دراسة في القانون: أسلوب التنفيذ الناقص والرفض الصريح (الحلقة الخامسة)

عدم إجبار الإدارة على تنفيذ حكم الإلغاء عن طريق الغرامة التهديدية تتمثل فعالية القضاء الإداري في امتثال الإدارة لأحكامه التي هي عنوان الحقيقة القانونية تجسيدا لسيادة القانون المعتبر احترام أحكام القضاء من تطبيقاته الأساسية. الملاحظ أن حرص القاضي الإداري في فرض احترام حكمه في مواجهته الإدارة عن طريق اللجوء إلى الغرامة التهديدية لم يحل دون تأكيده على أن مجال تطبيق هذه الغرامة الأحكام التي تقضي بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل وهكذا اعتبر المجلس الأعلى : «أن الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية يوجب الحكم بالغرامة التهديدية أن يتعلق الأمر بأداء التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل وأن الحكم المتمسك بالامتناع عن تنفيذه قضى بأداء مبالغ مالية تطبق بشأنها قواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليها بالباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية إذا كان هناك مجال لتطبيقها في مواجهتها «، كما أعاد التأكيد على: «عدم إمكانية إجبار الإدارة على تنفيذ حكم الإلغاء عن طريق الغرامة التهديدية ما دام أن القضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قرارها الذي اعتبره شططا في استعمال السلطة «. وفي هذا الخصوص فقد أتيح للمجلس الأعلى في معرض تأويله لقرار قاض بإلغاء القرار المطعون فيه أن اعتبر أن القضاء الإداري استقر على أن إلغاء القرار الإداري يعتبر بمثابة إعدام له وإزالة جميع آثاره وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدوره، مما يعني أن الإدارة تكون ملزمة بمحو آثار هذا القرار والتقيد بمضمونه والالتزام بحجية الشيء المقضي به مادام قرار الإلغاء نهائيا وأنه في نازلة الحال، فإن القرار المطلوب تأويله وإن كان قد اقتصر على إلغاء القرار الإداري المطعون فيه فإنه يكون قد أرجع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدوره، وأن ذلك يقتضي التقيد بحجية الأمر المقضي به، وترتيب الآثار القانونية الواجبة عن هذا الإلغاء».2- الحجز على أموال الإدارة يعد الحجز من صور التنفيذ الجبري للأحكام القضائية وبالتالي انفراده هو الآخر بذاته مرجعية الغرامة التهديدية ممثلة في قانون المسطرة المعنية المحال عليه بمقتضى الفصل 7 من قانون 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية، وإذا كان المال العام لا يقبل الحجز لتعارضه مع المصلحة العامة المرصود لها، وأن الأمر به من شأنه أن يعطل يسر المرافق العامة ويحول دون أدائها لوظيفة النفع العام المناط إليها تحقيقها، وكجواب على وسيلة الطعن التي أثارتها الإدارة، المحجور عليها، والمتعلق موضوعاتها بشأن الحجز لدى الغير منصب على مال لا يقبل الحجز، أكد المجلس الأعلى على: «أن هذا المال مرصود أصلا لتسديد التعويضات المحكوم بها في مثل نازلة الحال وأن مسطرة الحجز لدى الغير تعد وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري التي يمكن لكل دائن يتوفر على دين ثابت أو سند تنفيذي، كما في نازلة الحال، استعمالها طبق للشروط والمقتضيات الواردة بالفصل 488 وما يليه من قانون المسطرة المدنية ... وأن ما أثير بالوسيلة لا يعدو أن يكون مجادلة في حجيته الشيء المقضي به، فتكون هذه الوسيلة عديمة الأساس.وفي هذا الإطار يسجل أن عمل المحاكم الإدارية تسير نو جواز إيقاع الحجز التحفظي على الأموال غير المخصصة لإدارة المرافق العمومية والتي لا يتعارض الحجز عليها مع يسر هذه المرافق وانتفاع المتعاملين معه بخدماتها من قبل السيارات والتلفاز ومكيف الهواءوكذلك العقارات المندرجة ضمن الأملاك الخاصة التي لا يجوز تحويل الحجز المضروب عليها إلى عقارات أخرى توجد أيضا في ملكية الإدارة المنفذ عليها، إلا إذا كان من شأن العقار البديل أن يضمن حقوق طالب الحجز، إذ أكد المجلس الأعلى أن المتدخلين في الحجز التنفيذي المسجل على الرسم العقاري 66991/07 أثبتوا بأن العقار البديل ذي الرسم العقاري عدد 46402/07 الذي تم الأمر بتحويل الحجز التنفيذي إليه، ليس له تصميم طوبوغرافي نهائي، وأن مساحته غير محددة، وفوقه منشآت عمومية وإدارية وسكنية، مما يشكل صعوبة قانونية وواقعية في بيعه من خلال الخبرة المنجزة في الموضوع، وأن ما اعتمدته المحكمة لاستبعاد إجراءات التنفيذ في مواجهة الرسم العقاري عدد 66991/07 ، لا ينهض سببا كافيا لأنه يهم مآل العقار الذي لا تأثير له على حقوق البائع الحاجز ويستلزم فقط الإذن بمواصلة إجراءات الحجز التنفيذي في مواجهة الرسم العقاري عدد 66991/07.وإذا كان الحجز لدى الغير إجراء يروم بالأساس تفادي انتقال المال المحجوز إلى الغير لغاية أن تتم المصادقة على الحجز، فإن من شروط الأمر بإيقاعه أن يكون الذي وقع الحجز بسببه محقق الوجود وليس دينا احتماليا وتجسدا لهذا المنحى اعتبر المجلس الأعلى:»أنه إذا كان الحجز التحفظي لا يترتب عنه خروج الأموال المحجوزة من حيازة المحجوز عليه، ولا يمكنه أن ينتفع بها ويتملك ثمارها، دون أن يتصرف فيها طبقا للفصل 453 و 454 من قانون المسطرة المدنية، فإن حجز ما للمدين لدى الغير وعلى عكس ذلك هو تعرض الدائن على تسليم المحجوز لديه الأموال المحجوزة للمحجوز عليه مما يؤدي إلى حبسها ومنع الانتفاع بها إلى حين المصادقة على الحجز المذكور، وأن المشرع استلزم للأمر به أن يكون الدين ثابتا حسب نص الفصل 488 من قانون المسطرة المدنية وبصفة عامة لا يكفي للأمر بالحجز لدى الغير مجرد تقديم مقال هو الادعاء من أجل الحكم بدين منازع فيه جديا، وأن كل استنتاج مخالف لذلك، يشكل مساسا بأصل الحق الذي هو محل منازعة مما يحول جون الأمر بإجراء الحجز لدى الغير. بقلم : الأستاذ محمد صقلي حسيني, رئيس المحكمة الإدارية بالرباط

دراسة في القانون: أسلوب التنفيذ الناقص والرفض الصريح (الحلقة الخامسة)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأزمة والصقيع والإجراءات الأمنية "تبرد" احتفالات "البوناني"

إصلاح صندوق المقاصة على طاولة الحوار الاجتماعي

مقالات ذات صلة