أحكام بالبراءة بعد “خراب مالطا”

ملفات برئ فيها متهمون بعد قضاء أشهر وسنوات في السجن وشوهت سمعتهم وخربت أسرهم غالبا ما يكتفي بعض المبرئين بالدعاء إلى الله، أو حتى البكاء من شدة الفرح بعد سماع حكم الإفراج عنهم بعد قضائهم بضعة أشهر في السجن في إطار الاعتقال الاحتياطي، أو بعد أن يقرر قاضي الحكم متابعتهم في حالة اعتقال ويرفض تمتيعهم بالسراح المؤقت.بعد البكاء والدعاء والعودة إلى المنزل تبدأ العديد من الأسئلة تطرح نفسها على هذا المبرأ، من قبيل لماذا قضى كل هذه الأشهر في السجن؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وهل البراءة كافية لتعويض ما ضاع؟ يعود الرجل البريء بالذاكرة إلى الوراء وتمر من أمامه صورة عناصر الأمن التي اعتقلته من مكتبه أو منزله غير مبالية بسمعته واستعطاف أبنائه، رجال غلاظ شداد ينظرون إليه نظرة احتقار، دون أن يعلموا أنه بريء براءة الذئب من دم يوسف، رجال يجتهدون في الحصول على تصريحات منه ويدفعونه دفعا إلى الحديث حتى ولو كذبا من أجل التخلص من هذا جحيم الأسئلة التي تتكرر عشرات المرات بهدف إضعاف تركيزه ودفعه إلى الكلام.تنتهي مرحلة البحث عند الأمن، ويحال الرجل على النيابة العامة، ويعتقد أن مرحلة القهر في مراكز الأمن انتهت، وأنه سيمثل أمام جهة ستستمع على مبرراته، يجد الرجل الآذان مقفلة والقرارات متخذة من قبل، بناء على محاضر الأمن والخلاصات التي وصلوا إليها، قبل أن تحيله بدورها على قاضي التحقيق وتلتمس منه متابعته في حالة اعتقال.يصل المتهم إلى المرحلة الحاسمة التي ستحدد مصيره، فهو الآن أمام أمرين، إما الإيداع في السجن أو التمتيع بالسراح.قناعاته الخاصة تقول إنه بريء ويجب على قاضي التحقيق أن يصل إلى هذه الحقيقة ويطلق سراحه، ومنطق النصوص القانونية بدوره في صفه، فهو مسؤول له مكانته الاجتماعية ولا ضرر في تمتيعه بالسراح المؤقت مقابل كفالة مالية أو ووضعه تحت المراقبة القضائية.لا يجد الرجل الآذان الصاغية، ولا ينفع حلفه المتكرر بأنه بريء وبأن جهات ما تحاول توريطه في هذا الملف، ويعتبر قاضي التحقيق أن هذا الكلام يصدر عن أغلبية من مثلوا أمامه، فيقرر إيداعه السجن في إطار الاعتقال الاحتياطي.يقضي الرجل زهاء سنة، يفقد فيها الاحترام من قبل القريب قبل البعيد، ويفقد مورد رزقه وتحط المشكل بالزوجة والأبناء من كل جانب، وبعدها يحال على المحكمة التي سيمثل إليها لبضعة أشهر أخرى أو سنين قبل النطق بالحكم.ملفات عديدة برأ فيها عشرات المتهمين بعد أن خربت بيوتهم وشوهت سمعتهم وفقدوا مورد رزقهم، لتكون البراءة بعد خراب مالطا كما يقال، ملفات أثيرت حولها ضجة كبيرة مثل ملف الحسيمة والشريف بن الويدان ومن معه قبل أن يبرأ فيها أكثر من نصف المتهمين، وهو ما يطرح سؤالا هل البراءة كافية لرد ما ضاع؟ وألا يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها عن مثل هذه الأخطاء؟ بالرجوع إلى القانون المغربي نجد أن الدولة المغربية غير مسؤولة عن الخطأ القضائي، وبالتالي فإن الذين كانوا ضحية هذه الأخطاء ما عليهم سوى أن يصبروا ويحمدوا الله على أن القضاء لم يساير ما جاء في محاضر الضابطة القضائية وقرار الإحالة، ومنحهم البراءة. الصديق بوكزول

أحكام بالبراءة بعد “خراب مالطا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

توقيف عشرات رجال الأمن والجمارك بالناظور

المخدرات والأمن... الزواج الكاتوليكي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات