التعليم…”الراعي والمدرسة”

حصيلة نصفي الكأس في قطاع التعليم والتربية النصف الفارغ في كأس قطاع التعليم للسنة التي تودعنا بمآسيها وأفراحها، يتجلى في استمرار الملف المطلبي نفسه للسنوات السابقة، واستمرار تجاهل أهم نقاطه، إذ مازالت "ميكروفونات" النقابات تردد الشعارات نفسها، وترفع الاستنكارات ذاتها، وتخرج ببرامج نضالية تهز الأرض احتجاجا وتهدد باختراق جدران لامبالاة أو عجز الوزارة الوصية عن تحقيق هذه المطالب السهلة /الممتنعة. فهذه الترقية الاستثنائية وتلك التعويضات والاحتقان في عدة مناطق خاصة الجنوب الشرقي، وتصعيد المديرين وكذلك المفتشين، هذا في ما يخص النقابات التي ابتكرت عدة طرق للاحتجاج إلا أنها لم تجد الآذان المصغية، ومازالت ملفاتها تفتح وتطوى دون أن تحقق ما تعتبره الحد الأدنى. أما فئة التلاميذ وجمعيات آبائهم وأوليائهم، فمازالت لم تتخلص بعد من دهشة استمرار عجز الوزارة الوصية عن احتواء مشكل الخصاص المفجع في الموارد البشرية، والتدبير السيئ لهذا الملف، إذ لجأت كل أكاديمية إلى طريقتها الخاصة لطي ملف يسقط الوزارة في شر التناقض، خاصة عندما تعلن وتشهر عدة برامج ومشاريع تهدف إلى محاربة الهدر المدرسي، وتبذل مجهودات كبيرة كي تقلص على الأقل نسبته، إلا أنها تغفل أنها تساهم فيه بطريقة غير مباشرة، من خلال الاختلالات التي يعرفها تدبير ملف الخصاص في الموارد البشرية، وهو ملف يتوارثه الوزراء المتعاقبون، ويعد كل واحد منهم يجلس على الكرسي بحله، لكن عصى موسى تخونه، فيعيد طي ثناياه من جديد ليضعه في درج الموروثات التي تنتظر اللاحقين.أما مشكل الاكتظاظ فهو حتما النتيجة الطبيعية والحتمية لمشكل الخصاص، سواء في الموارد البشرية أو التجهيزات والبنايات، ويمكن القول إنه جاء الوقت الذي عشنا فيه قصة "الراعي والمدرسة" بطريقة مختلفة، إذ تحول نصف التلاميذ إلى رعاة يتابعون الدرس من النافذة. وهو ما يتجلى في الصور القبيحة التي تصلنا من المناطق النائية والتي نرى فيها أربعة تلاميذ يزاحمون بعضهم البعض في مقعد واحد، ما يدفع بعضهم إلى المغادرة عوض هذا "التعذيب" اليومي.وإن كانت السنة الماضية سنة الحديث عن لا "عدالة تعليمية"، وعن عدم تكافؤ الفرص بين جميع تلاميذ المغرب وعدم تمتعهم بحق المساواة في تعليم واحد، إذ كان تلاميذ المدن الكبرى ينعمون بتعليم أكثر جودة منه في مدارس القرى والمناطق النائية الذين لا يحظون حتى بفرصة رؤية الأستاذ، فبالأحرى قراءة مضمون الكتاب المدرسي، فإن الوزارة سعت هذه السنة (2010) إلى إرساء قواعد المساواة بين الجميع، لكن ليس في مضامين الكتب المدرسية والأهداف التربوية وتوفير الشروط الملائمة لتعليم جيد في ظروف جيدة، بل سعت جاهدة إلى أن تلحق تلاميذ المدن أيضا بالجحيم نفسه الذي كان يعيشه أبناء القرى والبوادي، ولذلك خرج هذه السنة تلاميذ مئات المؤسسات التعليمية في المدن للاحتجاج، ورفعوا ملفات مطلبية هي في الأساس حق طبيعي لا يجب أن يكون موضوع حوار أو مناقشة. النصف المملوء من الكأس في قطاع التربية والتعليم تجلى أساسا في تفعيل عدد من برامج المخطط الاستعجالي، وعلى الخصوص التكوين المستمر لجميع الأساتذة في جميع الأسلاك التعليمية وفي جميع المواد والتخصصات، وأيضا تعميم تجربة بيداغوجيا الإدماج على جميع الأكاديميات على مستوى السلك الابتدائي والشروع في تجريبها على مستوى السلك الإعدادي، وكذلك إطلاق مشروع الارتقاء بالتربية البدنية والرياضة المدرسية من خلال تأهيل الفضاءات الرياضية بالمؤسسات التعليمية وتجهيزها وتكوين العنصر البشري في إطارها، والدعم الاجتماعي المعبر عنه أساسا في استمرار مبادرة "مليون محفظة" ومشروع "تيسير" الذي شجع التعليم في أوساط الفقراء، خاصة الفئات التي كانت تحرم أبناءها من التعليم بسبب ضيق ذات اليد، والنقل المدرسي والزي المدرسي وتأهيل بعض المؤسسات وإصلاح البناء والتجهيز، وهي كلها مشاريع يجب الإقرار بأهميتها وبحصيلتها لهذه السنة، لكن شريطة ألا تفرغ محتواها الإيجابي في السلبيات التي تؤثث القطاع. ضحى زين الدين

التعليم…”الراعي والمدرسة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السنة الثالثة من تجربة استقلال السجون

الفيضانات عرت هشاشة البنيات التحتية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات