي، احتكاره لصلاحيات العصبة الاحترافية، عندما قال "سأسهر شخصيا على البرمجة". وتعتبر البرمجة من أولى صلاحيات العصبة الاحترافية، التي يعطيها القانون الحق أيضا في التصرف في عائدات النقل التلفزيوني والاحتضان والإشهار ومنح نسبة منها إلى الجامعة، لتمول منها أنشطة المنتخبات وبطولات أقسام الهواة، لكن العكس هو الذي يحصل، إذ أن الجامعة هي التي تتصرف في العائدات، وتسلم قسطا منها إلى أندية البطولة الاحترافية. ورغم أن القانون يعطي الحق للعصبة الاحترافية في استقلالية مالية عن الجامعة إلا أنهــــــا لا تمارس هذا الدور. وإضافة إلى البرمجة، فإن العصبة الاحترافية لم تمارس صلاحية الحسم في مصير الموسم الكروي الحالي، التي يمنحها لها النظام الأساسي، إذ تولى الرئيس فوزي لقجع صلاحية اتخاذ القرار، بالتنسيق مع السلطات المختصة. وناب لقجع أيضا عن العصبة الاحترافية، في تقديم شكاية حول تسريب مراسلة للعصبة إلى اللجنة التأديبية بخصوص المصادقة على مباراة الدفاع الجديدي. ورغم أن الجامعة تمارس أغلب صلاحيات العصبة الاحترافية، حسب المعطيات سالفة الذكر، فإن أي خلل يقع في البرمجة، أو تسيير البطولة تتبرأ منه، وتحمل مسؤوليته للعصبة. وساهمت العصبة الاحترافية بدورها في هذا الوضع، إذ نادرا ما يجتمع مكتبها المديري، الذي يتشكل في الغالب من رؤساء وممثلي الأندية، ما يوقعها في حالة تضارب للمصالح، شأنها شأن الجامعة، ما جعل بعض الأصوات ترتفع من أجل تعديل القانون. وكرس ملف مصير الموسم الكروي التغييب الكلي لجهاز العصبة الاحترافية، إذ لم يكن لها أي دور أو رأي، أو اقتراح، رغم الفصل 40 من نظامها الأساسي يمنحها هذه الصلاحية. وضع غير قانوني رغم مرور خمس سنوات على تأسيس العصبة الاحترافية، إلا أن نظامها الأساسي غير مصادق عليه في جمع عام استثنائي، وغير مصادق عليه من قبل الوزارة، طبقا للمادة 36 من قانون التربية البدنية والرياضة. ولم تصادق الوزارة أيضا على التفويض الذي يشترطه القانون لممارسة العصبة الاحترافية لمهامها، طبقا للمادة 36، التي تنص على أنه "يجب على كل جامعة رياضية أن تفوض إلى عصبة احترافية، تحدثها لهذه الغاية، تنظيم المنافسات والتظاهرات الرياضية ذات الصبغة الاحترافية التي تدخل ضمن اختصاصها وتسييرها وتنسيقها، وكذا حق الاستغلال التجاري للمنافسات والتظاهرات المذكورة". وتنص المادة نفسها على أن "التفويض يجب أن يكون محل اتفاقية تبرم بين الجامعة الرياضية والعصبة الاحترافية المعنيتين، والتي يجب أن يصادق عليها مــن قبل الإدارة (الوزارة)". وتحدد الاتفاقية حسب المادة نفسها "الصلاحيات الخاصة بالجامعة والصلاحيات المفوضة إلى العصبة الاحترافية، والصلاحيات الممارسة بكيفية مشتركة، عند الاقتضاء"، و"كيفية إجراء المراقبة المالية والإدارية على العصبة الاحترافية من قبل الجامعة الرياضية"، و"الكيفية التي يتم وفقها استعمال البنيات التحتية الرياضية من لدن الطرفين"، و"مدة الاتفاقية التي يجب أن تنتهي عند نهاية موسم رياضي دون أن تتجاوز خمس سنوات"، و"كيفية تجديد الاتفاقية التي يجب ألا تنص على التجديد الضمني"، و"كيفية الفسخ المبكر لاتفاقية، الذي لا يجوز أن يعمل به إلا عند نهاية موسم رياضي، وعن طريق إخطار مسبق أجله ثلاثة أشهر". مباراة الجديدة كشفت المستور كرست مباراة الدفاع الجديدي والرجاء، التي كانت مقررة في سابع يناير تخبط الوضع داخل الجامعة والعصبة الاحترافية. وعجزت الجامعة عن البت في الملف بعد مرور أكثر من ستة أشهر. ورغم أن الرئيس فوزي لقجع، صرح في آخر اجتماع مع الأندية أنه سيسهر على البرمجة، فإن السؤال الذي يطرح هو لماذا لم يتدخل الرئيس لتصحيح خطأ برمجة مباراة الجديدة والرجاء، بعدما تبين أنها تتعارض مع الفصلين 16 و21 من نظام المنافسات، علما أن الذي وضع البرمجة بشكل مباشر وينسق مع الجامعة، هو الصديق العلوي، الكاتب العام للعصبة الاحترافية، وهو موظف جامعي معين من قبل الرئيس لهذه المهمة. ورغم توفر العصبة الاحترافية على لجنة للمنافسات، فإنها مجردة من أغلب صلاحياتها، بدليل أن الجامعة هي التي حددت موعد انطلاق البطولة، بشكل متأخر، ما أدى إلى اضطراب كبير في البرمجة. ولم يتدخل لقجع في الملف، إلا عندما طلب فتح تحقيق في تسريب قرار لجنة المسابقات بخصوص المصادقة على المباراة، علما أن القرار يهم رئاسة العصبة الاحترافية، كما أن القرار، الذي تأخر أكثر من ستة أشهر، يفترض أن يكون علنيا، حتى تطلع عليه الأندية، وتطعن فيه إذا اقتضى الحال. نقمة على الوداد وليس نعمة رغم أن كثيرين يبدو لهم أن منصب رئاسة العصبة الاحترافية الذي حصل عليه سعيد الناصري يخدم الوداد، إلا أن العكس هو الذي يحصل، بعدما جر هذا المنصب على الفريق متاعب كبيرة، وأدخله في عداء مع جماهير الرجاء، رغم أن أغلب القرارات تتخذ على مستــوى الجامـعة، وليس العصبة. وأصبح الوداد محط تشكيك من قبل بعض الأندية، بدعوى أنه يحصل على امتيازات في البرمجة والتحكيم، وذلك لا لشيء سوى لأن رئيسه يرأس العصبة الاحترافية. ورفضت مجموعة من الفعاليات رئاسة العصبة الاحترافية، واعتبروها هدية مسمومة، سيما أن أغلب صلاحياتها مازالت على الورق، بسبب تداخل اختصاصاتها مع اختصاصات الجامعة. إنجاز: عبد الإله المتقي / تصوير (عبد الحق خليفة) سعيدي: مراسلة العصبة ليست سرية هل تعتقد أن العصبة الاحترافية تمارس صلاحياتها؟ أولا، النظام الأساسي للعصبة الاحترافية غير مصادق عليه من قبل الجمع والسلطة الحكومية المكلفة بالرياضة، والأمر نفسه يخص الاتفاقية التي يجب أن تجمع بين العصبة والجامعة. وبما أن هذه الاتفاقية غير مصادق عليها، يستحيل تحديد صلاحيات العصبة. الانطلاقة كانت خاطئة منذ تصور الهندسة في النظام الأساسي للجامعة، إذ نلاحظ مثلا ازدواجية التمثيلية لمسيري الأندية في المكتب المديري الجامعي والعصبة الاحترافية وأيضا العصبة الوطنية لكرة القدم هواة. فتشكيلة المكتب المديري الجامعي يجب أن تضم أعضاء غير منتمين لجمعيات رياضية، ورؤساء العصب (العصبة الاحترافية وعصبة الهواة والعصب الجهوية) يتم تمثيلهم بصفة استشارية في المكتب المديري الجامعي، والشيء نفسه ينطبق على ممثلي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في المكاتب المديرية للعصب. ماهو تعليقك على "تسريب" قرار المصادقة على مباراة الدفاع الجديدي والرجاء؟ هذه المراسلة ليس لها طابع سري، لكي نتكلم عن تسريب. إنها فقط محاولة لكي لا نناقش التأخر الذي حصل في البت في المباراة. هناك العديد من التناقضات، لكن لا أفهم لماذا لم يراسل الفريقان الجامعة، ولم يطالبا بالتعجيل في البت في هذه المباراة. هل يستدعي الأمر تقديم شكاية؟ المراسلة التي تم توجيهها من لجنة المنافسات للعصبة الاحترافية إلى اللجنة التأديبية للجامعة تدعو إلى السخرية، أولا دور اللجان الدائمة حسب الأنظمة الأساسية للعصبة الاحترافية، هو دور تنسيقي ليس إلا، وهذه اللجان الدائمة لم يتم حصر اختصاصاتها. وقمة العبث هي أن المراسلة عبارة عن مقرر تحكيمي، بالتحجج بفصول من مدونة التأديب، وكأن القانون ينص على أن لجنة المنافسات للعصبة الاحترافية تعطي الوصفة وتأمر اللجنة التأديبية للجامعة بتنفيذها. (باحث في قوانين الرياضة)

الجامعة والعصبة … الحجر الكروي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خمسة أشهر لـ "الناظوري"

"كورفا سود" يتوعد الجامعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات