حرب الحي الجامعي بمراكش مستمرة

اندلعت مواجهات عنيفة على مدى يومين بالحي الجامعي التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش بين طلبة يتحدرون من الأقاليم الجنوبية، وطلبة ينتمون إلى فصيل النهج القاعدي، استعملت خلالها الزجاجات الحارقة (المولوتوف)، وقنينات الغاز والحجارة، قبل أن تتحول إلى مواجهات بين الطلبة القاعديين وقوات حفظ النظام، أصيب خلالها عشرات الطلبة وعناصر من قوات الأمن والقوات المساعدة بجروح متفاوتة الخطورة، وخلفت خسائر مادية جسيمة، ما جعل الحي الجامعي يعيش على وقع حرب حقيقية تجهل عواقبها، في الوقت الذي حولت فيه أحداث العنف حياة سكان المنازل المجاورة للحي الجامعي إلى مأساة حقيقية. معاناة السكان المجاورين للحي الجامعيلم يكن سكان الأحياء المحيطة بالحي الجامعي خاصة أحياء أمرشيش، الداوديات يتصورون أن قربهم من الحي، سيكون سببا مباشرا في معاناتهم مع اندلاع كل مواجهة بين الطلبة وقوات الأمن، ذلك أن مجموعة من المنازل، خاصة المجاورة للحي تصبح محرمة على سكانها.فخلال الأحداث الأخيرة، والتي وصفت بالأخطر في تاريخ مواجهات الفصائل الطلابية، عاش سكان الأحياء المذكورة معاناة حقيقية، الأمر الذي جعل مجموعة منهم يؤكدون للصباح أنهم أصبحوا يفكرون وبجدية في الرحيل من الحي، بعدما خرج طلبة يتحدرون من الأقاليم الجنوبية خارج باب الحي الجامعي، وقاموا بتخريب أبواب بعض المحلات التجارية القريبة منه، وتكسير أقفال السلاسل، التي ربط بها أصحاب المحلات قنينات الغاز، ليقوموا بنزعها من مكانها ورميها في وجه الطلبة داخل الحي الجامعي.كما قام طلبة آخرون بإضرام النيران فيها، وتكسير واجهات بعض السيارات، وإحداث الرعب في نفوس السكان الذين كانوا يعاينون مشاهد العنف من داخل نوافذ المنازل، واستمرت المواجهات العنيفة، وإضرام النيران إلى وقت متأخر من الليل، الأمر الذي جعل سكان بعض المنازل المجاورة يعبرون عن استيائهم الكبير من الوضع الذي أصبح يهدد استقرارهم وراحتهم.إلى ذلك، انتقلت المواجهات العنيفة من أمام الحي الجامعي وداخله إلى الأحياء والشوارع القريبة، خصوصا بالوحدة الرابعة، ما جعل الوضع ينبئ بـ "كارثة"، كانت أقل تداعياتها تخريب عدد من السيارات المركونة في منطقة الداوديات، وتكسير واجهات بعض المحلات التجارية، والاعتداء على بعض المارة باستعمال الأسلحة البيضاء والسيوف والسواطير، خلال عمليات الكر والفر بين الطلبة المحتجين وقوات الأمن، ما اضطر المئات من الطلبة والطالبات إلى مغادرة الحي الجامعي صوب منازل أقاربهم وذويهم. أصل البداية شكاية طالبةتفيد المعطيات التي توصلت بها "الصباح" أن العنف المتبادل بين الطلبة المتحدرين من الأقاليم الجنوبية، وطلبة فصيل النهج ذي التوجه اليساري اندلعت قرابة الساعة التاسعة من ليلة الثلاثاء الماضي، عندما قامت طالبات ينتمين إلى الأقاليم الجنوبية بطرد طالبتين تنتميان إلى إقليم قلعة السراغنة من غرفتهما، وحجز كل ممتلكاتهما داخل الغرفة، فتقدمتا بشكاية في الموضوع إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، مما جعل المئات من الطلبة ينتظمون في حلقة داخل الحي الجامعي لمناقشة الحادث، ويتم تقرير الخطوات التي يجب اتخاذها لإعادة الطالبتين إلى غرفتهما. وحسب مصادر طلابية، فقد حدث خلال مناقشة الحادث أن طالبين ينتميان إلى المناطق الجنوبية تدخلا من أجل "نسف" الحلقة، لكن الطلبة طالبوا منهما "الاعتذار"، عما بدر من الطالبات المذكورات، وإعادة الطالبتين إلى غرفتهما، لكن تعنتهما وتلفظهما بكلام جارح في حق الطلبة، جعل الأمر يتحول إلى مواجهة وتراشق بالحجارة بين الطرفين. قوات الأمن من المعاينة إلى المواجهةحضرت قوات الأمن الوطني أمام الباب الرئيسي للحي الجامعي، لكن حضورها إلى الفضاء المجاور للحي، ومحاولتها التدخل لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، سيجعلها هدفا للأطراف المتنازعة، إذ شرع الطلبة في رمي قوات الأمن بالحجارة و"المولوتوف"، بينما اكتفى رجال الأمن برمي الحجارة على الغاضبين من الطلبة، في الوقت الذي انسحب فيه الطلبة الصحراويون إلى مكان خارج الحي الجامعي، تاركين المواجهات بين الطلبة المدعومين بطلبة النهج القاعدي، ذي التوجه اليساري الراديكالي، وقوات الأمن التي طوقت جنبات الحي الجامعي، ومنعت كل الطلبة والمارة من اقتحام الحاجز الأمني والمرور إلى الجهة الأخرى تفاديا لإصابة أي منهم. حصيلة ثقيلة... هلع وإصاباتحصيلة المواجهات بين الطرفين وصفت بالثقيلة جدا، لأنها أسفرت عن إصابة مجموعة من المسؤولين الأمنيين من بينهم محسن مكوار، رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية على الرأس، وعميدا شرطة و17 عنصرا من القوات المساعدة، وإيقاف 14 طالبا وحجز 88 قنينة زجاجية فارغة، وأسلحة بيضاء. ولم تسلم حاويات الأزبال وبعض السيارات وممتلكات خاصة من التخريب والحرق، والإتلاف إثر الاشتباكات التي شارك فيها العشرات من الطلبة المتحدرين من العيون وكلميم والداخلة وطانطان من جهة والعشرات من الطلبة المنتمين إلى حزب النهج الديمقراطي الذين يطلق عليهم الطلبة القاعديون، وهي المواجهات التي اندلعت إثر ملاسنات بين طالبة تتحدر من الأقاليم الجنوبية وأخرى من قلعة السراغنة ناشطة بحزب النهج. كر وفر ومحاولة شل قوات حفظ النظاماستنفرت قوات حفظ النظام عناصرها باختلاف رتبها، وطوقت كافة المنافذ المؤدية إلى الحي الجامعي، والأحياء المجاورة من طرف مختلف الأجهزة الأمنية، فيما ظلت قوات التدخل السريع والقوات العمومية مرابطة بعيدا عن الحي الجامعي، ليستمر التطويق حتى حدود ساعات متأخرة من الليل، ومطاردة ومحاصرة الطلبة كيلمترات بعيدا عن الحي الجامعي ومحاصرة البيوت التي يتخذها الطلبة ملجأ لهم، بعدما نجحوا في إحباط محاولة الطلبة شل حركة قوات الأمن. وعرفت الشوارع المجاورة للحي الجامعي إنزالات مكثفة لمختلف الأجهزة الأمنية، ودامت المواجهات بين الطلبة وقوات الأمن حوالي ثلاث ساعات، استعملت خلالها الحجارة والزجاجات الحارقة، وقنينات الغاز ونصبت متاريس، باستعمال حاويات الأزبال التي أضرم الطلبة النيران فيها، بينما كانت قوات الأمن ترابط خارجه، إلى أن عاد الوضع إلى حاله الطبيعي، وتوجه بعض الطلبة المصابين في المواجهات إلى بعض المستوصفات لتلقي العلاجات، بينما قام البعض بتضميد الجراح داخل الحي، تفاديا لأي اعتقال أو مطاردة. نبيل الخافقي (مراكش)

حرب الحي الجامعي بمراكش مستمرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العنف اليساري يثير غضب أساتذة جامعة فاس

الجامعة... من فضاء للتحصيل إلى ساحة للعنف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات