عبيابة: الحكومة لا تتوفر على حلول للأزمة

المحلل السياسي أكد أن الذاتية الحزبية طغت على التدبير الحكومي يؤكد حسن عبيابة، رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات الاستراتيجية، أن الحكومة تواصل تثبيت الانتظارية السائدة، لأنها لم تقدم برنامجا قابلا للتنفيذ ، بل تعيش على إيقاع الشعارات والإعلان عن النوايا. ويقول إن الحكومة لا تتوفر على حلول للأزمة السائدة، ولا على برنامج عملي، مضيفا أن عددا من البرامج التي سبق أن أعلنت عنها الحكومة ظلت في حدود الشعارات، من ضمنها إصلاح صندوق المقاصة، وكذا مراجعة نظام التقاعد. قبل التطرق إلى القضايا الساخنة التي تواجه الحكومة الحالية، ما هي قراءتكم لنتائج الانتخابات الجزئية التي جرت في مدينتي طنجة ومراكش، وهل صحيح، كما تقول المعارضة، أن هذه النتائج أفرزت تراجعا في شعبية الحكومة، خاصة مكونها الأساسي العدالة والتنمية، أم أنها على العكس من ذلك كرست قوة هذا الحزب؟إن أي قراءة سياسية متأنية للنتائج التي أفرزتها الانتخابات الجزئية لرابع أكتوبر2012، تُشير إلى تراجع للأحزاب المكونة للحكومة، فيما كان الاتحاد الدستوري، الحزب الوحيد الذي حقق تقدما في هذه النتائج من خلال فوزه بمقعد برلماني، ليرتفع عدد نوابه إلى 24 نائبا برلمانيا. فقد حزب العدالة والتنمية مقعدا وتقلص عدد نوابه إلى 106 بدل 107، وكانت مشاركة أحزاب الإئتلاف الحكومة الأخرى متواضعا جدا، إذ أبانت عن تراجع كبير على مستوى قوتها الانتخابية.إن الانتخابات الجزئية تعتبر مؤشرا دالا لقياس حجم وشعبية القوى السياسية في البلد، ونحن نعرف أن استطلاعات الرأي التي تُعتمد في قياس شعبية المرشحين والأحزاب وحظوظها في الفوز في الانتخابات، لا تتعدى العينات التي ترتكز عليها بضع مئات من الأشخاص، فيما أن عينة الناخبين الذين صوتوا في الانتخابات الجزئية الأخيرة، تتعدى 30 ألف شخص، فهي إذن عينة وازنة وذات مصداقية . هناك إذن تراجع نسبي للعدالة والتنمية وتراجع كبير للأحزاب الأخرى المكونة للحكومة، فيما حقق الاتحاد الدستوري تقدما واضحا وتمكن من انتزاع مقعد نيابي بطنجة. لقد مُنيت أحزاب الأغلبية بفشل ذريع إذ لم يتجاوز بعضها سقف 500 صوت رغم أنها دخلت غمار الانتخابات بمرشحين وازنين، مما يعني أن المغاربة لم يصوتوا لفائدة أحزاب الأغلبية، ونتائج الانتخابات كانت مخجلة لهذه الهيئآت. هذه المؤشرات ينبغي أخذها بعين الاعتبار بالنسبة إلى المرحلة المقبلة، لأن الذي يُقيم المرحلة هو الناخب المغربي، والأخير لم يكرس مكانة أحزاب الأغلبية، والاستحقاقات المقبلة يمكن أن تغير الخريطة السياسية. ويمكن التأكيد على أن الاتحاد الدستوري ما يزال يحافظ على مكانة الريادة في الحقل السياسي، باعتباره حزبا وطنيا ساهم في تأسيسه وطنيون من عيار عبد المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي، وكرس توجهه الوطني في مراحل صعبة من تاريخ المغرب، خاصة في ظل الفترة التي فرض فيها على المغرب تطبيق برنامج التقويم الهيكلي. تواجه الحكومة الحالية إكراهات اجتماعية واقتصادية ناتجة أساسا عن تداعيات الأزمة العالمية، مما أدى إلى احتداد الأزمة التي من تجلياتها استمرار الحركات الاحتجاجية، واستفحال البطالة ، خاصة بطالة الخريجين، وتدني القدرة الشرائية للمواطنين، ما رأيكم؟الحكومة، مع الأسف، لم تستوعب المرحلة التاريخية التي يمر منها المغرب، ولم تلمس أبعاد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، بل طغت الذاتية الحزبية على التدبير الحكومي. كل الخرجات والتصريحات الإعلامية للعديد من أعضاء الحكومة تكاد تُركز على ما هو حزبي،أي الخلافات الحزبية، وتبادل التهم بين المعارضة والأغلبية، عوض تنفيذ البرنامج الحكومي،وعرض الحلول والبدائل للأزمة الاجتماعية والاقتصادية السائدة. هناك قطاعات شبه متوقفة أوغارقة في البوليميك السياسي مثل قطاع الشباب والرياضة والثقافة التي نسي العديد وجودها.هناك مشاكل متعددة... لم نلمس أية تدابير وإجراءات ملموسة، كل ما تم الإعلان عنه لم يتجاوز الشعارات والنوايا. الفاعلون والمحللون السياسيون والرأي العام لا يجدون أمامهم ما يقيموه كمنتوج سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي. نحن أمام مشاريع وبرامج من ورق...هناك هروب متواصل إلى الأمام، إذ أن تركيز الحكومة يقع على الحديث عن برامج ومخططات للسنوات المقبلة عوض معالجة القضايا الآنية، إن الحكومة تتحدث عن برامج سيتم تنفيذها خلال الأربع سنوات المقبلة، ما يكرس الانتظارية السائدة، والذي قد يكلف الحكومة ثمنا باهظا، لأن الإنسان لا يمكن أن ينتظر أكثر مما يُحتمل، وقد يغير المواطن نظرته في ستة أشهر إذا لم تظهر النتائج إلى العيان. لم تحدد الحكومة جدولة للقضايا الأساسية، فإصلاح صندوق المقاصة ما يزال في حدود الشعار ولا وجود له كبرنامج ومشروع واصح الملامح، وقد يستفحل وضع المقاصة في أي وقت إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة معضلة الدعم، وإذا استمرت الحكومة في تقديم حلول شعوبية غير قابلة للتطبيق، بل موجهة فقط للترويج الإعلامي. نظام التقاعد يطرح بدوره إشكالا كبيرا، ورغم ذلك لا توجد اقتراحات عملية، هناك تذبذب في عرض الحلول والبدائل وتطبيقها، والحكومة تتعلل بوجود دراسات، رغم أن الأمر لا يحتمل انتظارية أطول، لابد من استحضار تجارب الحكومات السابقة التي كانت تتحدث عن دراسات التي استغرقت زمنا معينا وأثبتت العديد منها في نهاية المطاف عدم جدواها. المخطط التشريعي لا يخضع لأية جدولة زمنية حقيقية. لا يبدو لي أن المصلحة العليا هي الطاغية بالنسبة إلى الرؤية الحكومية الموحدة، بل يلاحظ أن كل قطاع يشكل جزيرة منعزلة عن البرنامج الحكومي خاصة تلك التي لا يتولى شؤونها حزب العدالة والتنمية. هناك غياب الانسجام وهو ما ينعكس سلبا على نجاعة العمل الحكومي على مستوى تنزيل البرامج، وحتى على مستوى الشكل هناك من يتحدث عن تعديل حكومي وطرف يقول إنه أمرغير وارد، هذا التعارض الصارخ في المواقف والرؤى يعكس غياب الانسجام داخل مكونات الحكومة، وهو ما خلق البلبلة داخل وخارج الحكومة لأنه مع الأسف أصبحنا أمام واقع يقول إننا أمام حكومة أشخاص وأحزاب وليست حكومة دولة. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

عبيابة: الحكومة لا تتوفر على حلول للأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حكومة بنكيران تعجز عن تجاوز الشعارات

إدارة الأزمة... الملك يتحرك والحكومة تترقب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات