قصور دبلوماسي في قضية الصحراء

أتلاتي أكد أن تمسك بان كي مون بروس لا يعتبر تحديا للمغرب أكد طارق أتلاتي، الأستاذ الباحث في العلوم السياسية، أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه بان كي مون مع جلالة الملك محمد السادس، يعتبر خطوة إيجابية لحلحلة الوضع الجامد في الملف، بتقديمه لهيأة الأمم المتحدة الضمانة الكافية لأعلى سلطة في البلاد للإشراف الدقيق على احترام شروط مهمة الوساطة بالنسبة إلى طرفي النزاع. وأضاف أتلاتي أن على هذا الأساس، فإن تمسك الأمين العام للأمم المتحدة بروس كمبعوث خاص له إلى الصحراء، ليس من قبيل تحدي الموقف المغربي بقدر ما هو محاولة المضي قدما في استكمال عملية البناء المؤسسة للحل السلمي والسياسي الذي قعد له المغرب بمبادرة الحكم الذاتي التي استحسنتها الدول المؤثرة عالميا. في ما يلي نص الحوار: عرف ملف الصحراء، في الآونة الأخيرة، تطورات مثيرة، تميزت بالخصوص بالاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وبان كي مون، وزيارة وفد مؤسسة روبرت كنيدي لحقوق الإنسان، للمنطقة. ما هو تقييمكم لهذه المستجدات؟الاتصال الهاتفي الذي أجراه جلالة الملك مع بان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، يأتي في سياق الجمود الذي عرفه الملف جراء اتخاذ المغرب قرار سحب الثقة في المبعوث الأممي روس إلى الصحراء، ومن المؤكد أن مكالمة الأمين العام للأمم المتحدة تأتي عقب اطلاعه على التقرير المقدم من طرف المغرب، والذي قيمت من خلاله المملكة المغربية مرحلة المبعوث الخاص له الى الصحراء كريستوفر روس ونتائجها، والتي اعتبرها المغرب سلبية وروس يتحمل جزءا من المسؤولية في المأزق الذي يعيشه الملف. وتقييم المغرب لمرحلة اشتغال روس بني على حيثيتين أساسيتين:أن كريستوفر روس في تقريره إلى بان كي مون، الذي يشكل عادة أرضية تقرير الامين العام للامم المتحدة إلى مجلس الأمن، تجاهل ملاحظات وتقارير أعدها رئيس البعثة في مدينة العيون. والأكثر من هذا اتهام روس المغرب بالتجسس على قوات الأمم المتحدة، ومطالبته بتوسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والتقرير بها؛ كل هذه الأمور عجلت بمطالبة المغرب بتغيير الوسيط لغياب الضمانات الأساسية لاستكمال المفاوضات، وفق ما هو متفق عليه مسبقا، بعد أن كان المغرب قد قبل بوساطة روس سنة 2009 بضمانات دول كبرى صديقة.وعليه، نعتقد اليوم أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه بان كي مون مع جلالة الملك خطوة إيجابية لحلحلة الوضع الجامد في الملف بتقديمه كأعلى سلطة لهيأة الأمم المتحدة الضمانة الكافية لأعلى سلطة في البلاد للإشراف الدقيق على احترام شروط مهمة الوساطة بالنسبة إلى طرفي النزاع، وعلى هذا الأساس، فإن تمسك الأمين العام للأمم المتحدة بروس كمبعوث خاص له إلى الصحراء، ليس من قبيل تحدي الموقف المغربي بقدر ما هو محاولة المضي قدما في استكمال عملية البناء المؤسسة للحل السلمي والسياسي الذي قعد له المغرب بمبادرة الحكم الذاتي التي استحسنتها الدول المؤثرة عالميا. أنا شخصيا لم أتفاجأ لتصرفات القائمين على مركز كنيدي لأنه معروف بالانحياز للطرف الآخر، بل ويتبنى أطروحته وقد بدا ذلك واضحا من خلال الاستقبال الذي خصص لأعضائه من طرف المدافعين عن أطروحة الانفصال٬ وبذلك يكون المركز أعلن مسبقا عن طبيعة التقرير الذي يعتزم إصداره عقب زيارة وفده للعيون. وحقيقة هذا المركز يعبر عن مواقف مشخصنة أكثر منها واقعية، ففي الوقت الذي تتبنى فيه الجهات الرسمية بالولايات المتحدة الأمريكية مواقف تُشيد بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي باشرها المغرب٬ وبالمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الملائم لهذا الخلاف، خاصة مع المقاربة الإصلاحية المرتبطة بسياق التغييرات على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تأتي مواقف مركز كيندي خارج السياق الدولي برمته. هناك من يعتبر تشبث بان كي مون ب"كريستوفر روس" تحديا للمغرب. في المقابل، هناك من يتحدث عن مكتسب حققه المغرب من خلال تأكيد الأمين العام الأممي أن المنظمة لا تعتزم إدخال أي تغييرات على مهامها في مجال الوساطة. ما هي رؤيتكم لهذه المسألة؟ وهل تتوقعون تعيين مبعوث أممي جديد في الأسابيع المقبلة؟ المكالمة الهاتفية بين الأمين العام للأمم المتحدة وجلالة الملك حسمت فعليا وواقعيا هذا السجال المرتبط ببقاء أو رحيل الوسيط الأممي، إذ أن اعتبار بان كي مون أن الأمم المتحدة غير عازمة على إدخال تغييرات على مهامها في مجال الوساطة، يعتبر اعترافا ضمنيا بتجاوز روس لاختصاصه الأصلي المحدد من طرف الأمين العام، و بذلك يكون بان كي مون استجاب للتقرير التقييمي لمرحلة روس المنجز من طرف المغرب، وفي الحين ذاته، يطلب من المغرب الموافقة على استمرار روس في مهمته وفق إطار أكثر تحديدا لسبب رئيسي يتجلى في استكمال مسلسل التفاوض وفق مقاربة قائمة على تجاوب الأطراف في اتجاه الرغبة الأكيدة لإيجاد الحل السياسي السلمي المطلوب كما جاء في المبادرة المغربية لمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا.أعتقد أنه بعد استقراء مكالمة بان كي مون لأعلى سلطة في البلاد يجعل شروط المطالبة بتغيير روس غير موجودة بوجود الضمانات المطالب بها، وأن تعيين مبعوث أممي جديد رهين بمدى احترام روس للضمانات التي قدمها الأمين العام لجلالة الملك. هناك من قرأ الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وبان كي مون على أنه فعل يتجاوز الخارجية المغربية التي عجزت عن الإسهام في حلحلة الملف، هل هذا صحيح؟ أكيد أن هناك نوعا من القصور على مستوى خدمة القضية الوطنية ديبلوماسيا، وأن حدة التنافس الديبلوماسي الجزائري كان بسرعة أقصى أوقعت الديبلوماسية المغربية في العديد من المآزق، وهنا يمكن الاشارة إلى الأزمة بدولة مالي والخطأ الجسيم المرتكب بداية، والذي استفادت منه جبهة بوليساريو. وعليه، أعتقد أن مكالمة جلالة الملك مع بان كي مون ليست تجاوزا للخارجية، بقدر ما هي تكامل منصوص عليه دستوريا، وتقتضيه الظرفية للمصلحة العليا للبلاد، بل يجب ألا ننسى أن الديبلوماسية الملكية كانت دائما الوسيلة الأنجع لإنهاء أزمات كبرى للخارجية المغربية، ونذكر هنا بالأزمة مع الحليف الإستراتيجي السنغال. أجرى الحوار: ج.ب

قصور دبلوماسي في قضية الصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوساطة في الصحراء… بين فالسوم وروس

المغرب يتشبث بالمفاوضات طريقا للحل السياسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات