تساؤلات حول مآل ملايير المساعدة القضائية

آليات المرسوم الجديد لتحديد صوائر المتقاضي المعسر قوبلت بالرفض من قبل المحامين عملت هيآت المحامين بالمغرب منذ عدة عقود على تأمين النيابة والدفاع عن حقوق المواطنين أمام مختلف محاكم المملكة دون أن ينال محاموها مقابلا ماديا عن ذلك، إيمانا منهم بنبل الرسالة الاجتماعية التي يحملونها، احتراما لحق كل مواطن في الدفاع. ولم يكن يعلم أحد من هؤلاء وهو يتولى المساعدة القضائية في المجال المدني أو الجنائي أنه في يوم من الأيام سوف تحدد أتعابه بشكل تعسفي أو بالأحرى بشكل مزاجي، ومن طرف جهة خارجة عن مؤسساته المهنية وكأنه أصبح يخضع في هذا الأمر للوصاية الحكومية عن مهنته. إن تحديد الأتعاب بالشكل الذي وافقت عليه الحكومة، أخيرا، يرتب آثارا سلبية وخيمة على المواطن المتقاضي، أكثر ما يجلب له المساعدة القضائية، لأن هذه الخدمة خاصة وليست عمومية، ويتحملها المحامي الملزم بأعباء ضريبة، وهو في غنى عنها وكأنه تاجر يسعى إلى جني الأرباح بالدرجة الأولى.ثم إنه بالعودة إلى الميزانية المرصودة للمساعدة القضائية نجد أن خمسة ملايير رصدت لها من الميزانية الفرعية لوزارة العدل والحريات هذه السنة، بعد أن كانت ستة ملايير في السنة الماضية، ولم يستفد منها أي أحد ما يطرح التساؤل حول مآلها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يطرح مشكل النقص الملاحظ على الميزانية المعتمدة هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية، فهل هذه سياسة تقشفية في مواجهة الخدمات التي يستفيد منها المتقاضي المعسر، أم سياسة كيل بمكيالين: إقحام إجبارية الاستفادة وتحقيق سمعة طيبة في هذا المجال أمام المؤسسات الدولية لحقوق الانسان.إن الآليات التي جاء بها مرسوم المساعدة القضائية وإن كانت مهمة وقابلة لكل تأويل فإنها قوبلت بالرفض من طرف المعنيين بها، فهل هذه بداية الصعوبات والاصطدامات بين المحامين ووزارة العدل والحريات.إن رفض هيآت المحامين بالمغرب لما تضمنه مرسوم تحديد أتعاب الدفاع في إطار المساعدة القضائية، الذي صودق عليه بداية غشت الجاري، واعتبارهم قيمة الأتعاب المحددة فيه إهانة، يطرح تساؤلات عميقة حول السر في عدم إشراك المحامين عند وضع التعديلات، سيما أنهم أبناء الدار، وقديما قيل أهل مكة أدرى بشعابها. ثم إن استغراب نقابة المحامين المعبر عنه في بيان أصدرته عقب ذلك، حول المبالغ المخصصة للمساعدة القضائية والتي لا تغطي، حسب البيان، حتى مصاريف التنقل إلى محكمة النقض، أو محاكم الاستئناف، وبالأحرى أن توصف بأنها أتعاب، يجد أسبابه في التهميش الذي طال المحامين عند تحديد تلك الأتعاب، وعدم الأخذ بالمعايير المعتمدة ولا ظروف الحال وصعوبة إنجاز المهمة وفق الشروط التي حددها المرسوم. ناهيك عن أن تفويض الاعتمادات المالية للآمرين المساعدين بالصرف من قبل وزير العدل، بخصوص توزيع المبالغ المرصودة للمساعدة القضائية على مختلف هيآت المحامين بالمغرب، وتحديد المبالغ المستحقة لفائدة المحامي المعين في إطار المساعدة، كلها مقتضيات تمس باستقلالية المهنة، وتنتهك كرامة المحامي، على اعتبار أن تحديد الأتعاب ظل اختصاصا أصيلا للنقيب لا ينبغي المساس به.إن أي إصلاح يتم دون استشارة الفاعلين في القطاع المعني يعتبر إملاءات فوقية تواجه صعوبتين، صعوبة نفسية تتجلى في التهميش وعدم المشاركة، ما ينتهي بعدم القبول، وصعوبة مادية تتجلى في إغفال الواقع والابتعاد عنه لدرجة صعوبة تقبل وتطبيق ما ضمن في المشروع على أرض الواقع. المصطفى صفر

تساؤلات حول مآل ملايير المساعدة القضائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وهبي: المساعدة القضائية شأن مهني

خدمة مجانية للمتقاضين المعسرين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات