يعد قطاع الشباب والرياضة من أكثر القطاعات الحكومية التي يخضع وزراؤها للتعديلات، ما يجعله الأكثر تأثرا بالحسابات السياسية الضيقة. وكشفت التجارب السابقة أن جل الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع، ينظرون إليه على أنه من القطاعات الثانوية، التي يمكن تدبيرها بسهولة، والتصرف في شؤونه دون عناء، غير أن أغلبهم يجد نفسه مطرودا منه، دون استئذان، حتى بات يصنف ضمن السهل الممتنع. وأطاح قطاع الرياضة برؤوس عديدة، بل منها من خرج بفضيحة مدوية، أو غضبة ملكية، بالنظر إلى سوء التقدير، وضعف القطاع في وضع إستراتيجية تتماشى مع حجم الإمكانيات المرصودة له، وإن كانت ميزانيته لا تتعدى واحدا في المائة من الميزانية العامة للدولة. وأصبح لزاما على المسؤولين التفكير في صيغ أخرى، لتدبير قطاع الرياضة، لإبقائه بعيدا عن الحسابات السياسية، وحتى لا يستغل من قبل وزراء لا يتوفرون على ثقافة رياضية بمفهومها العلمي، لتلميع صورتهم وتحقيق مكاسب سياسية بعيدة المنال، ورفع شعار «باسطا». وهناك العديد من التجارب التي مكنت دولا من تحقيق طفرة رياضية قوية، منها على سبيل المثال إسبانيا، التي تدبر شؤون رياضتها من قبل مجلس أعلى، ولديه سلطات تقريرية، حتى أصبحت اليوم من بين الدول التي يضرب بها المثال في العديد من الأنواع الرياضية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية الرائدة في المجال الرياضي، إذ تمنح رياضتها استقلالية شاملة، تعتمد على العصب الاحترافية. ومن بين النماذج الناجحة، النموذج البريطاني، المعتمد أساسا على الوكالة الرياضية للمملكة المتحدة، والنموذج الألماني، الذي بدا يعمل بالوكالة في السنوات الأخيرة، غير أنه يمنح تدبير القطاع الرياضي للجهات، مع تكليف وزارة الداخلية بالمستوى العالي، باعتبار أن الجهات تخضع لسلطتها. وحان الوقت للرياضة الوطنية أن تجد صيغة أكثر فعالية، بعيدا عن وضعها في أيدي أحزاب سياسية، بدأت تفقد بريقها. صلاح الدين محسن