صيدليات على الأرصفة تعرض أدوية بأثمنة مشبوهة

موسم التخفيضات يصل عالم الأدوية ومهاجرون أفارقة ينافسون المغاربة غالبا ما يقترن بيع الأدوية الطبية بالصيدليات، ولكن وجودها على أرصفة الشوارع بمدينة الدار البيضاء وبطلب من الزبائن، يعتبر أمرا غير عاد. "الصباح" التقت وتحدثت مع تجار هذه الأدوية الطبية، واتصلت بمجموعة من المختصين لمناقشة الموضوع.بين الدروب الضيقة لباب مراكش بالدار البيضاء، وفي أحد الأزقة المنزوية القريبة من مركز الشرطة، تسمر شباب استعانوا بأرصفة الشارع لعرض سلعتهم. منهم من اختار بيع الأدوات المستعملة، ومنهم من فضل عرض كتب قديمة، أما البعض الآخر فقد اختار بيع أدوية طبية لشركات مغربية وأخرى لشركات أجنبية، والمفاجأة أن أغلبيتها انتهت صلاحيتها وأخرى أوشكت على الانتهاء.من 60 إلى 10 دراهم "الرخى لله"الدقة والحرفية في وضع السلع تحلى بها أيضا بائعو الأدوية المستعملة، والحصول على مكان لجذب الزبائن كان همهم أيضا.بجرأة كبيرة يقول أحد باعة تلك الأدوية، وهو شاب في العشرينات من عمره رفض ذكر اسمه، (يقول) وهو يتباهى بسلعته التي يعتبرها نادرة، إن لسلعته زبائن مخلصين، ويضيف أنه يعرضها بطلب منهم "يأتيني بعض زبائني بلائحة لأسماء أدوية ويطلبون إحضارها، وهي إما منتجات مغربية أو حتى أجنبية"، مبررا موقفه، بالتأكيد على أنه يشتري تلك الأدوية ليبيعها لمن يريد ذلك "لا أفرض شراء سلعتي على أحد".وفي ما إذا كان بيع أدوية طبية انتهت مدة صلاحيتها يشكل خطرا على زبائنه، يوضح الشاب أن سلعته تبقى صالحة للاستعمال لمدة 6 أشهر بعد التاريخ المقرر على العلبة، مضيفا أنه لم يتوصل بشكاية من زبائنه تؤكد أن الأدوية تسببت لهم بأعراض جانبية.ما صرح به الشاب، أكده صيدلي بصيدلية "التوحيد" بحي السدري بمدينة الدار البيضاء، مضيفا أن الأدوية بالفعل تبقى صالحة حتى بعد انتهاء مدة صلاحيتها بـ6 أشهر، ولكن إذا خضعت لشروط معينة. وأشار في سياق حديثه مع "الصباح" أن الأدوية يجب أن تحفظ في الأماكن المناسبة لها، حتى يمكن أن تُستغل بعد انتهاء صلاحيتها. ونفى الصيدلي أن تخضع الأدوية الطبية المعروضة بالأسواق الشعبية وعلى أرصفة الشارع، لشروط الحفظ والتبريد، وأضاف أن تعرضها لأشعة الشمس والغبار والرياح وغير ذلك، يشكل خطرا على صحة مستعمليها، فقد تتحول إلى سموم. "شروط كثيرة يجب أن تحترم، وإذا اختل شرط واحد تعود بالسلب على مستعملها"، قال المتحدث منبها إلى تجنب الاحتفاظ بالأدوية بعد انتهاء صلاحيتها، تفاديا لإعادة استعمالها.ومن جانبه يقول علي لطفي، المنسق الوطني للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، إن الاستمرار في استعمال واستهلاك أدوية منتهية الصلاحية، ناتج عن عدم تدميرها بالمستشفيات والمراكز الصحية العمومية ومصحات القطاع الخاص التي "تظل في غالب الأحيان بعيدة عن المراقبة" بحسب ما جاء على لسانه.إقبال لا بأس به يعرفه هذا النوع من الأدوية، والسبب بحسب ما صرح به البائع هو ثمنها المناسب " يعاني الكثير من مرضى الأمراض المستعصية مع مشكل كبير متعلق بارتفاع تكلفة الأدوية" واسترسل قائلا:"التجارة في الأدوية المستعملة تخفف من الضغط الكبير الذي يعرفه المغاربة بسبب ارتفاع تكلفة الأدوية، كما تساعد المرضى في الحصول عليها"، موضحا أن الأدوية التي يبلغ ثمنها 60 درهما يوفرها بـ10 دراهم فقط. الأزمة والتسول والتهريب مصادر تلك الأدويةعند الوقوف على طبيعة الأدوية الطبية المستعملة التي يعرضها الشاب، يتضح أنها تتضمن أدوية تعرف إقبالا كبير عند المغاربة، كمسكنات الألم ومراهم أمراض الروماتيزم، وأخرى تخص المضادات الحيوية. وفي المقابل، يؤكد الشاب أن الأدوية لشركات أجنبية تعرف إقبالا كبيرا "زبائن هذه الأدوية يؤمنون بأن الأدوية الأجنبية أكثر فعالية، هذا ما يجعل الإقبال عليها وطلبها مرتفعا بالمقارنة مع الأدوية المحلية".وعن مصدر تلك الأدوية أشار علي لطفي، المنسق الوطني للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، إلى إشكالية تهريبها إلى جانب مستحضرات التجميل الفاسدة من طرف لوبيات التهريب "التي أضحت تتاجر في هذه المواد بجانب المواد الغذائية، بالرغم من رداءتها وعدم مطابقتها للمعايير وللمواصفات الدولية والعلمية" حسب ما صرح به المتحدث. وأضاف لطفي في حديثه مع "الصباح" أن السوق المغربي، وخاصة في مناطق الحدود، مليئ بالعقاقير والأدوية المزيفة من مصدرها الأصلي، ويسترسل قائلا:" لا أحد يعلم ما إذا كانت تلك الأدوية المهربة خاضعة للمقاييس الدولية الصحية في ما يخص طريقة التركيب والمواد المستعملة بها، وحتى تاريخ إنتاجها، باعتبار أن تركيبة هذه الأدوية حساسة ومعقدة وتتطلب دقة كبيرة في تحضيرها لتستجيب للمواصفات التي تلزمها بها وزارة الصحة، بالإضافة إلى أنها لم تخضع للمراقبة والتحاليل لمعرفة مدى صلاحيتها ونجاعتها".وفي سياق متصل، قال كمال بلحاج السلامي، رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابة الصيادلة المغاربة، إن العالم بأسره يشتكي من مشكل تهريب الأدوية الفاسدة ليس المغرب فقط، ويضيف أن هناك مافيا عالمية تعمل على ذلك مستغلة الظروف التي يعيشها كل بلد على حدة لترويج سلعتها الفاسدة.وأشار المتحدث في حديثه مع «الصباح» أنه يتم صنع أدوية طبية بطريقة لا يمكن لمتخصص أن يكتشفها، إذا لم تستعمل التقنيات الحديثة «لا يمكن للصيدلي أو الشركات المصنعة في المغرب أو التعاضديات أن تكشف الأمر.»وحذر بلحاج من وضع كل الثقة في الأدوية، سواء المصنعة في طرف شركات مغربية أو حتى التي تدخل للمغرب بطرق شرعية أو غير ذلك، واسترسل قائلا:"كل الأدوية يجب أن يشك في جودتها".بالإضافة إلى مشكل التهريب، ظهر في السنوات الاخيرة ما يعرف بـ"تسول الأدوية"، وذلك بحسب ما صرح به بائع الأدوية الطبية بباب مراكش بالدار البيضاء، الذي أكد على ظهور مجموعة من الأشخاص يتكلفون بجمع الأدوية، أو بصورة أدق تسولها، مدعين أن أحد أقربائه يحتاجها، في الوقت الذي عجز عن توفيرها. في المقابل، أكد المتحدث أن بعض الأدوية يتم اقتناؤها من مهاجرين بالديار الإيطالية أو الإسبانية "بما أن بعض الأدوية تمنح بالمجان للمواطنين بالدول الأوربية، فالكثير من المغاربة القاطنين بالديار الاسبانية والايطالية يستغلون الأمر ويأتون بها إلى المغرب لبيعها بثمن بسيط"، قال المتحدث قبل أن يضيف إن الأزمة الاقتصادية التي يعرفها العالم أثرت بشكل كبير على الجالية المغربية أشياء متعددة.ومن بين أيضا ما صرح بها علي لطفي، المنسق الوطني للشبكة المغربية للدفاع عن حق في الصحة، أنه بالمغرب توجد محلات سرية تعمل على إنتاج أدوية فاسدة ولا تحترم معايير السلامة، وتعمل على بيعها بطرق غير شرعية. وهذا ما نفاه كمال بلحاج السلامي، واستبعد فكرة تصنيع الأدوية من طرف أشخاص عاديين، ذلك لان الأمر صعب كما يصفه ، مرجحا بأن يكون علي لطفي قد قصد في كلامه تصنيع الأدوية الجنيسة "إذا كان السيد يقصد تصنيع الأدوية الجنيسة، فانا أؤكد أنه حتى في هذه الحالة الأدوية تخضع إلى عدة شروط ضرورية، وبعد التصنيع تمر من اختبارات عديدة".وأضاف المتحدث أنه رغم أن الأدوية الجنيسة يمكن أن تكون أقل فعالية، إلا أنه لا يمكن أن تصنف من الأدوية الفاسدة على الإطلاق.ومن جانبه أكد الصيدلي الذي تحدثت إليه «الصباح» أنه رغم أن الأدوات الجنيسة لا تعتبر فعالة مائة في المائة، إلا أنها لا تصنف ضمن خانة الأدوية الفاسدة، والدليل على ذلك هو وجودها في الصيدليات، وأن الأطباء يصفونها لمرضاهم بشكل مستمر، ذلك لأنها تعتبر غير مكلفة.مهاجرون أفارقة ينافسون المغاربةاختار "سيرجية" مهاجر من الكونغو الديمقراطية، شارع محمد الخامس بالدار البيضاء، لكسب قوته اليومي، فكر المهاجر في عرض مواد للتجميل وأدوية من إنتاج بلده، يقول إنها فعالة وتعرف إقبالا كبير في بلاده ما دفعه إلى بيعها في المغرب أيضا.يؤكد سيرجية أن سلعته تعالج العجز الجنسي عند الرجل والمرأة، وأخرى تعالج النزلات البردية الحادة، و داء السكري، وأخرى وضعت في علب بيضاء كتبت باللون الأخضر يقول عنها المهاجر إنها تصلح لكل الأمراض المستعصية، وقد تصلح حتى للسرطان بكل أنواعه. وفي ما يخص مواد التجميل، أضاف المتحدث أنها تعالج جميع مشاكل البشرة وباستخدامها تصير النساء أكثر جمالا.تحدث المهاجر عن سلعته وكأنه اكتشف أدوية الأمراض المستعصية والتي وقف أمامها العالم مكتوف الأيدي، محاولا إقناع من يتحدث معه لاقتنائها. وفيما إذا كان لسلعة المهاجر زبائن، اكتفى بالقول أن مواد التجميل تتصدر لائحة المبيعات. إيمان رضيف

صيدليات على الأرصفة تعرض أدوية بأثمنة مشبوهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مستشارو المعارضة ببلدية طنجة يحتجون على العمدة

تراجع الشرعية العربية... إلى أين؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات