مشروع قانون المالية لم يترجم شعارات الحكومة

أقصبي اعتبر أن الإصلاحات الضريبية التي جاء بها منقوصة وتحافظ على امتيازات النخبة اعتبر نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد الوطني للزراعة والبيطرة، أن مشروع قانون المالية جاء ضعيفا، بالنظر إلى الانتظارات التي كانت مبنية عليه، مضيفا أنه لم يأت بإصلاحات حقيقية. وقال أقصبي في حوار مع «الصباح»، إن مشروع قانون المالية حافظ على الامتيازات الضريبية للنخبة، معتبرا أنه، حتى النقاط الإيجابية التي جاء بها، مثل رسم المساهمة في صندوق التماسك الاجتماعي، ظلت خجولة ومنقوصة. التفاصيل في الحوار التالي: ما رأيك عموما في مشروع قانون المالية الجديد مقارنة مع القوانين السابقة؟بالنظر إلى الظرفية التي جاء فيها، فإن الانتظارات كانت كبيرة، مرتبطة أساسا بنقطتين، تتعلق الأولى باعتبار القانون المالي المقبل سيكون ترجمة لاختيارات الحكومة على جميع الأصعدة، فيما ترتبط الثانية بسنة الأزمة التي عشناها، والانتظارات كانت حول كيفية تعامل قانون المالية مع هذه الظروف.بالنسبة إلى النقطة الأولى، فلا أرى أن مشروع قانون المالية يقدم ترجمة واضحة لاختيارات الأحزاب المشكلة للحكومة، والتي كانت لطالما تتحدث عنها، مثل محاربة اقتصاد الريع وسياسة تقليص الفروقات الاجتماعية، أو الإصلاحات الكبرى المتعلقة بصندوق المقاصة أو صناديق التقاعد. وبدل ذلك، نرى أنه يتم الحديث عن العموميات، مثل الحفاظ أو الرجوع إلى التوازنات الماكرو اقتصادية، وتظهر سياسة الحكومة الحالية أنها امتداد للسياسات السابقة. أنا لا أراها حكومة إسلامية، بل مكونة من أحزاب نيو ليبرالية، وبالتالي، لا يمكن أن يكون لها توجه اقتصادي مختلف عن التوجهات السابقة المبنية على العولمة الاقتصادية وليبرالية السوق. ما تقييمك للإجراءات الجبائية الجديدة التي جاء بها مشروع قانون المالية؟تضمن مشروع قانون المالية الجديد إجراءات جبائية متعددة، لكن ما يلفت الانتباه عند قراءة تسلسل هذه الإجراءات، هو طلب الحكومة من البرلمان التمديد للإجراءات السابقة المتخذة قبل سنوات، والتي من المفترض أن ينتهي العمل بها في 31 دجنبر المقبل. ويتعلق الأمر، في الحقيقة، بامتيازات ضريبية أعطتها الحكومة السابقة، في جلها، لفئة معينة. وإذا كان مشروع قانون المالية، كما يقال، تفعيل لروح الدستور الذي يطالب بالمسؤولية والمحاسبة، فلماذا تقوم الحكومة الحالية بتمديد هذه الإجراءات الجبائية دون أن تقدم، على الأقل، حصيلة للأثار الإيجابية المفترضة لهذه الامتيازات السابقة، على رفع المداخل الضريبية، والانعاش الاقتصادي...؟ وبناء على هذه الحصيلة والنتائج المحققة يمكن طلب التمديد أو لا، لأن الكثير من الامتيازات الضريبية فصلت على مقاس شركات وجهات معينة. أنا لست ضد التمديد بشكل مطلق، لكن يجب تقييم نتائج هذه الإجراءات الضريبية أولا. وفي ما يتعلق بباقي الإجراءات الأخرى، خصوصا رسم المساهمة في صندوق التماسك الإجتماعي؟هذا إجراء يذهب في الطريق الصحيح، ويجب دعمه. وهو اعتراف ضمني بالأخطاء التي قامت بها الحكومات السابقة، التي خفضت الأسعار الضريبية العليا، وكان ذلك خطأ كبيرا، لأنه كان هدية مجانية دون أي تأثير اقتصادي يذكر، إذ قلصت الدولة من مداخيلها في وقت هي في أشد الحاجة إليها. لكنني أستغرب موقف بعض «النخبة» في الصالونات التي تتحدث عن أهمية التضامن، والآن تراهم ينتفضون ضد هذا الإجراء، الذي يهم أصحاب الأجور الشهرية التي تتعدى 25 ألف درهم، وهم ليسوا طبقة متوسطة طبعا، فالمندوبية السامية للتخطيط حددت في تقريرها، وإن كنت لا أعتبره دقيقا بشكل كبير، الطبقة الوسطى في أصحاب الدخل الشهري الذي يتراوح ما بين 3 آلاف و 6.5 آلاف درهم شهريا، وهو الرقم الذي يظل بعيدا جدا عن 25 ألف درهم، الحد الأدنى للأجور التي فرض عليها مشروع القانون المساهمة، وهي بالمناسبة تكون فقط عن الجزء الذي يفوق هذا السقف، بنسبة 3 في المائة للأجور ما بين 25 ألف درهم و50 ألف درهم، و5 في المائة، للذين تتجاوز مداخيلهم 50 ألف درهم.أن ينتفض أرباب العمل بعنف ضد هذا القرار أمر ينسجم مع مواقفهم، لكن أن تأتي المعارضة من الأحزاب أو أشخاص ينادون بالتضامن، فهذا أمر غير مفهوم. وإن كنت مقتنعا بأهمية هذا الإجراء، فإن لي مؤاخذات كثيرة عليه، وأرى أن الإعلان عنه جاء «خجولا». إذ يجب تعويض أخطاء الماضي وإعادة النظر في الجدول الضريبي، فنحن نحتاج إلى إصلاح حقيقي للضريبة على الدخل، سواء على صعيد القاعدة الضريبية، وأيضا شريحة الأسعار الضريبية، في اتجاه رفع تلك التي تهم الطبقة العليا، وتخفيضها للمتوسطة والدنيا. هناك نقطة أخرى متعلقة بالضريبة على أرباح الأراضي غير المبنية، هذه أراها مأساة حقيقية، ففي مدننا نرى الكثير من الأراضي غير المبنية في انتظار المضاربات العقارية، وأن تخضع لرسم ضريبي حدد في 20 في المائة أمر غير معقول، ورفعه إلى 30 في المائة كذلك ليس منطقيا، فالمطلوب هو مساواة الأرباح على العقار بباقي المداخيل، في ما يتعلق بالرسوم الضريبية، فلا يمكن مثلا أن يؤدي البقال الذي يعمل ضريبة تفوق 35 في المائة ومضارب عقاري لا يفعل أي شيء 30 في المائة فقط. ما يؤسفنا حقا أنهم مدركون ومستشعرون لحجم الحيف، لكنهم يكتفون باتخاذ ربع خطوة.أما بالنسبة إلى الرسوم الخاصة الجديدة، فأراها كمن يضع المحراث أمام الثور. فمثلا، الضريبة على الرمل جاءت منقوصة لأن القطاع يحتاج بأكمله إلى الإصلاح، وفي إطاره يتم إحداث ضريبة جديدة. لكن الآن فالقطاع ما زال بعيدا عن الإصلاح، ومن سيدفع الثمن هو المستهلك. فإذا كان الهدف هو خدمة المستهلك العادي ومساعدة الطبقة الوسطى وتشجيع السكن الاجتماعي، فإن المنظومة الحالية وميزان القوة في السوق هو لصالح المنعش العقاري. أجرت الحوار: صفاء النوينو

مشروع قانون المالية لم يترجم شعارات الحكومة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة رسوم جديدة على البلاستيك وحديد البناء والرمال

عفو جبائي عن المتأخرين في أداء الضريبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات