مونولوغ الإصلاح القضائي

ليس من حق وزير العدل أن يشطب كل المشاريع الإصلاحية التي سبقته بجرة موقف النقابة الديمقراطية للعدل مما يسمى بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة يتحدد عبر مستويين، مستوى منهجي عام يرتبط بمرجعية الحوار ومنهجيته ومستوى ذاتي خصوصي يرتبط بحيثيات الإقصاء الشوفيني الذي تعرضت له هيأة كتابة الضبط .في المستوى المنهجي والمرجعي نعتبر انه لم يكن من حق وزير العدل أن يشطب كل المشاريع الإصلاحية التي سبقته جرة قلم ولمجرد إرضاء الرغبة في تحقيق مجد شخصي، فحين دخل مصطفى الرميد مكتبه لأول مرة كوزير للعدل بالطابق الثالث لقصر المأمونية وجد فوق مكتبه أرشيفا كاملا من مشاريع الإصلاح القضائي. ونتذكر جميعا انه في 23 دجنبر 2008 استقبل جلالة بشكل رسمي وزير العدل آنذاك عبد الواحد الراضي وتسلم منه مشروع مخطط متكامل لإصلاح القضاء تمت صياغته بعد استشارة أكثر من 100 منظمة وهيأة وجمعية ...وبعدها جاء الخطاب الملكي ل 20 غشت 2009 ووضع برنامجا دقيقا للإصلاح القضائي بالأهداف والمحاور، وهو الخطاب الذي شكل مرجعية لبرنامج إصلاحي كبير اشتغل عليه المرحوم الطيب الناصري منذ بداية 2010 وتوج بإعداد حوالي 20 مشروع قانون تمت إحالتها على الأمانة العامة للحكومة...الا يحق لنا أن نتساءل أين ذهبت كل هذه المشاريع ؟ أين ذهب كل المجهود وكل الوقت والموارد التي بذلت فيها؟ الم يكن حريا بوزير العدل قبل أن يشطب كل تلك المشاريع ويلغيها بجرة قلم أن يوضح للرأي العام ما وجه القصور والخلل فيها ؟ نحن لا نقول أبدا أن تلك المشاريع كانت كاملة ولسنا أبدا ضد المزيد من الإصلاح، لكن من باب الاستمرارية والتراكم ومن باب المسؤولية وانطلاقا من واقع إننا شركاء في القطاع وإننا واكبنا صيرورة الإصلاح مطالبة واحتجاجا وحوارا واقتراحا من حقنا أن نتساءل ما الذي حدث ؟ أيجب أن نبدأ من الصفر كلما حل وزير جديد بالوزارة ؟ هذا لا يحدث في أي قطاع آخر.ومن جهة أخرى لا حظنا أن وزارة العدل أعدت في بداية الحوار ورقة حول منهجية الحوار وأهدافه، ثم قامت بإرسالها إلى كل الشركاء والفاعلين من أجل إبداء الرأي واقتراح المناسب بشأنها . لكن الذي حدث بعد ذلك هو أن الورقة بقيت على حالها دون أدنى تعديل رغم تلقي الوزارة سيلا من الملاحظات والمؤاخذات بشأنها، وهذا أمر لا يطمئن لأنه ينذر منذ البداية أن الأشياء جاهزة وان الحوار شكلي فقط.على المستوى الذاتي الخاص وباعتبار تمثيليتنا لهيأة كتابة الضبط نعتبر ان إقصاء الهيأة من التمثيلية داخل الهيأة العليا للحوار شكل إهانة صادمة لحوالي 15000 موظف بقطاع العدل ، مع العلم أن موظفي كتابة الضبط يشكلون 80 في المائة من الموارد البشرية لوزارة العدل ويقومون بأكثر من 70 في المائة من العمل القضائي. وقد كان قرار إقصاء كتابة الضبط متعمدا وتحكمت فيه عقلية الاستعلاء الفئوي من جهة والحسابات الحزبوية لدى الوزير من جهة ثانية. وقد كان موقفنا منذ لحظة إقصائنا أن أعلنا عن وقفات احتجاجية في كل المحاكم سميناها صرخة كتابة الضبط وبعدها أعلنا مقاطعتنا للندوات الجهوية للحوار في إطار لجنة إدارة الحوار..ثم بعد ذلك بعثنا رسالة مفتوحة لأعضاء الهيأة العليا نبهناهم فيها إلى خطورة التمادي في إقصاء هيأة كتابة الضبط...للأسف كل هذه المبادرات ظلت دون جواب .وهو ما حتم علينا تحمل مسؤولياتنا والمرور إلى الاحتجاج الميداني التصاعدي..والذي لن يتوقف وسيتخذ إشكالا ستفاجأ أباطرة الإقصاء ما لم يكن هناك حوار جدي نحصل من خلاله على ضمانات بحفظ المصالح والكرامة المهنية لهيأة كتابة الضبط، فالذي يناقش في إطار الإصلاح 90 في المائة منه يهم كتابة الضبط ولا يمكن أبدا أن يمر دون إشراكها ولن نسمح لغيرنا أن يقرر في مستقبلنا، وإذا كان هناك من يعتقد أن بإمكانه أن يفرض الأمر الواقع بلغة القمع والإقصاء والتجويع على كتابة الضبط فنخشى أن نخيب ظنه لأننا عازمون على حفظ كرامة ومصالح هيأة كتابة الضبط حتى آخر المشوار. عبد الرحمان السحمودي: عضو المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل

مونولوغ الإصلاح القضائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخبراء القضائيون وإصلاح العدالة

نقابة المحامين بالمغرب تقيم الحوار الوطني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات