من تعليم التلقين والشحن إلى منظومة الابتكار والمهارات

أوصى الملك محمد السادس، في خطابه، أول أمس (الاثنين)، بإعادة النظر في المقاربة البيداغوجية، وفي الطرق المتبعة في المدرسة، للانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه مقتصرا على تلقين المعارف للمتعلمين، إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين، وتنمية قدراتهم الذاتية، وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار، فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات، والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين، في التزام بقيم الحرية والمساواة، واحترام التنوع والاختلاف". وتعكس هذه الفقرة من الخطاب الملكي ما يشبه التقييم لمختلف الإشكاليات التي واجهت النظام التربوي بالمغرب، وضمنها مشكلة تجزيء المعارف التي ميزت المناهج السابقة، ما يؤدي إلى تراكم هذه المعارف لدى المتعلم، ويحول، بالتالي، دون امتلاكه لمنطق الإنجاز والاكتشاف والتدبير والتواصل، بمعنى أنه يجد نفسه يتعلم من أجل أن يتعلم، وليس لفعل شيء ما أو تحليل واقع والتكيف معه استنادا على ما تعلمه.ولتجاوز هذا الوضع تبنى الميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ أزيد من عشر سنوات المقاربة بالكفايات، وظلت دون تطبيق إلى أن اعتمدت وزارة التربية الوطنية منذ 2008 بيداغوجيا الإدماج إطارا عمليا لتفعيل المقاربة بالكفايات واختيارا بيداغوجيا يرمي إلى الارتقاء بمردودية المتعلم، باعتماد نظام متكامل ومندمج من المعارف والخبرات والمهارات تساعده على النجاح في الحياة، من خلال تثمين المعارف المدرسية وجعلها صالحة للتوظيف والاستثمار في مختلف مناحي معيشه اليومي.هذه البيداغوجيا نفسها هي التي قرر محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، توقيف العمل بها، بعد فسخ العقد الذي كان مبرما مع الخبير الدولي البلجيكي كزافيي روجرز، رئيس المكتب الدولي لهندسة التربية والتكوين، الذي عمل مستشارا علميا للوزارة خلال تنزيل مشروع بيداغوجيا الإدماج، بموازاة إرجاء العمل بهذا المشروع بالسلك الثانوي الإعدادي إلى حين وضع تقييم لنتائج تطبيقه بالتعليم الابتدائي.وكان مديرو الإدارات المركزية ومديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ونواب الوزارة، توصلوا يوم الخميس 16 فبراير الماضي، بمذكرة وزارية تقرر الاحتفاظ ببيداغوجيا الإدماج في التعليم الابتدائي على أساس منح الصلاحية لمديري المؤسسات التعليمية والأساتذة من أجل اعتماد هذه المنهجية، مع إلغاء التقويم الوارد في المذكرة رقم 204 الصادرة بتاريخ 29 دجنبر 2010، لتيسير عملية التقويم، ثم إرجاء العمل بهذه البيداغوجيا بالسلك الثانوي الإعدادي إلى حين وضع تقييم لنتائج تطبيقه بالتعليم الابتدائي، كما قرر الوزير توقيف جميع عمليات التكوين المرتبطة بها.وقرأ كثيرون في قرار الوزير بإلغاء هذه البيداغوجيا عودة بالنظام التعليمي بالمغرب إلى ثلاثة عقود حين كان هذا النظام يشحن التلاميذ بعدد من المعارف والموارد المقطوعة من سياقها، ما نبه إليه الملك محمد السادس في خطابه الملكي، فكيف ستتعامل الوزارة والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مع هذه الوضعية؟ ي.س

من تعليم التلقين والشحن إلى منظومة الابتكار والمهارات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المخطط الاستعجالي...فشل ذريع

3 أسئلة: بلعياشي: المطلوب المصارحة باختلالات المخططات السابقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات