أغلب المستفيدين بمراكش نساء

غياب دراسة مدققة لتأثير القروض وانعكاساتها على المستفيدين والنماذج الناجحة قليلة تعتبر سنة 1993 بداية للقروض الصغرى بالمغرب، في حين أن الانطلاقة الفعلية لم تكن إلا بعد ذلك بسنوات، ويجمع كل من التقتهم «الصباح» أنه يصعب الحديث عن تقييم دقيق للتجربة بسبب قلة الدراسات حول انعكاسات هذه القروض، ما يصعب معه معرفة ما إذا كانت الأهداف الحقيقية للسلفات الصغرى، أي محاربة الفقر وتحسين شروط عيش الفئات المهمشة، قد تحققت فعلا على أرض الواقع، أم أنها هذه السلفات استعملت في أغراض أخرى. ففي مدينة مراكش تلجأ مجموعة من النساء إلى التحايل للحصول على القروض الصغرى في إطار المجموعات المتضامنة بتقديمها لمشاريع وهمية، تستغل أغلبها في الاستهلاك اليومي للحاجيات المنزلية الأمر الذي يجعل بعض المستفيدات عاجزات عن تسديد هذه القروض التي تتخبط بعض شركاتها في مشاكل كبيرة جدا، ففي حي القصبة، والمسيرات، وسيدي يوسف بن علي، ولمحاميد، ودوار الظلام، ودوار إزيكي، والزاوية العباسية بالمدينة العتيقة تلجأ بعض النساء إلى تكوين مجموعات متضامنة تقودها امرأة حرفية، فيما بقية النساء يستفدن من القروض لمواجهة صعوبات الحياة المعيشية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الأهداف الحقيقية للقروض الصغرى، إلى جانب شيوع موجة الاقتراض من أكثر من مؤسسة، أو ما يصطلح عليه ب « الاقتراض المتداخل» الذي كان من العوامل الرئيسة في تقويض قدرة الزبناء على السداد، ما أثر بشكل واضح في مردودية مؤسسات السلفات الصغرى و استمراريتها، إضافة إلى أن الزبناء، لا يستغلون القروض الممنوحة لهم استغلالا مثمرا، لأن أغلبهم أميون يفتقرون إلى المهارة والخبرة.بالمقابل، يرى مصطفى بالوس، المدير الجهوي لمؤسسة سلف البركة للقروض الصغرى بجهة مراكش تانسيفت الحوز أن الهدف الأساسي للمؤسسة يسعى إلى نجاح مشاريع كل المستفيدين من القروض بالجهة، لكنه أقر، من جهة أخرى، بوجود بعض المتحايلين للاستفادة من القروض، والذين يتم ضبطهم عن طريق وكلاء المؤسسة الموجودين بالميدان الذين يكونون على معرفة بالمستفيدين، مضيفا أن نوعية المستفيدين من قروض المؤسسة بجهة مراكش تتنوع بين ذكور وإناث بشكل متساو، إذ أن الشرط الأساسي من الاستفادة من القروض الصغرى يظل هو السن، إذ يشترط أن يتعدى المستفيد 18 سنة، كما يجب أن يتوفر على مشروع مدر للدخل، وهذه كلها معايير يؤكد بالوس تخضع للدراسة والمراقبة الميدانية من طرف المؤسسة عن طريق مندوبيها.وتعتبر الصناعة التقليدية والتجارة من بين الأنشطة الأكثر استفادة من القروض الصغرى بمؤسسة سلف البركة بجهة مراكش تانسيفت الحوز، إلى جانب تربية الماشية بأحواز المدينة التي تتوفر المؤسسة على مكاتب بها، خاصة بأمزميز، وتملالت، وشيشاوة، والعطاوية وغيرها من المناطق، التي تتوفر على مناديب محليين يكونون على معرفة ودراية بالمستفيدين من القروض التي تمنحها المؤسسة.ويرى عديدون أن مجموعة من المستفيدين من القروض الصغرى يعمدون إلى التحايل عبر التظاهر بتوفرهم على مشروع مدر للدخل للحصول على القرض، لكن، بالمقابل، نجد مجموعة من النماذج الناجحة لمستفيدين من القروض استطاعوا تطوير مشاريعهم، وجعلها أكثر فعالية ومن بينها تجربة إحدى الأرامل التي فقدت زوجها الذي كان يمتلك محل خياطة، لتجد نفسها وأطفالها في مواجهة صعوبة الحياة، لتتوجه إلى مؤسسة سلف البركة للقروض الصغرى بمدينة مراكش، واستفادت من قرض، استطاعت به تطوير محلها، وتمكنت من فتح محل آخر، ما انعكس على مردودها ووضعها الاجتماعي، خاصة المستوى التعليمي لأحد أبنائها الذي أصبح يستفيد من دروس خاصة بالمنزل، إلى جانب المستوى المعيشي لأسرتها الذي تحسن بشكل كبير.بالمقابل يرى عدد من الفاعلين في القطاع حدوث انحرافات في فلسفة السلفات الصغرى وروحها و دخول مؤسسات القروض في منافسة شرسة لجلب الزبناء، ما أدى إلى انتشار موجة الاقتراض المتعدد، الذي أضر كثيرا بمردودية هذه المؤسسات وصورتها، كما حول حياة المستفيدين إلى جحيم يومي أجبر العديدين منهم على بيع أثاث منازلهم أو الفرار. و كل ما تفعله مؤسسات القروض الصغرى هو الاقتصار على نتائج أدائها المالي بقياس معدل الديون المتأخرة و نسبة استرداد القروض و تحديد عدد المقترضين وسرد حكايات منتقاة عن تجارب ناجحة لزبناء اقترضوا من هذه المؤسسات... كمؤشرات على نجاحها ووصولها إلى الأهداف المسطرة، دون الاهتمام بالشق الآخر من عملية الاقتراض، أي الأداء الاجتماعي، الذي يحدد مدى تحسن شروط حياة المستفيدين وأسرهم وتلبية حاجياتهم الأساسية عبر منحهم قروضا تتلاءم وهذه الحاجيات و كذا تقليص تعرضهم للمخاطر، إضافة إلى مدى توسيع نطاق القروض لتصل إلى الفئات الاجتماعية الأكثر تهميشا واستبعادا. إن «ما يثير اهتمام مؤسسات القروض الصغرى هو التركيز فقط على النقاط التي تجعلها متميزة مثل نسبة استرداد القروض و حقيبة المخاطر وعدد الزبناء من أجل البحث عن الجهات الممولة، فيما الأمور الأخرى تظل ثانوية» يقول مدير وكالة للقروض الصغرى(فضل هو الآخر عدم ذكر اسمه)، مضيفا أنه «منذ سنة 2000 حتى الآن لم تنجز دراسات حقيقية للوقوف على نقاط ضعف قطاع القروض الصغرى». وأعلنت الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى في أواخر سنة 2008 أن عدد المستفيدين من السلفات الصغرى بلغ حوالي مليون ومائتين وأربعين زبونا، وأن مبلغ القروض الممنوحة بلغ أزيد من خمسة مليارات درهم، في غياب مؤشرات حول وضعيات هؤلاء المستفيدين: كم نسبة الذين تحسنت مداخيلهم وشروط حياتهم على المستوى الفردي والأسري؟ وكم منهم ظلت مشاريعهم مستديمة دون تعثر؟ وكم في المقابل نسبة الذين فشلت مشاريعهم أولم تغير القروض الصغرى وضعياتهم الاجتماعية أو زادتها سوءا؟... نبيل الخافقي (مراكش)

أغلب المستفيدين بمراكش نساء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعية "مبادرة" بسوس تمنح قروضا دون فائدة أو ضمان

إستراتيجية لتطوير قطاع القروض

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات