أسلوب التنفيذ الناقص والرفض الصريح

عدم إجبار الإدارة على تنفيذ حكم الإلغاء عن طريق الغرامة التهديدية تتمثل فعالية القضاء الإداري في امتثال الإدارة لأحكامه التي هي عنوان الحقيقة القانونية تجسيدا لسيادة القانون المعتبر احترام أحكام القضاء من تطبيقاته الأساسية. والمستشف من هذا العمل القضائي تلميحه إلى اختلاف الحجز التحفظي عن مؤسسة الحجز لدى الغير في إمكانية الأمر به متى استبان من ظاهر الأوراق جدية الدين المرخص الحجز بسببه مع بقاء المحجوز عليه حائزا للمال المحجوز إلى أن يتحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي بواسطة العون المكلف بالتنفيذ متى امتنع المدين المبلغ بالحكم النهائي الصادر ضده من إبراء ذمته وذلك طبقا للفصول 452 و453 و460 من قانون المسطرة المدنية .فإن القاضي الإداري في إطار دوره الخلاق في ابتكار حل نظرية القانون الإداري أجاز مثل هذا الحجز وفقا لشروط معينة من أجل إجبار الإدارة التي لا يخشى إعسارها على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، وهكذا قضى المجلس الأعلى بأن: «الأحكام الصادرة في مادة التعويض عن نزع الملكية تكون قابلة للتنفيذ ولو طعن فيها بالاستئناف مادامت الإدارة نازعة الملكية لم تطلب إيقاف تنفيذها، وأن الإدارة في مجال نزع الملكية للمنفعة العامة ترصد مسبقا أموالا لتغطية التعويضات الناتجة عن نزع ملكية أراضي الخواص وهي بذلك تخرج بإرادتها هذه الأموال من ذمتها المالية لتخصصها للتعويض عن نزع الملكية، وبالتالي فإنها تضفي عليها صبغة خصوصية وتجعلها قابلة للتنفيذ عليها، فيحق للمنزوع ملكيتهم القيام بتلك الإجراءات القانونية للتنفيذ على هذه الأموال بما في ذلك مسطرة الحجز لدى الغير».خاتمة مدعمة باقتراحات سبق أن تبين لنا بعض التدابير التي استطاع من خلالها القاضي الإداري إجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، والتي على الرغم من أهميتها وجرأتها، تظل قاصرة عن معالجة الفراغ التشريعي الناتج عن عدم تحديد مسطرة دقيقة لتنفيذ الأحكام الإدارية بالمغرب ، ذلك أن الغرامة التهديدية لا تؤدي بالمحكمة إلى تنفيذ الحكم المراد تنفيذه، كما أن توفر الإدارة الممتنعة عن التنفيذ بدون مبرر قانوني على مال خاص قابل للحجز إمكانية صعبة التطبيق، في ظل غياب معيار قانوني محدد للمنقول الذي لا يعتبر ضروريا لسير الإدارة، وهو أصلا مرصود لأداء العمل المناط إليها، فضلا عن إكراهات برمجة بند في ميزانيتها الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية وما تتميز به مسطرة تنفيذ حكم الإلغاء من خضوعها لتراتيب إدارية قد تؤدي مددها إلى تأخر تنفيذ هذا الحكم مما يظل معه دور القاضي الإداري محدودا ما دام لم يقترن بمنحه سلطات ناجعة وكفيلة يجعل الإدارة تتمثل لقوة الشيء المقضي به.وترتيبا على ذلك، فإن المجهود الذي يبذله القاضي الإداري قصد التوصل إلى حلول لإشكالية تنفيذ أحكامه يجب أن يقترن بالاعتراف له بسلطة توجيه أوامر للإدارة ومساعدتها على تنفيذ الحكم الذي هو عنوان الحقيقة القانونية مع مراعاته للظروف القائمة خلال إصداره لحكم الإلغاء إبرازا منه لدوره المميز في المادة الإدارية التي تعرف باضطراد تحولا نوعيا للقضاء الإداري وتطورا في كل مواضيعها، خاصة ما تعلق منها بتنفيذ الأحكام الإدارية وذلك نحو القضاء الشامل كما لخصه «كودميي».إن التطور المؤسساتي للقضاء الإداري بالمغرب والمتمثل في إحداث محاكم إدارية ومحاكم استئناف إدارية، والتفكير في إحداث مجلس دولة في المستقبل يجعل من الضروري وضع آليات عملية لتنفيذ الأحكام الإدارية مما سيرفع مستوى القضاء لإداري في مجال ليس في القانون الإداري كله مسألة أهم من مسألة إرغام الإدارة على احترام أحكام القضاء الإداري على حد تعبير الفقيه «فاليم». وهو السبيل الذي نرى أن تحققه يمر عبر المقترحات التالية:1- تجميع النصوص القانونية المتعلقة بالمنازعات الإدارية في مدونة مستقلة يخصص قسم منها لقواعد تنفيذ الأحكام الإدارية، مع اضطلاع القاضي الإداري بمناسبتها بدور فاعل من خلال أوامر محددة لمختلف إجراءاتها، ومحققة للتوازن بين طرفي ملف التنفيذ غير المتكافئ مركزهما القانوني، خاصة أن الممارسة القضائية أثبتت تميز القاضي الإداري واستباقه في إيجاد حلول عملية وقانونية لتيسير تنفيذ أحكامه قبل تدخل المشرع من خلال نصوص قانونية مكرسة لهذه الحلول القضائية، وذلك خلافا لمسلك القاضي الإداري الفرنسي الذي وجب أن ينتظر القانون رقم 539 – 80 الصادر بتاريخ 16/07/1980 لإقرار سلط القاضي الإداري في توجيه الأوامر للإدارة مع الإشادة بمبادرة خلق مؤسسة قاضي التنفيذ على صعيد كل محكمة من المحاكم الإدارية السبعة،وهي خطوة هامة من شانها أن تعطي دفعة ملموسة لإجراءات التنفيذ.2- التنصيص على المسؤولية الشخصية للموظف العمومي الممتنع عن تنفيذ الأحكام الإدارية بدون وجه حق وإن اقتضى الحال مسؤوليته التأديبية والجنائية، وفي ذلك تخفيف لأعباء مالية إضافية عن الإدارة عندما يثبت أن سبب الامتناع عن التنفيذ موقف شخصي صرف.3-اعتبار الحكم الذي يلزم مالية الإدارة بمثابة أمر بالأداء ملزم لميزانية الإدارة المعنية بالتنفيذ 2 مع وجوب تضمن هذه الميزانية لبند خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية، مما سيدعم من مصداقية الأحكام الإدارية ويساهم في تدعيم دولة الحق والقانون. بقلم : الأستاذ محمد صقلي حسيني ,رئيس المحكمة الإدارية بالرباط

أسلوب التنفيذ الناقص والرفض الصريح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

6 سنوات لمتهمين بسرقة بائع مجوهرات بفاس

تصفيقات وآراء الجمهور في برنامج "شهيوات مع شميشة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات