قراءة في كتاب الإصلاح الشمولي للقضاء (1/2)

تقريب القضاء من المتقاضين وتوفير الموارد البشرية وإحداث غرف تجارية ابتدائيا واستئنافيا احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية مساء يوم 3 نونبر 2010 لقاء لتدارس إشكالية التفعيل الميداني للاختيارات المرجعية للإصلاح الشمولي للقضاء، من خلال قراءة ومناقشة كتاب (الإصلاح الشمولي للقضاء في مخطط مضبوط) للباحث المقتدر، والأستاذ القاضي ورئيس غرفة بالمجلس الأعلى هاشم العلوي. حضر لقاء قراءة ومناقشة كتاب (الإصلاح الشمولي للقضاء في مخطط مضبوط) جمهور غفير من رجال القانون وأساتذة الجامعات، والمحامين والخبراء، والمهتمين بحقل القضاء والعدالة، مما يدل على أهميته وقيمة ذلك الكتاب وما تضمنه من تحليلات، وآراء، واقتراحات، إذ تدخل للتعريف بالكتاب نخبة من المفكرين من ذوي الاختصاص منهم النقيب مصطفى الريسوني، والأستاذ تاج الدين الحسيني، والأستاذ محمد الخليفة، والأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، والأستاذ لحسن بيهي.ولقد شرفني فضيلة المؤلف وأهدى لي نسخة من ذلك الكتاب القيم مع عبارة رقيقة تدل على دماثة خلقه وتقديره لمن لهم غيرة على القضاء والمحاماة.واعتكفت على قراءة الكتاب رغم قصر المدة )بين تاريخ توصلي بالكتاب وتاريخ اللقاء(، وتمكنت فقط من قراءة بإمعان حوالي 170 من 193 صفحة المخصصة لصلب الموضوع، والباقي وبداية من الصيغة المتعلقة بالمقترحة لمشروع قانون بتعديل النظام الأساسي للقضاة كان عبارة عن تصفح سريع أملاه ضيق الوقت.كتاب قيم، ومجهود يستحق كل تنويه، ودراسة معمقة، وتحليلات ذات أبعاد، وإحصائيات دقيقة، ومرجعية أساسية، تمثلت في الخطب السامية التي ألقاها صاحب الجلالة محمد السادس، وحث فيها على ضرورة القيام بإصلاح شامل للقضاء، خطاب العرش لسنة 2007 وخطاب العرش لسنة 2008 وخطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2009. وكان من شجاعة المؤلف ما دونه من أرقام مذهلة حول عدد القضايا التي تطرح على المحاكم، وقلة الأطر القضائية بالقياس إلى عدد المنازعات، وأشار إلى القضايا البسيطة التي تستنزف طاقة ووقت القضاة، وشرح وجهة نظره في موضوع تقريب القضاء من المتقاضين، ومنها إحداث غرف تجارية لدى كل محكمة ابتدائية، وغرف استئنافية تجارية لدى كل محكمة استئناف وفي ذلك توفير للموارد البشرية، والامكانيات المادة، والبنايات.ولم يغفل المؤلف وهو بصدد معالجة مشكل المجلس الأعلى للقضاء تاريخ تأسيس هذا المجلس ومقارنته مع شبيهه في فرنسا، وهذه الدراسة أخذت حيزا كبيرا من صفحات الكتاب، لينتهي المؤلف بتقديم اقتراحات حول تعديل المجلس الأعلى للقضاء، والنظام الأساسي للقضاة، واقتراح يتعلق بقضاء القرب، والواقع أنه يصعب إعطاء مخلص لذلك الكتاب القيم في صفحات معدودة.واستغرق التعريف بالكتاب أكثر من ثلاث ساعات، وكان من المؤمل أن تفتح مناقشة كما ورد في برنامج الدعوة ويليها تعقيب المؤلف، كما عبر عن ذلك منشط اللقاء الأستاذ النقيب مصطفى الريسوني، وأكد أن تلك المناقشة من شأنها أن تثري وتغني موضوع الكتاب، وساد القاعة جو من الارتياح، لأن بالحوار والنقاش وسماع الرأي الآخر، نرسخ ديمقراطية الحوار، وتكون المناقشة مكلمة ومتممة لما ورد في الكتاب المنوه به، ولكن مع الأسف لم يفتح المجال للمناقشة، وذكر منشط اللقاء أنه خصص لتقديم الكتاب وليس للمناقشة أو سماع الانتقادات، الأمر الذي ترك انطباعا سيئا لدى ما بقي من الحضور، إذ كيف يتاح للمتدخلين أن يقدموا انطباعتهم لمدة تزيد عن ساعة ونصف لكل واحد، ولا يسمح للجمهور الذي قدم من كل حدب وصوب بالمشاركة في المناقشة لمدة خمس دقائق لكل متدخل؟ونظرا لأهمية الموضوع، يكون من المفيد أن نخصص يوما دراسيا لقراءة ما رود في هذا الكتاب، ولمناقشة مقترحاته، ولأن أمر إصلاح القضاء والعدالة يهم الشعب المغربي قاطبة، ويهم من قصد هذه البلاد للاستثمار، أي أن الإصلاح سيكون له بعد دولي، سيما أن المؤلف ربط الإصلاح باحترام الاتفاقيات الدولية التي أبرمها المغرب، خصوصا في ميدان حقوق الإنسان، وطلب أن تكون سابقة في التطبيق على القانون الوطني. ومما يدل على اهتمام العالم باصلاح القضاء في المغرب ما نشرته مجلة (الإكسبريس) الفرنسية بالعدد 3087 بتاريخ 1 سبتمبر 2010 بشأن إصلاح العدالة بالمغرب بعنوان (العدالة: هل الإصلاح مستحيل ؟) وقد قامت الزميلة الأستاذة منى الشعشوعي بترجمة ذلك المقال من باب تعميم الفائدة ونشرته مجلة (العدالة جوسيت) العدد 4 أكتوبر 2010 .وقلت في التدخل الوجيز وفي الوقت الضيق المسموح به، إن موضوع إصلاح العدالة كان من الأبواب التي دخلت منها فرنسا للمغرب واستعمرته زاعمة أن المغرب يتخبط في تخلف إداري، وأشارت الفقرة الثانية من القصل الأول من معاهدة الحماية، إلى ضرورة إصلاح العدالة، ومنذ 98 سنة ونحن ندور في فلك الإصلاح دون أن نتوصل إلى ذلك الإصلاح بالمفهوم الذي يتفق مع العقلية المغربية، وعوائدها وتقاليدها ودينها.وكان الإصلاح في نظر المستعمر، استبعاد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وتطبيق القوانين الغربية، وإقامة محاكم مختلفة باختلاف الجنسيات، وسن تشريع يضمن مصالح المستعمرين، والاعتماد على العرف في بعض المناطق المغربية مما هو مذكور ومشار إليه في عدة مراجع.ومنذ الاستقلال ونحن نطالب بهذا الإصلاح ويكفي الرجوع إلى الخطب السامية للمغفور له محمد الخامس والحسن الثاني والمنشورة في مجلة (انبعاث أمة) لنعرف أن الإرادة الملكية السامية كانت متوفرة، ومصممة العزم على القيام بالإصلاح الجذري، ومدركة للعيوب والأمراض التي تنخر جسم القضاء، ولكن كان هناك من يقف ضد حركة الإصلاح، ويرى في إصلاح العدالة خطر على مصالحهم، والقضاء على بؤر الفساد التي يعيشون في حمأتها، بالإضافة إلى من كان يحارب الدعوة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية محاربة لا هوادة فيها. بقلم: عبد الواحد بن مسعود: من هيأة المحامين بالرباط

قراءة في كتاب الإصلاح الشمولي للقضاء (1/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مراكش قبلة السياسيين في رأس السنة

مطارات أوربا تتجسس على المغاربة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات