سنة حقوقية بيضاء

استمرار الانتهاكات وتردد واضح في طي صفحة الماضي سنة حقوقية بيضاء، هذا ما انتهت إليه مختلف المنظمات الحقوقية، التي تستعد للإعلان عن تقاريرها الحقوقية السنوية. حالة المد والجزر التي يعرفها المشهد الحقوقي أعادت طرح السؤال حول مدى صدق الطرح القائل بأن المغرب طوى صفحة ماضي المحاكمات السياسية، والاعتقالات خارج إطار القانون، والتضييق على حرية التعبير والتنظيم.إكراهات داخلية واخرى خارجية، جعلت المغرب يبدو في سنة 2010 بمظهر المتردد في القطع مع ممارسات الماضي، والالتزام بكونية حقوق الإنسان، في ظل عدم مصادقته على بعض الاتفاقيات الدولية، كتلك المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، والاتفاقية المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، ومعاهدة القضاء على الاختفاء القسري، ورفع جميع اشكال التمييز ضد المرأة، فضلا عن استمرار الانتهاكات المتعلقة بحرية الرأي، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.لا تتردد العديد من المنظمات الحقوقية في التأكيد على أن المغرب يعرف تراجعا في بعض مجالات حقوق الإنسان، وأن محاكمات الرأي تعددت هذه السنة، وتخص بالذكر في هذا الصدد محاكمة خلية بليرج ووجوه من جماعة العدل والإحسان المحظورة، ما جعل فعاليات حقوقية ومدنية، وعلى رأسها المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف تعتبر أن صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم تطو بعد، في ظل استمرار اتساع الهوة بين الخطاب الرسمي حول حقوق الإنسان وواقعها اليومي.انتهاك حرية الصحافة والتعبير، عبر عنه مسلسل منع بعض الصحف من الصدور، ومحاكمات عدد من الصحافيين والمداهمة الأمنية لبعض الجرائد، فكان من اللازم العمل على فتح صفحة جديدة لإرساء أسس التفاهم بين الدولة أو المجتمع وباقي وسائل الإعلام، وهو ما ترجمه الحوار الوطني المفتوح حول الإعلام، والذي لم يصدر « كتابه الأخضر» بعد. يضاف إلى ذلك استمرار التضييق على الحق في التنظيم، من خلال إعادة إحياء المحاكمات السياسية،ـ وعودة شبح الاختطاف أو الاعتقال خارج القانون، كما يرى المنتدى والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة إلى تدهور أوضاع السجون نتيجة استمرارالنزعة الأمنية بها،كل ذلك يجعل المغرب يراوح مكانه في المجال الحقوقي، رغم الطفرة النوعية التي عرفها في العشرية الأخيرة من خلال تنصيب هيأة الإنصاف والمصالحة وإصدارها لتقريرها الختامي، والذي انتهى إلى تبني توصيات ما تزال تنتظر تفعيلها على أرض الواقع.المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي تحمل عبء أجرأة هذه التوصيات، ينظر إلى حصيلة عمله بعين الرضا، عكس باقي المنظمات الحقوقية، فالتعويضات وجبر الضرر والتغطية الصحية هي مجمل ما تحقق لحد الآن، أما باقي التوصيات المتعلقة بملاءمة التشريعات الوطنية، والحكامة الأمنية، وتفعيل إجراءات أخرى موازية لتكريس ثقافة حقوق الإنسان في الدولة والمجتمع، فتنتظر تفعيلها على مستوى البرلمان والحكومة معا.أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فتعرف بدورها تراجعا مستمرا، من خلال الزيادات المتتالية في الأسعار في ظل جمود الأجور، وتوقف مسلسل الحوار الاجتماعي، وهو ما عبرت عنه سلسلة الاضرابات التي لم ينج منها أي قطاع عمومي، كالتعليم والعدل والصحة، إضافة إلى استمرار الخروقات التي تمس مدونة الشغل وتجريم العمل النقابي والتضييق على الحريات النقابية واستمرار العمل بالفصل 288 من القانون الجنائي، وحظر الاضراب في عدد من القطاعات كالنسيج والبناء والفلاحة، واستمرار انعدام الحماية الاجتماعية في عدد من القطاعات الانتاجية، وارتفاع حجم التسريحات الجماعية بها.من جهة أخرى، ورغم إعلان الملك رفع جميع التحفظات التي يضعها المغرب على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ترى الجمعيات الحقوقية أن غياب أجرأة حقيقية لها على مستوى الواقع ، يكرس واقع التمييز ضد المرأة المغربية، وعدم توفير شروط تكافؤ الفرص بين الجنسين. رشيد باحة

سنة حقوقية بيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفيضانات عرت هشاشة البنيات التحتية

غلاب ينتصر على إضرابات هددت بـ "انتفاضة الخبز"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات