تأسيس معارضة حقيقية في مصر مهمة النخبة السياسية

النظام السابق لم يسقط باستمرار قيادات المعارضة في مواقعها ليس من المناسب أن تتصدر المعارضة في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير العظيمة معارضة صنعها النظام السابق على أيديه، وهي تقوم بالأساس على عقد الصفقات والعمالة للأجهزة الأمنية. وليس من المناسب أيضا أن يدخل إليها بهلوانات لم نعرف عنهم ممارسة السياسة من قبل إلا عبر تقبيل أيدي صفوت الشريف، أو محاولات الانضمام إلى أمانة سياسات الحزب الوطني.وإذا كنا بصدد تأسيس نظام سياسي محترم فإنه لن يستقيم دون معارضة محترمة، وكنا نعتقد أن أعضاء الأحزاب المدجنة سوف ينتفضون ضد زعاماتهم التي أسقطت هذه الأحزاب من خلال صفقات رخيصة مع أجهزة الأمن، وأن يحل محلهم مناضلون حقيقيون تزخر بهم الأحزاب المدنية، لكن تطورات ما بعد الثورة أكدت أن ما شهدته الأحزاب من داخلها جعلها عصية على التطهير، وهو ما يعني أن تأسيس معارضة حقيقية من النقطة صفر أصبح مهمة أساسية على النخبة السياسية في الوقت الراهن.إن واحدة من علامات عدم سقوط النظام السابق، استمرار قيادات المعارضة في مواقعها، واستمرار تصدرها المشهد، والتفافها على رغبة كوادر أحزابها في تطهيرها من عملاء النظام السابق وامتصاصها حركات احتجاجية طالبت بسقوط المعارضة المستأنسة، وبالتالي فإن واحدا من تحقيق أهداف الثورة في الحرية هو أن تسقط هذه القيادات التي لم تعارض النظام السابق، وإنما خربت المعارضة وأعطت له ورقة التوت التي ستر بها نفسه عند الحديث عن التعددية والديمقراطية.ومادامت هذه القيادات لم تسقط لوجود عيوب خلقية في الأحزاب التي تقودها، فإن الحل البديل هو أن ننسى هذه الأحزاب تماما، وأن يعمل المعارضون الحقيقيون سواء داخل الأحزاب أم خارجها على تأسيس أحزاب وأطر سياسية جديدة معارضة يمارسون من خلالها العمل السياسي المنظم وليس العشوائي، الذي تمارسه الأحزاب التي نقول عنها تقليدية أو كرتونية أو مستأنسة، وذلك بأن يركز اليساريون على أحزابهم الجديدة مثل «التحالف الشعبي الاشتراكي» أو «حزب العمال والفلاحين» أو «الحزب الاشتراكي»، وأن ينسى الليبراليون حزب «الوفد» ويركزوا على حزب ليبرالي حقيقي قد يكون هو حزب «الدستور»، وأن ينسى القوميون والناصريون الحزب «الناصري» ويتجمعوا وراء حزب «الكرامة»، أو يؤسسوا حزبا قوميا حقيقيا.وهنا تجب الإشارة إلى أن تأسيس أحزاب متعددة تعبر عن التوجه الواحد ليس أمرا صحيا في الظرف الراهن الذي تشهده مصر، والذي يتميز بمحاولات التيارات الإسلامية التنسيق والتوحد في مواجهة القوى التي تقول عن نفسها إنها قوى مدنية، مع أن المسمى الحقيقي لها يجب أن يكون هو القوى الديمقراطية. إن لم نفعل ذلك الآن، فعلينا أن نهنئ الإخوان باستمرار سيطرتهم على العملية السياسية، رغم أن قاعدتهم السياسية لا تزيد على 24 في المائة من القوة التصويتية، حسبما أكدت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.لقد أكدت ثورة 25 يناير العظيمة وما أعقبها من تطورات، عودة السياسة إلى المجال العام، وذلك بعد تجريف استمر عشرات السنين، وكانت مصر شهدت حراكا سياسيا واجتماعيا ملحوظا منذ تأسيس حركة «كفاية»، ثم تأسيس حركة «شباب 6 أبريل»، ثم عودة الدكتور محمد البرادعي وتأسيس الجمعية المصرية للتغيير، وحملة التوقيع على المطالب السبعة، ولو رجعنا إلى الوراء وتفحصنا موقف الأحزاب وقياداتها سنجد من قال على الشباب الذين قاموا بالثورة إنهم «عيال لاسعة»، ومن ناصب «كفاية» والدكتور البرادعي العداء، ومن دعا أعضاء حزبه إلى مقاطعة مظاهرات 25 يناير، ومع كل ذلك مازال هؤلاء يعتبرون أنفسهم في صفوف المعارضة.بل منذ رحيل رأس النظام السابق، فإن محاولات هؤلاء تصدر المشهد خصمت من رصيد المعارضة وأعطت شرعية للتيارات الدينية، وهو أمر يجب أن يتوقف الآن لصالح تأسيس معارضة حقيقية غير مستأنسة، ومنظمة ولها برامج جماهيرية حقيقية، فالحواجز التي كانت تتحجج بها الأحزاب من قبل سقطت وأصبحت السياسة ملعبا مفتوحا علينا أن نتنافس فيه. عن موقع «المصري اليوم»

تأسيس معارضة حقيقية في مصر مهمة النخبة السياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نقابة تطالب بالتحقيق في حادث "تمازيغت"

الدغمي يقترب من وداد فاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات