التوثيق…بين تعديل القانون وتطهير المهنة

يستعد الموثقون لانتخاب هياكلهم التي ستسهر على قيادة هذه المهنة في ظرفية انتقالية غير عادية، خصوصا في ظل تسرب العديد من الاختلالات والتجاوزات إلى مهنة التوثيق، من جهة، ووضع قانون أساسي للمهنة من جهة أخرى.نقدم في ما يلي رأي الأستاذ صلاح الدين الشنكيطي، الموثق عن هيأة الدار البيضاء.ها نحن، جمهور الموثقات والموثقات، مدعوون، في مقبل الأيام، إلى التوجه لتقديم ترشحيات انتخاب هياكلنا، وفي مستوى ثان الاقتراع على المرشحين الذين آنسوا في أنفسهم القدرة على تحمل مسؤولية هذه المهنة في ظرفية انتقالية لا تبدو فيها الأمور، كما جرت العادة في المراحل الانتقالية، على ما يرام.لقد خرجنا لتوه من امتحان وضع قانون أساسي لمهنتنا، ولم تكن الحصيلة على قدر الآمال، فالمهنة لم تأخذ بعد طابعها الحر، والموثقون لم يحصلوا على قاعدة التمثيل الذاتي، والوصاية على أعمالهم كما أنفاسهم قد تضخمت، والمراسيم التي تحيل عليها النصوص ما زالت في طور التشاور الذي غاب في زمن وضع قانون رقم 09-32 وإلى جانب القانون.وأبانت الممارسة عن تسرب العديد من الاختلالات والتجاوزات إلى بعض مكاتب زملائنا، وتمت إذاعة أخبارها في الصحف، واستغلها ذوو النفوس الضعيفة للتشهير بالمهنة في عمومها ومجموع المنتسبين إليها...في وقت لم تكلف الأجهزة القائمة نفسها لا عناء تطهير المهنة، ولا إبعاد من اندس في غفلة إليها، ولا الضرب على المتلاعبين بمصالح المواطنين...بل اقتصر دورها على لعب دور المتفرج تستقي أخبارها من الندام تارة ومن مجالس القهوة تارة أخرى.وكانت جولات الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل للعدالة، مناسبة كي يعيد ثلة من الغيورين على هذه المهنة سؤال الإصلاح بشجاعة متناهية، مقدمين دفتر اعتماد جديد يتمثل في رصد الثغرات التي حملها القانون الذي مازال في مهده، ومقاربة جديدة لعلاقة المهنة بالنيابة العامة وتصورا كاملا لعلاقة التوثيق بباقي المتدخلين القضائيين والإداريين. كما عرفت الفترة ذاتها عودة قوية لسؤال تنظيم المهنة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ولعل ما توصل به الموثقون على بريدكم الالكتروني خلال الفترة الماضية من بلاغات وبلاغات مضادة لخير دليل على ذلك.كل ذلك، لا يحجب مرارة انكفاء الموثقات والموثقين في الماضي على ذواتهم واكتراثهم أكثر بحياواتهم الخاصة وبمساراتهم المهنية وبقوت يومهم، فابتعدوا عن المجال العمومي بانشغالاته الكبرى وتحدياته، فغابت المهنة عن كل النقاشات المجتمعية الكبرى والتي شارك فيها في المقابل الزملاء المحامون وغيرهم من أصحاب المهن الحرة بفعالية. لقد طلقنا انشغالات المواطنين ووضعية العدالة ببلادنا وسؤال الإصلاح بها، رغم أن مهنتنا تجعلنا في قلب أسئلة الإصلاح السياسي والقانوني والاقتصادي، وفي مقابل عدم اكتراثنا بمحيطنا الاجتماعي، لا ينتبه إلينا المواطنون إلا حينما يريدون إبرام عقود البيع والشراء، ولا يحتاجون إلى معرفة موقفنا من قضاياه، فنحن لسنا صناع رأي عام.في خضم هذه التحولات الكبرى، لابد لنا أن نتوقف عند معطى سوسيولوجي هام، وهو الإقرار بوجود تحول جيلي في مهنة التوثيق التي لم تعد وظيفة موروثة محتكرة من قبل "العائلات الكبرى"، ولم تعد "الوجاهة" شرط ولوجها، بل تم استبدالها بالكفاءة وعمق التكوين والتدريب، ما سمح بدوران حقيقي لنخب التوثيق وبروز أسماء جديدة ناجحة.لذا، ارتأيت، وبالنظر لما تقدم، ونحن على بعد أيام منظورة من انتخاب هياكلنا لمكتابتكم زميلاتي زملائي، مثيرا انتباهكم إلى دقة المرحلة التي نحن مقبلون عليها والمقترنة بالعناوين التالية:. الاستمرار في الترافع على مطلب تعديل قانون المهنة، وضمان استقلاليتها وفصلها عن باقي المهن الأخرى،. إخراج مراسيم تنظيمية بروح المبادئ الدستورية الجديدة نفسها،. التطهير الداخلي للمهنة، واجتثاث خلايا الفساد ومقاومي التغيير والإصلاح،. وضع هياكل حقيقية تعيد موقعة الموثق في موقعه الطبيعي،. استرجاع ثقة المواطنين، وتحسين صورة الموثق لدى عموم الرأي العام،إن هذه العناوين في حاجة إلى أن يطلق شباب الموثقين، وهم المشكلون للسواد الأعظم للمهنة، موقع "الأغلبية الصامتة"، وأن يوظفوا جيدا هذه "الفرصة التاريخية" التي في ضياعها ضياع للمهنة، فعليهم يقع واجب قطع الطريق أمام ترشيحات من استهلك من الأسماء، واقتراح جيل جديد من المدبرين لهذه المهنة بمختلف الدوائر الاستئنافية، بمشاريع عمل واقعية قابلة للتفعيل وبأولويات واضحة، إننا نريد بذلك، أن نخرج من انتخابات الولائم والدعوات والصالونات والتآمرات الضمنية وحرب المصالح الضيقة والترضيات القاتلة، إلى انتخابات محكومة بحس التعبئة الجماعية والمشاركة الفعالة والاختيارات العقلانية التي تستحضر أولا وأخيرا المهنة ومستقبلها،فهل سنكون، يا ترى، في الموعد؟، آمل ذلك. ذ. صلاح الدين الشنكيطي, موثق عن هيأة الدار البيضاء

التوثيق…بين تعديل القانون وتطهير المهنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فضيحة تعيينات في مناصب عليا بوزارة النقل

التعيينات في المناصب العليا... "سير الضيم"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات