طقوس غريبة على الطريقة العيساوية

أحيى أتباع ومريدو الطريقة العيساوية وعدد من الزوار ذكرى عيد المولد النبوي، أول أمس (الخميس)، بضريح الهادي بن عيسى، المعروف لدى أتباعه ومريديه ب"الشيخ الكامل". وحج المئات من والأتباع والمريدين، علاوة على آلاف الزوار، إلى ساحة "باب الجديد"، المطلة على وسط مدينة مكناس، لممارسة طقس سنوي، أقرب في كثير من ممارساته إلى طقوس القرون الوسطى، كما تُذكر بما تفعله بعض قبائل أدغال إفريقيا وقبائل الهنود الحمر في غابات أمريكا الوسطى واللاتينية .وعاينت "الصباح" في محيط ضريح الشيخ الكامل، تدفقا كبيرا "لطوائف" المريدين والأتباع، الذين حلوا من معظم ربوع المملكة. ففي الساعات الأولى ليوم أول أمس (الخميس)، بدأ المريدون والأتباع في التحلق في عرض طريق مجاور لمقبرة مجاورة لضريح الهادي بن عيسى وتحمل اسمه، وبالضبط قرب باب الجديد، المعروف كذلك بباب "تلت فحول" لدى المكناسيين، وهم يرددون "الله، الله، الله"، مصحوبة بضربات متتالية ومتناسقة على الصدور. وانطلق أعضاء "الطوائف" (يسمون مفردها الطايفة) في ترديد أهازيجهم، والتكبير وترديد ما يعرف عندهم بـ"تاهلالت"، على إيقاع نغمات المزامير ودقات الطبول التي تثير هياج الأتباع والمريدين، الذين يُطلقون على أنفسهم لقب "عيساوة"، نسبة إلى الطريقة العيساوية التي أسسها العلامة الهادي بن عيسى، قبل أكثر من خمسمائة عام، الذي قال أتباعه ومريدوه لـ"الصباح"، إن إطلاق لقب "الكامل" عليه يرجع إلى غزارة معارفه وتنوع علومه التي يزعمون أنها بلغت عنده درجة من الكمال والتمام، لم يحط به في عصره غير النزر القليل.وقطع المريدون حوالي خمسمائة متر من مكان تجمعهم قرب باب الجديد إلى ساحة تقع مباشرة أمام مدخل الضريح، حيث يبلغ مستوى اهتياجهم ذروته، كما يرتفع إيقاع أنغام المزامير وتشتد دقات الطبول فيزداد معها اهتياج الأتباع، الذين يغشى على بعضهم من شدة الاندماج و"الحلول" والتأثر بإيقاعات "الجذبة" المنبعثة من فتحات المزامير. وتصل استثارة "عيساوة" درجة ينهشون فيها "الفريسة" (هدية عبارة عن خروف أو جدي أو عنزة يقدمها لهم أحدهم)، وهي حية فيلتهمون قلبها وكبدها ورئتيها، ويمسحون دمها على جلابيبهم وقمصانهم البيضاء، ثم يندفعون صوب مدخل الضريح بسرعة جنونية، يتطاير معها لعباهم، وتشتد معها حمرة عيونهم، وهو طقس ينخرط فيه حتى الشيوخ الذين بلغوا من العمر عتيا، وينهي هؤلاء "فورتهم" بجوار قبر الهادي بن عيسى، يتمسحون به ويلتمسون بركته وكرماته، بعد أن يطوفوا به ويضعون بين "يديه" ما جلبوا من هدايا وعطايا هي أقرب إلى القرابين.وتسببت حالات التدافع الناجمة عن اهتياج الأتباع والمريدين وانتقال أرواحهم إلى جوار حضرة الشيخ الكامل في بعض الحوادث التي ذهب ضحيتها أتباع ومريدون، إذ أصيبت امرأة من إحدى الطوائف المشاركة في الموسم بكسر في ساعدها، إثر تدافع بينها وبين باقي أعضاء طائفتها، ما استدعى تدخل أطر طبية وتمريضية تابعة للهلال الأحمر بمكناس لنقلها إلى مستشفى محمد الخامس لتلقي الإسعافات، كما كان الحال بالنسبة إلى شخص آخر من الزوار الذين حلوا لمتابعة طقوس موسم عيساوة، إذ أصيب خلال تدافع من أجل التوجه إلى ضريح الشيخ الكامل. كما أدت حالات الاهتياج والتأثر والاندماج الكامل لدى بعض الأتباع إلى حالات إغماء، كان معظمها في صفوف النساء والفتيات اللائي انخرطن في رقصات وحركات هيستيرية، بسبب الانفعال والتفاعل الشديد مع أنغام المزامير ودقات الطبول التي تزيد اهتياجا على ذلك الذي تسببه حالة الانخراط والتماهي مع أجواء وأهازيج "الطايفة". ورافق هذا الإقبال الكبير للمريدين والزوار إنزال كثيف لقوات الأمن التي عملت على تأمين محيط الضريح والمسار الذي تسلكه الطوائف انطلاقا من الحلقة التي تتجمع فيها ووصولا إلى مقر الضريح، إذ أحاطت المسار الخاص بها بسيجات حديدية يشرف عليها عناصر من الشرطة وأفراد من القوات المساعدة، الذين قدرت مصادر عددهم بالمئات.إلى ذلك، قال الحاج إدريس بن محجوب العيساوي، وهو أحد أحفاد الإمام الهادي بن عيسى، إن تناول بعض الطوائف لخرفان أو عنزات أو جديان حية "دخيل على ثقافة الطريقة العيساوية التي أسسها جدنا الشيخ الكامل"، مضيفا في تصريح لـ"الصباح"، أن الأمر "لا يعدو ممارسات دجلية وأشبه بممارسات أهل الجاهلية والشيخ ونحن براء منها"، مرددا براءته منها ومن ممارسيها ثلاث مرات.محمد أرحمني (موفد الصباح إلى مكناس)

طقوس غريبة على الطريقة العيساوية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محاكمة 16 مسؤولا أمنيا بجرائم الأموال

مباشرة معكم... انتظارات الوزير أقوى من انتظارات المواطنين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات