المبادرة الوطنية للتنمية البشرية… سنة الافتحاص

مشاريع وافقت عليها السلطات المحلية حادت عن طبيعتها الاجتماعية كان انطلاق عملية افتحاص مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال العام الجاري مفاجأة لكثير من جمعيات المجتمع المدني التي استفادت من الأموال العمومية. إذ اعتقد كثير من رؤساء الجمعيات التي خلقت في وقت قياسي بعد الإعلان عن المبادرة سنة 2005، بتشجيع من السلطات أن الأموال الممنوحة لن تخضع لأي متابعة أو افتحاص من طرف الأجهزة المختصة. ورغم أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت لتعبر عن رغبة ملكية في محاربة الفقر والهشاشة وإدماج الفقراء في الدورة الاقتصادية، والنهوض بوضعية المرأة عبر خلق مشاريع تنموية تمكن الفئات الأكثر فقرا من تحقيق حد أدنى من الموارد اللازمة للعيش، فإن كثيرا من مشاريع المبادرة التي وافقت عليها السلطات المحلية حادت عن هذه الفلسفة ذات الطبيعة الاجتماعية، وأصرت على التمسك بمساطر قانونية جامدة أفرزت كثيرا من المشاريع العاجزة عن تحقيق أبسط الاهداف التي جاءت من أجلها المبادرة، بل هناك بعض المشاريع التي كانت نتيجتها إهدار المال العام.وتروم المبادرة، حسب القائمين عليها، تقليص نسبة الفقر، ومحاربة الهشاشة والتهميش، والإقصاء الاجتماعي عبر دعم الأنشطة المدرة للدخل وتنمية القدرات وتحسين وضعية الولوج إلى الخدمات والتجهيزات الأساسية من تعليم وصحة وبنيات تحتية، إضافة إلى دعم الأشخاص في وضعية هشاشة قصوى.وتمكن المبادرة كذلك من إذكاء دينامية للتنمية البشرية متناغمة مع أهداف الألفية، عبر تركيزها على مبادئ احترام كرامة الإنسانوحماية وتعزيز حقوق المرأة والطفل، وبث الثقة في المستقبل لدى المواطن، وإشراك وإدماج المواطنين في المسلسل الاقتصادي.ولتحقيق أهدافها تعتمد المبادرة على مقاربة غير متمركزة تحترم مبادئ المشاركة والتخطيط الإستراتيجي والشراكة والتناغم والحكامة الجيدة.وأضاف البنك الدولي الذي يراقب مشاريع التنمية في العالم أن المبادرة مكنت من تقليص معدلات الفقر إلى حوالي 14 في المائة في المناطق القروية التي تعتبر من المناطق الأكثر هشاشة في المغرب، وحققت برامجها تحسنا في مستوى معيشة السكان في نحو 700 قرية، من خلال المشاريع المدرة للدخل وبرامج تعليم الفتاة القروية والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.وبخصوص حصيلة المبادرة إلى حدود شهر نونبر 2009 أوضحت مصادر مطلعة أنه تم إنجاز حوالي 19 ألفا و618 مشروعا باستثمار إجمالي بلغ 11.13 مليار درهم، استفاد منها أربعة ملايين و802 ألف و520 شخصا. هذه المشاريع موزعة بين 6110 مشاريع في الوسط القروي، استفاد منها مليون و508 آلاف و750 شخصا، فيما بلغ عدد المستفيدين من 3606 مشاريع في الوسط الحضري مليونا و374 ألفا و57 شخصا .واستفاد من برنامج محاربة الهشاشة 1866 مشروعا، أي ما مجموعه 466 ألفا و500 شخص، بتكلفة وصلت إلى 2373 مليون درهم، فيما استفاد من مشاريع البرنامج الأفقي، وعددها 2373 مشروعا، مليون و366 ألفا و120 مستفيدا بتكلفة بلغت 3392 مليون درهم.وتعاني المبادرة صعوبات تتعلق على الخصوص، بديمومة المشاريع والتنسيق مع المصالح الخارجية، وتأهيل الموارد البشرية والتكوين والتواصل مع السكان، والنسيج الجمعوي المحلي. ومن أجل تجاوز هذه الصعوبات يتم التركيز على تحسين تركيبة المشاريع، وإعداد دراسات ترتكز على نقط الضعف المسجلة المتمثلة في الديمومة والملاءمة بين البرمجة والميزانيات، وتعزيز التواصل عن قرب، لفائدة الجمعيات والمستفيدين وحاملي المشاريع. ورغم الانتقادات الموجهة إلى المبادرة فإن تقارير البنك الدولي، تؤكد أن معدلات الفقر تراجعت في البوادي المغربية من 36 في المائة في 2001 الى 14 في المائة سنة 2007، إذ أصبحت الخدمات الأساسية كالماء الصالح للشرب والكهرباء والطرق والمدارس والخدمات الصحية متوفرة لعدد كبير من سكان البوادي من الذين كانوا محرومين منها قبل وجود المبادرة.وللتغلب على هذه الانتقادات أعادت المبادرة تشكيل اللجان الإقليمية والمحلية للتنمية البشرية، لتشجيع تمثيلية النساء والشباب على مستوى أجهزة الحكامة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. إذ انتقلت نسبة تمثيلية النساء من 9.59 في المائة إلى 15.07 في المائة، كما عرفت تمثيلية الشباب تحسنا ملحوظا، إذ ارتفعت إلى 6.88 في المائة، بدل 3.59 في المائة التي كان معمولا بها سابقا. إسماعيل روحي

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية… سنة الافتحاص

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صـراعات ومخـاض بالقطـاع الصحي

تتويج الفتح... الاستثناء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات