احتجاج القاضي… بين التأييد والرفض

قضاة النادي يعتبرونه كفيلا بتحقيق المطالب وباقي الجمعيات تشهر مبدأ واجب التحفظ هل للقاضي الحق في الاحتجاج؟ سؤال يفرض نفسه اليوم بعد أن نظم نادي قضاة المغرب يوم السبت الماضي وقفة احتجاجية أمام محكمة النقض، وما تلاها من رد ود فعل، كان أبرزها رد فعل وزارة العدل والحريات التي اعتبرت الشعارات المرددة مستهلكة، وأن محاربة الرشوة تتم من خلال الممارسة لا برفع الشعارات، كما عبرت جمعيات مهنية أخرى عن رفض هذا الأسلوب، معتبرة أنه يمس بهيبة القضاء وكرامة القاضي. قضاة النادي يعتبرون الاحتجاج حقا دستوريا كفله لهم دستور 2011 الذي نص في الفقرة الأولى من الفصل 111 على أنه « "للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية"، معتبرين أن خروجهم لتنظيم وقفة احتجاجية وقبلها حمل الشارة والتأخر عن دخول الجلسات، مرده إلى كون الأشكال الأخرى التي طبقت في السنوات الماضية من أجل بسط مطالب القضاة لم تؤت أكلها، ودليلهم في ذلك طلب تحسين وضعية الأجور الذي لم يبرح مكانه.ويؤكد قضاة النادي أنه لا يوجد في القانون ما يمنع القضاة من الاحتجاج، وأن هناك معطيات موضوعية تجعل الاحتجاج هو الوسيلة الكفيلة بتحقيق المطالب، فالدولة تحللت من جميع الالتزامات، وضربت بعرض الحائط خطاب 20 غشت، كما أنها لم تعمل على تنزيل الدستور بعد، وأبعدت المقاربة التشاركية.ويعتبر قضاة النادي أن هدفهم من الاحتجاج هو العمل على الدفع باستقلالية القضاء وجعله سلطة بالفعل كما نص على ذلك الدستور، وفي الوقت نفسه الدفاع عن مصالح القاضي حتى يكون في وضعية مادية ومعنوية مريحة تسمح له بالعمل في ظروف جيدة.الهدف نفسه تسعى باقي الجمعيات إلى تحقيقه، لكن الاختلاف في الوسيلة، فهي ترفض أن يخرج القاضي بوقاره وهيبته إلى الشارع للاحتجاج، أو يحمل الشارة شأنه شأن باقي النقابات، في ذلك الشطر الثاني من الفصل 111 من الدستور الذي نص على ضرورة احترام "واجب التحفظ" وما يقتضيه من التزام القاضي قولا وفعلا.وتعتبر بعض الجمعيات المهنية أن نادي قضاة المغرب يمارس آليات معروفة دوليا ووطنيا على أنها آليات نقابية (حمل الشارة، الوقفات الاحتجاجية، الإضراب... )وهذا هو سبب الخلاف الأساسي بينها وبين قضاة النادي، مضيفين أن القضاة يمثلون سلطة مستقلة لها من الآليات ما يخول إليها الحصول على مطالبها بأساليب تلائم وضعها، إذ أكدت بعض الجمعيات المهنية أنها في غنى عن تبني أساليب النقابات أو الأحزاب، فالدستور واضح وهو يمنع على القضاة الانتماء إلى حزب أو نقابة، وبالتالي يجب ألا تتبنى أساليب من قبيل حمل الشارة والإضراب التي تعتبر آليات نقابية.لكن قضاة النادي يطرحون سؤال الوسائل المتوفرة لدى القاضي للدفاع عن حقوقه ومطالبه في ظل عدم استجابة الدولة وعدم تنفيذ ما جاء في بعض الخطب الملكية؟الجواب حسب قضاة النادي يتمثل في النضال بأشكال مختلفة وغير مسبوقة، ويرون أنه لا يجب المزايدة عليهم بواجب التحفظ، فهذه كلمة فضفاضة وليس لها تعريف محدد، وبالتالي فلا علاقة بين واجب التحفظ والدفاع عن المطالب المشروعة بالوسائل المعروفة، مستندين في ذلك على تجارب بعض القضاة في دول عربية والذين لم يمنعهم واجب التحفظ من الخروج إلى الشارع من أجل الاحتجاج.الجمعيات المهنية الأخرى تقدم تصورا مختلفا لواجب التحفظ، فهو يقتضي التزام القاضي بالكف عن بعض الأقوال والأفعال التي يقوم بها «العامة»، احتراما لمكانته وللدور المنوط به، وحتى لا يخدش صورته لدى المتقاضين. اتفقت الجمعيات حول الهدف وهو الدفاع عن استقلال القاضي وتحسين وضعه المادي، لكنها اختلفت في الأسلوب، وهو ما ينذر باستمرار تفرقة الصف بين القضاة، ما يساهم في إضعاف السلطة القضائية أمام باقي السلط. الصديق بوكزول

احتجاج القاضي… بين التأييد والرفض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخلي: الوقفة تترجم دور الجمعيات المهنية في الدفاع عن الاستقلالية

3 أسئلة: الناصري: احتجاج القاضي في الشارع ببذلته يمس هيبة القضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات