العدالة والتنمية يجرب سيناريو الانتحار التدريجي

الباحث منار اسليمي أستاذ العلوم السياسية أكد أن سيناريو "العقرب الذي يعض ذيله" يهدد المغرب أكد الباحث منار اسليمي، أن المغرب يواجه سياسيا اليوم سيناريوهين ، إما استقالة بنكيران وانسحاب حزب العدالة والتنمية من الحكومة، وهو ما يفتح دستوريا الباب أمام انتخابات تشريعية جديدة، وهو سيناريو مستبعد لحد الآن، لأن المصالح السياسية لحزب العدالة والتنمية بلغة الحساب السياسي لم تتضرر بعد، أو استمرارية ثنائية الاحتجاج وقيادة الحكومة التي ستسقط المغرب في سيناريو خطير، وهو المعروف في لغة التقارير الدولية بسيناريو "العقرب الذي يعض ذيله". في ما يلي نص الحوار: كيف تقيم الصراع الذي يخوضه حزب العدالة والتنمية اليوم ضد جهات في الدولة من موقعه الحكومي، هل يعكس انسدادا في أفق أم تهييئا لسيناريوهات أخرى؟من الأخطاء التي ترتكب في التعامل مع حزب العدالة والتنمية مسألة تناوله باعتباره ظاهرة معزولة تخوض حربا سياسية ضد الجميع. هذا النوع من التناول في التحليل كان ممكنا قبل أن يصبح حزب العدالة والتنمية في الأغلبية قائدا للحكومة، فحجج المظلومية وأسلوب الضحية كان مقبولا لدى المغاربة لما كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة، فالحزب اليوم حاكم، ومن المفترض أنه يمارس السلطة داخل مساحة معينة ضيقة أو واسعة، حسب قدرته على المناورة وتوظيف النوافذ المفتوحة في توازنات القوى، وبالتالي، ففكرة "بنكيران والعفريت" التي تذكرنا بعنوان نص "أحمد والعفريت" في تلاوة "أحمد بوكماخ"، هي فكرة ضعيفة غير ذات حجية، فالواضح بعد تسعة أشهر من حكومة بنكيران أن هناك صعوبة في التدبير وإنتاج القرارات التأسيسية، وهذه الصعوبة تقود العدالة والتنمية إلى صياغة حجج احتجاجية مختلفة، كلها مبنية على مقولة الصراع مع جهات في الدولة، رغم أن حزب العدالة والتنمية هو جزء من الدولة وجزء من نظام الحكم، فلحد الآن لم يخرج رئيس الحكومة أو وزير من العدالة والتنمية ليعلن صراحة وبدون رموز أن جهات محددة في الدولة تمنعه من الحكم، فالحزب يعيش غلطا تنظيميا يجعل نصفه يعارض ونصفه يحكم، فإما أن حزب العدالة والتنمية في الحكم، وهو واقع الحال، وإما أنه غير قادر على الحكم، وهو الأمر الذي يفتح أمامه إمكانية استقالة دستورية لزعيمه بصفته رئيسا للحكومة، فحزب العدالة والتنمية يحتج وهو باق في الحكومة ويقودها، وهذا معناه أن مصالحه لم تتضرر لحد اليوم، وهذا الوضع الذي نعيشه في المغرب مع حكومة العدالة والتنمية يفتح المجال أمام أحد السيناريوهين:الأول، استقالة بنكيران وانسحاب حزب العدالة والتنمية من الحكومة، وهو ما يفتح دستوريا الباب أمام انتخابات تشريعية جديدة، وهو سيناريو مستبعد لحد الآن، لأن المصالح السياسية لحزب العدالة والتنمية بلغة الحساب السياسي لم تتضرر بعد، بل يبدو أن ممارسته لثنائية الاحتجاج وقيادة الحكومة مربحة له لحد الآن . الثاني، استمرارية ثنائية الاحتجاج وقيادة الحكومة ستسقط المغرب في سيناريو خطير، وهو المعروف في لغة التقارير الدولية بسيناريو "العقرب الذي يلسع ذيله"، بمعنى أننا سنكون أمام احتجاج ودوران يعبر عن انتحار تدريجي لحزب العدالة والتنمية، وهو يقود الحكومة، يمكنه أن يؤثر على الدولة ككل. انتحار تدريجي لحزب يقود الحكومة يمكن أن يقود إلى إيقاف المسلسل السياسي لما بعد دستور 2011 وانتخابات 25 نونبر ويزعزع الثقة في أخلاقيات الدولة، ويخلق انحصارا في مايسمى بالحكامة ويتلقى فيه المغرب تأثيرات سلبية من التطورات التي تجري في النظام الدولي في شقة الاقتصادي والمالي، وهو السيناريو الذي بدأت تظهر بوادره، فنحن أمام حكومة ضعيفة يقودها حزب احتجاجي يدور في الفراغ . هل كانت واقعة طنجة مبررا لركوب العدالة والتنمية موجة ازداوجية الخطاب من جديد؟إن تناول واقعة طنجة من مدخل قانوني يبين أن قرار وزارة الداخلية كان سليما، لأن القبول بتجمع حزبي في ساحة عمومية في مرحلة سابقة على انتخابات جزئية يعتبر حملة انتخابية سابقة لأوانها مهما كان شكل المبررات التي ستقدمها الشبيبة الحزبية، فشبيبة حزب العدالة والتنمية هي مكون من حزب سيقدم مرشحين لانتخابات جزئية قادمة، والعديد من التقارير الانتخابية لملاحظين وطنيين ودوليين نبهت الى ظاهرة تهريب الحملة الانتخابية الى مرحلة ما قبل الحملة، وبالتالي، فالسلطات العمومية لها حق التدخل لمنع هذا النوع من النشاطات الحزبية، ولكن يلاحظ أن وزارة الداخلية مازالت ترتكب أخطاء، وتقدم هدايا لحزب العدالة والتنمية لأن قرار المنع لم يصغ بطريقة قانونية جيدة توضح صراحة أن الأمر يتعلق بتجمع يمكن أن يتحول الى حملة انتخابية سابقة لأوانها، فوزارة الداخلية منذ سنوات، وهي ترتكب أخطاء يجيد حزب العدالة والتنمية استغلالها وتوظيفها سياسيا، رغم أن سلوكاته تكون أحيانا مخالفة للقانون .وقد لاحظنا كيف جرى تصريف حدث طنجة بطريقة سياسية، مقابل غياب كلي للموقف القانوني الذي كان من الممكن أن يقطع منذ البداية مع كل التأويلات والتوظيفات السياسية لحدث منع نشاط حزبي كان من شأن وقوعه (أي النشاط الحزبي في ساحة الامم) أن يشكل حملة انتخابية سابقة لأوانها ومسا بمبدأ المساواة بين المرشحين المفترضين . هل يمكن القول إن اعتذار بنكيران وتصريحات قياديي الحزب بعد ذلك زعزعت علاقة الثقة بين الملك ورئيس حكومته؟ الاعتذار معناه وجود خطأ، وإشكالية رئيس الحكومة أنه لحد الآن إما أنه يخطئ أخطاء شخصية توجب الاعتذار، أو أنه لا يتحدث بلغة دستورية ومؤسساتية مع الملك، وإنما يتحدث بلغة شخصية، فالسيد بنكيران الذي جاءت به الانتخابات يحاول التعامل مع الملك كشخص، مقابل ذلك، فالملك يتعامل كمؤسسة. ويلاحظ أن بنكيران يعتذر كشخص، وليس كرئيس لمؤسسة رئيس الحكومة، ومقابل ذلك، تتحدث قيادات من حزبه ووزراء من حزبه عن وجود "حرب نفسية" أو جهات تضع عراقيل أمام الحكومة التي يقودها الحزب ، وهنا يصعب ضبط أسلوب العدالة والتنمية متى يتحدث كحزب؟ ومتى يتحدث كحزب يقود الحكومة ؟ فالعدالة والتنمية يبدو اليوم أن "رأسه" يقود الحكومة وباقي جسمه "يسبح " في المعارضة، والأمر في نظري لا يتعلق بتوزيع أدوار وغنما بطبيعة الحزب نفسه الذي يبدو أنه مقبل على "انفلات "تنظيمي . أجرى الحوار : ر.ب

العدالة والتنمية يجرب سيناريو الانتحار التدريجي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منتخب غريتس ينهار في 17 دقيقة

العدالة والتنمية... ازدواجية الخطاب ولغة التماسيح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات