السنوني: الغرب تقدم كثيرا في تدبير الاختلاف

أستاذ دار الحديث الحسنية قال إن تدبير الاختلاف موضوع معقد ومركب كانت الفرصة مواتية لتلاقح الأفكار. كل طرف عمل ما بوسعه ليدلي بدلوه في مائدة مستديرة اختير لها موضوع صعب يتعلق بتدبير الاختلاف. كان الموعد في مقر دار الحديث الحسنية بالرباط. مختصون وباحثون من مختلف المناطق جاؤوا لإغناء النقاش حول إشكالية تدبير الاختلاف وتجربة المؤسسات في القيام بهذا الدور. «الصباح»واكبت أشغال المائدة، والتقت الدكتور أحمد السنوني، من هيأة تدريس دار الحديث الحسنية وعضو لجنتها العلمية، فكان الحوار التالي: نظمت دار الحديث الحسنية أخيرا مائدة مستديرة حول مؤسسات الاختلاف، نود معرفة دواعي هذه المبادرة؟ موضوع المائدة المستديرة "تدبير الاختلاف في المجال الإسلامي" هو جزء من المشروع العلمي لمؤسسة دار الحديث الحسنية، فظاهرة الاختلاف باعتبارها سنة من سنن الله تعالى في الكون وفي بني الإنسان، يمكن أن نستثمرها باعتبارها نعمة ويمكن أن تصبح سببا في تفكك أو تفكيك المجتمعات إذا أسيئت إدارة الاختلافات. ونحن المسلمين اليوم نعاني، ولا أظن الأمر يخفى على أحد، من "نقمة" الاختلاف، مما يستدعي حشد الوسائل العلمية والتربوية لتلمس الحلول لهذا الوضع. ومؤسسة دار الحديث الحسنية ترجو أن تسهم في هذه المهمة النبيلة بالتركيز على دراسة قضية تدبير الاختلاف، وهو مشروع يفترض أن تسهم في بلورته مختلف أوجه النشاط العلمي والتربوي للمؤسسة من تكوين وبحث ونشاط ثقافي...وهذه المائدة المستديرة امتداد للقاءات علمية سابقة منها ندوة دولية حول "تمييز أحوال وأثره في تقليل الاختلاف الفقهي"، ومائدة حول "طبيعة الاختلاف بين الفقه وبين "تشريع مؤسسة الدولة الحديثة ووسائل تدبيره". وكان الهدف من المائدة الأخيرة تحديدا استخلاص المبادئ العامة والمفاهيم المرجعية التي توجه النظم والمؤسسات الإسلامية مثل الشورى والقضاء والإفتاء وغيرها، ومن جهة ثانية الكشف عن الإجراءات العملية والتنظيمية التي تدبر بها كل واحدة من هذه المؤسسات قضية الاختلاف. فنحن نعيش في بلد مسلم، والحمد لله، كل محاولة لإصلاح أحوالنا لن يكتب لها النجاح ما لم تتواصل مع هذا المعطى المكوِّن لثقافتنا وحضارتنا خاصة أن تجربة المؤسسات في الأمة تجربة فيها من الرقي والغنى والتنوع ما يمكن استلهامه والاعتبار به في جهود الإصلاح في مجتمعاتنا المعاصرة، هذا فضلا عن البعد الشرعي للموضوع، أي أن هذا الاستلهام في حقيقته رجوع إلى الشريعة والفقه ولو لم يكن بشكل جزئي، لأن الجزئيات والتجارب محكومة بسنة التغيير أما الأصول والمقاصد فتظل ثابتة. لكن هل تعتبرون أن هذه المائدة المستديرة أجابت عن الأسئلة المثارة في ورقتها التقديمية، أم أن النقاش ما يزال مفتوحا بشأن هذا الموضوع؟في تقديري الشخصي، طرح السؤال المناسب لا يقل أهمية عن الجواب، فالسؤال الذي يعكس تفاعلا مع مشكلة واقعية وذات أولوية في تنمية المجتمع وإصلاحه هو مرحلة متقدمة من مراحل حل المشكلة ذاتها. وقد تكون الأجوبة في البداية مجملة أو ينقصها الاستقراء أو أحيانا لا تدرك الأبعاد الحقيقية للمشكلة، لكن العكوف على الموضوع والصبر على البحث فيه يفضي في النهاية إلى تصور ناضج للحلول. فلجنة البحث العلمي بمؤسسة دار الحديث الحسنية أثارت ما تيسر لها أن تثيره من أسئلة في هذه المائدة المستديرة، وهي تتوقع أن تكون الأجوبة صدى لأسئلة جديدة نسبيا وقلما تطرح. فالموضوع في غاية التركيب والتعقيد، أي أنه لا يجاب عنه في مائدة مستديرة ولا في مجموعة من الندوات، وهو على كل حال مشروع تتابع المؤسسة البحث فيه، لكن حسبنا أن نخرج من مرحلة الانطباعات والتعميمات، وأن يستشعر الباحثون، بمن فيهم الطلبة الباحثون بالمؤسسة، أبعاد الموضوع ومجالات البحث التي يفتحها والعدة المعرفية التي يتطلبها. تدبير الاختلاف في الغرب تهتم به الآن علوم متخصصة ويتجسد أيضا في مؤسسات قائمة بعضها رسمي وبعضها تطوعي، فهل يمكن الاهتداء إلى وسائل عملية شبيهة بهذه الوسائل في المجتمعات الإسلامية؟لا شك أن الغربيين توصلوا إلى صيغ ناجعة إلى حد كبير في تدبير الاختلاف على الصعيد الداخلي، بينما تبقى العلاقة بالآخر، خاصة في المجال السياسي، خاضعة لمنطق القوة والنفوذ. ومعلوم أن الحكمة، كما يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. المهم أن تكون هذه الاستفادة من الغرب في هذا المجال وغيره نتيجة لاستيعاب علمي حقيقي للتجربة لا مجرد تقليد، وأن تُنزَّل الصيغ المقتبسة على واقع معين قد أٌخذت في الاعتبار مختلف أوجه خصوصياته. وفي المقابل يحسن التذكير بأن النجاعة في تدبير الاختلاف ليست راجعة إلى المؤسسات في ذاتها، فالمؤسسات إنما هي نتيجة ثقافة سائدة متشبعة بقيمة قبول الاختلاف ومجتمع تدافع فيه التنشئة الاجتماعية على مثل هذه القيم، أي أن النجاح في تدبير الاختلاف تسهم فيه عوامل مختلفة، وإلا فستظل البحوث والنظريات مجرد حبر على ورق. أجرت الحوار: نادية البوكيلي

السنوني: الغرب تقدم كثيرا في تدبير الاختلاف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عناصر بوليساريو اعتدت على الوفد المغربي بجنوب إفريقيا

تفاصيل ما جرى داخل قاعة المحاكمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات