دراسة في القانون: هل كسب الرميد معركة مواجهة نادي قضاة المغرب؟

استياء بعض الأعضاء من نتائج الحوار و الطريقة التي يدار بها دخل نادي قضاة المغرب في الآونة الأخيرة فترة خمول وركود إعلامي وحراكي، فقل تواصله مع المحيط الخارجي كما قل صبيب التواصل حتى بين قاعدته ومختلف أجهزته المحلية و الوطنية. و الملاحظ أن هذا الفتور في أنشطته، تزامن مع جلسات الحوار التي قبل النادي الجلوس لمائدتها أخيرا مع وزير العدل. لا يخفى على المتتبعين لشأن النادي أن هناك استياء لبعض أعضائه من نتائج الحوار والطريقة التي يدار بها، كما أن ما سطر من مطالب في صلب عملية التفاوض أثارت انزعاج بعض القضاة، باعتبارها ليست من أولويات المرحلة. لكن هناك من مسؤولي النادي من لا يقرن نتائج الحوار الأولي و طريقة إدارته بالهدوء النسبي الذي يسود أوساط النادي بمختلف مكاتبه الجهوية و الوطنية، بل يعتبر ذلك على العكس فترة ترقب طبيعية منحها أعضاء النادي، خاصة قواعده للمكتب التنفيذي حتى ينتهي الحوار القائم مع الوزير ليتم تقييمه فيما بعد في الدورة المقبلة للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب على أبعد تقدير زمني.بين هذا الرأي وذاك لا تكمن في نظري كل الحقيقة، وإن كان كل طرح أو اتجاه يحمل جزءا منها. صحيح أن الفترة التي يعيشها النادي هي فترة ترقب، و صحيح أن هناك تذمرا من قبل البعض على طريقة إدارة الحوار و ما طرح من نقاط للتفاوض بشأنها، إلا أن تخفيف النادي من حدة صوته و تقليله من خرجاته , يدفع إلى طرح أكثر من سؤال، و يلح علينا البحث في تفسيرات أخرى ممكنة إن وجدت.لا يمكن أن ننكر أن أي تنظيم عندما يخرج للوجود يطرح أفكارا ثورية و بحماسة عالية و يسوق نظريات مثالية سرعان ما تصبح موضوعية وواقعية كلما تم الاحتكاك بالواقع. أي بالواقع السياسي للبلد و مستوى تطور مجتمعه المدني والمؤسساتي إلى غير ذلك من الحقائق التي توجد على الأرض. والنادي في نظري وإن كان لا يشد عن هاته القاعدة، إلا أنه لا مجال في نظري لإخضاع واقعه اليوم لها.ذلك أن النادي لم يكن يوما متطرفا في مواقفه، بل على العكس ربط مطالبه على أساس دستوري، وهو الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009، كما ربطها بالدستور الجديد لسنة 2011، وبالمرجعيات الحقوقية كما هي متعارف عليها دوليا. إلا أن أعضاء نادي قضاة المغرب وجدوا المحفز و المفجر لصوتهم في الإقصاء الممنهج الذي يتعرضون له دائما وكذا في إهمال وضعهم الاعتباري داخل المجتمع .و قد كان رفض وزير العدل والحريات محاورة أعضاء المكتب التنفيذي للنادي حول ملفهم المطلبي وإسقاط عضوية النادي من اللجنة العليا للحوار مع أنه الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية للقضاة بالمغرب، تعميقا لهذا الجرح وتكريسا لإقصائهم الذي دشن منذ حقبة السبعينات و بالضبط في أواخرها، ما أثار حفيظة النادي، فاعتبر ذلك عاملا محفزا للحراك أو للتعبئة من أجل النضال إن صح التعبير على مستوى جل مكاتبه الجهوية و الوطنية. لكن سرعان ما تنبهت جهات أخرى ربما داخل حزب العدالة و التنمية إلى خطورة مواقف الوزير، فدفعت به إلى مراجعة أوراقه ومواقفه مع النادي ليدخل حراك هذا الأخير فصلا جديدا من فصول الخريف إن صح التعبير. فكان من نتائج هذا التدخل أو التنبيه من قبل الطرف الثالث، أن فتح الرميد فجأة بابه للنادي و قبل مبدئيا جل مطالبهم، واعتبرها مشروعة، ووعد بتسويتها وفق جدول زمني وضمن لجان تشكل من قبل الطرفين لصياغة مشاريع قوانين و مراسيم وغيرها من الوعود قدمت للنادي. لكن يبقى السؤال المطروح هل يعد تحول الوزير من موقفه و قبوله مقترحات ومطالب نادي قضاة المغرب كافيين لإسكات صوت هذا الأخير بدون ضمانات حقيقية ؟ لا أظن أن أعضاء المكتب التنفيذي للنادي سيقبلون بالوعود الشفاهية بدون ضمانات حقيقية، خاصة أن للقضاة تاريخا طويلا مع الوعود التي رافقت أحيانا أصحابها الوزارء حتى إلى قبورهم. لهذا، فإن الاستنتاج المنطقي باستقراء واقع النادي و قوته, إما أنهم تلقوا ضمانات فعلية جعلتم يطمئنون لملفهم المطلبي. أو أن وزير العدل أخرج ورقة سحرية من جيبه كممت أفواههم كما كممت فمه هو الآخر من قبل . بمعنى آخر ربما وجد الرميد في كشفه لكل أوراقه أمام النادي بما فيها على الخصوص أوراق ضعفه أي حدود سلطته داخل وزارة العدل ورقة سحرية تجعل النادي يعيد حساباته، كما أعادها هو ربما بالأمس القريب عقب استوزاره.أميل إلى الفرضية الثانية، لكن تحليلي يقودني إلى أن ما جرى بين وزير العدل و النادي أكبر من عملية مكاشفة للأوراق طواعية أو بتلقائية. ما جرى حقيقة,، هو أن الرميد تعامل بذكاء فائق مع النادي, بحيث وضع في يد هذا الأخير الجمرة التي اكتوى بها، وصدر له كل مشاكله في الإصلاح و رمى بكل المعيقات التي واجهته على النادي. و ذلك إما ليرفعها بنضاله و باندفاع شبابه فيستفيد الطرفان منها و لكن مقابل ثمن قد يدفعه النادي وبدون مقابل بالنسبة لوزير العدل. و إما ليقف النادي أمامها عاجزا مكتويا بها هو الآخر، كمعطى واقعي ينبغي الأخذ به عند النضال والمفاوضات على السواء.لا تقف فصول الأحداث عند هذا الحد, فالنادي مدعو عبر الدورة المقبلة لمجلسه الوطني ليقول كلمته في هذا الوضع. فإما سيتم تصحيح مساره بخصوص المفاوضات الجارية مع وزارة العدل، و ذلك إن رأى فيها أي خلل طبعا. وإما ستطول تعويذة الرميد الدورة المقبلة لأعمال المجلس الوطني للنادي.آنذاك سيكون النادي قد دخل مرحلة الاعتدال التي يحلو لكثير من الباحثين ترديدها، عندما يدخل أي تنظيم في فترة مراجعة المواقف. ذ حفيظ بولوفة عضو نادي قضاة المغرب

دراسة في القانون: هل كسب الرميد معركة مواجهة نادي قضاة المغرب؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منزل مكوار بفاس... شاهد عصر على وثيقة الاستقلال

إدانة شقيقين بمراكش اعتدايا على شرطي مرور

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات