شكري: الاتهام الباطل انحراف يتنامى بقوة في مجتمعنا

ارتفاع نسبة الاتهام الباطل يؤدي إلى تنامي الفوبيا الاجتماعية ويخلق أزمة انعدام الثقة يرى الدكتور عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس، أن الشخص الذي يمارس الاتهام الباطل والاتهام المضاد، هو في الأصل شخص، مصاب بما يسمى في الاضطرابات النفسية ب «الشخصية الهذائية- البارانوية»، وهي الشخصية المصابة بجنون العظمة، إلى درجة أنها تعتقد أنها أذكى وأكثر دهاء من الجميع. ويعتبر شكري وهو باحث مشارك في مختبرا لأبحاث والدراسات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، أن الاتهام المضاد ضد رجال الأمن يشكل رغبة قوية في الانتقام من رجل الأمن الذي ورطه في تلك الجنحة أو الجريمة... ماذا تعنون بالاتهام المضاد؟الاتهام الأول هو الذي يمارسه رجال الأمن على بعض المواطنين باتهامهم ببعض الجرائم، قد يكون ذلك الاتهام صادقا وقد يكون كاذبا، أما الاتهام الثاني فهو ما يمكن أن نسميه، بالاتهام المضاد في لغة القانون الجنائي وفي لغة علم الإجرام وقد يكون صادقا هو الآخر وقد يكون كاذبا. كيف تعتبرون الاتهام المضاد الذي يمارسه المتهمون ضد رجال الأمن ؟أود أن أشير في البداية، إلى أن نسبة الجريمة ارتفعت بشكل ملحوظ في المجتمع المغربي، وعلى الخصوص الاتهام الباطل والاتهام المضاد الذي يمارسه المواطنون ضد بعضهم البعض، التي أصبح يمارسها بعض الأشخاص في مختلف القطاعات والمجالات، ومع مختلف الفئات والأشخاص في المجتمع المغربي. ولا أدل على ارتفاع نسبة هذه الظاهرة بشكل لافت للنظر، هو تجرؤ بعض الأشخاص على اتهام رجال الأمن ، ولهذا فالاتهام المضاد لرجال الأمن قد يكون صادقا أو قد يكون كاذبا فيه نصب واحتيال . ماهي دلالة ممارسة الاتهام الباطل والاتهام المضاد في مجتمع كالمجتمع المغربي؟إن انتشار الاتهام المضاد في الآونة الأخيرة في المجتمع المغربي، يدل على تطاول البعض على مؤسسات الدولة وعدم احترام رجالاتها، خصوصا إذا كانوا من هيأة الأمن والقضاء، وهذه المؤسسات هي رمز سيادة الدولة، فبدونها لا تمارس الدولة سلطتها، وبدونها لا تفرض هيبتها على المواطنين. إن الاتهام المضاد يدل على وجود انحراف يتنامى بشكل قوي في مجتمعنا، وهذا النوع من الانحراف، يعتبر خروجا عن قواعد المجتمع، المتمثلة في المرجعية الدينية، وفي منظومة القيم والتقاليد، والأعراف، والخروج كذلك عن نظام القيم الإنسانية العليا. فعندما يتكاثر الاتهام الباطل، وبالضبط الاتهام المضاد الباطل ضد رجال الأمن، فهذا يعني أن هناك خللا في المجتمع وهذا الخلل، هو ناتج عن المجتمع نفسه، ويضر في الوقت نفسه بالمجتمع ذاته. فكلما زادت نسبة الجرائم، بما فيها الاتهام الباطل والاتهام المضاد، كلما كانت عوامل وآليات الخلل متزايدة في المجتمع. ماهي أسباب هذه السلوكات؟إن الاتهام المضاد الباطل يشير إلى مجموعة من الأسباب السيكولوجية والسوسيولوجية ، ففيما يتعلق بالأسباب السيكولوجية نجد:أولا أن الشخص الذي يمارس الاتهام الباطل والاتهام المضاد، هو في الأصل شخص، مصاب بما يسمى في الاضطرابات النفسية ب « الشخصية الهذائية- البارانوية»، وهي الشخصية المصابة بجنون العظمة، إلى درجة أنها تعتقد أنها أذكى وأكثر دهاء من الجميع، كما أنها تعتقد أنها فوق الجميع، وأحسن من الجميع، ولها الحق في كل شيء، من هنا فهي لاتتعامل إلا مع أصحاب القوة والسلطة، ولكي تبرهن هذه الشخصية لنفسها أنها تتميز بالعظمة على الجميع، فهي تسعى إلى إيذاء أصحاب القوة والسلطة، من موقع الذكاء والدهاء، منه الاتهام المضاد، فتستهين بعواقب ومخاطر أي مغامرة تقوم بها في هذا الإطار.ثانيا - تتميز شخصية صاحب الاتهام الباطل ولاتهام المضاد، بما يسمى في الاضطرابات النفسية، بالشخصية غير المتزنة انفعاليا، وهذه الشخصية، تتسم في كل تصرفاتها وسلوكها وردود أفعالها وفي طريقة تفكيرها بالتهور المفرط، وعدم الاتزان الانفعالي، ونقصان الرؤية والتبصر، فيما ستقدم عليه من تصرفات، دون وزن عواقب الأمور، في أنها ستنجح، أو لا تنجح ، ولهذا نجد هذه الشخصية تقدم على اتهام رجال الأمن ، وكأنها تتهم أي مواطن عاد.ثالثا- يشكل الاتهام المضاد ضد رجال الأمن رغبة قوية في الانتقام باعتبار أن رجل الأمن هو الذي ورطه في تلك الجنحة أو الجريمة عن طريق الاتهام. ذكرتم الأسباب السيكولوجية للاتهام الباطل والاتهام المضاد، فما هي في نظركم الأسباب السوسيولوجية للاتهام المضاد الباطل لرجال الأمن ؟في ما يتعلق بالأسباب السوسيولوجية ، نجد ما يلي:أولا- وجود خلل في منظومة مؤسسات الدولة. فعندما نشاهد ارتفاع نسبة الاتهام الباطل والاتهام المضاد ضد رجال الأمن، فهذا يعني وجود خلل قوي في المنظومة الإدارية الأمنية، على مستوى التأطير والكفاءة والالتزام بالأوامر الصادرة عن المؤسسة الأمنية، من توجيهات وملاحظات وتنبيهات، لرجال الأمن الذين يستهينون بهذه الأوامر، وينتهكونها بشكل مباشر أو غير مباشر، مما يؤدي إلى الوقوع في أخطاء وثغرات، فيعطون الفرصة للأشخاص لاتهامهم، ومن بين هذه الانتهاكات طلب الرشوة من المتهم لإخلاء سبيله أو تعنيفه بالضرب والجرح أو بالسب والقذف.ثانيا- غياب هيبة الدولة والاستهانة بقوتها الرمزية. فأجهزة الأمن تمتلك في الأصل القوة الرمزية والفعلية لضمان أمن المواطنين، وحماية ممتلكاتهم، ومصالحهم، بأمر الدستور الذي يعتبر أعلى سلطة قانونية في البلاد، يلتزم بها الجميع ، وتلزم الجميع باحترامها والخضوع لها، لكن عندما تتعرض هذه الأجهزة للاتهام المضاد ، فمعنى هذا أن هؤلاء الأشخاص قد جردوه من هذه القوة الرمزية والفعلية في حماية نفسه فبالأحرى أن يحمي المواطنين.ثالثا- استصغار جهاز الأمن . فتعرض أجهزة الأمن للاتهام المضاد، يتخذ دلالة سوسيولوجية وهي الجرأة و التطاول على حرمة وهبة هذه الأجهزة، التي يحتفظ بها الوعي الجمعي المغربي في ذاكرته عبر التاريخ، والتي خلقت في المواطن المغربي فوبيا التعامل معها أو الاقتراب منها- ونسجت هذه الفوبيا رمزية قوة وبطش أجهزة الأمن في كل المجالات- فبالأحرى أن يتهم بالباطل . أجرى الحوار: المصطفى صفر

شكري: الاتهام الباطل انحراف يتنامى بقوة في مجتمعنا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلاغات النيابة العامة صك إدانة مسبق

ملف الجبلية... نموذج للعبث

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات