بنكيران…من التسلية الحامضة إلى الاعتذار “المسوس”

رئيس الحكومة يستعيض عن قفشاته ومستملحاته بدعوات طلب الصفح في الشهر الفضيل قبل أيام، كتبت أسبوعية «ليكسبريس» الفرنسية أن عبد الإله بنكيران لم يعد يسلي الملك، كما كان بعيد تعيينه رئيسا للحكومة. والواقع أن الرجل لم يعد يسلي أحدا على الإطلاق، رغم حاجتنا، هذه الأيام بالتحديد، إلى جرعات مزيدة ومنقحة من الضحك تزيح عنا غمة «سيتكومات» تلفزيونية باسلة ترفع نسبة السكر في الدم، وترفع الضغط الدموي. لكن، اللهم التسلية الحامضة، أو اعتذار في حالة تسلل لا يليق برئيس حكومة حملته صناديق اقتراع شفافة إلى منصب مسيج بما يكفي من اختصاصات دستورية ناصعة كان يمكن أن يحولها إلى مصدر قوة لتغيير شكل الحكم في المغرب، بدل لعبة تلميع النوايا «الحسنة» بمناسبة وبدونها.الصحافة الفرنسية لا تمزح في تناولها قضايا المغرب وأخباره، وهي تعرف ما معنى أن يفقد مسؤول حكومي «استثنائي»، مثل عبد الإله بنكيران، قدرته على التسلية، وخلق أجواء من المرح والبسط و«التقشاب» في مغرب يسير إلى الحافة، بسبب الضربات المتتالية لأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة ترغمه على استباق بدائل غير مسبوقة من التمويل الخارجي مخافة الكارثة التي تتربص بنا مثل تمساح جائع (تمساح حقيقي وليست تماسيح بنكيران المجازية).مشكلة المغرب، أو ميزته، لا ندري، أن التسلية، المخلوطة بكثير من الاعتذار وطلب الصفح، تحولت إلى ضرورة قصوى لتزجية الوقت، وتمديد فترات الرخاء المفترى علينا بها، وليس أحسن من بنكيران من يقوم بهذا الدور «الإستراتيجي» لإقناع المواطنين بأن الضحك مع تجديد الولاء بمناسبة وبدونها يمكن أن يكونا خبزا في أفواه الجائعين، وكرامة تظلل جيوش العاطلين، وسقفا للعرايا في طرقات الوطن، ودواء للمرضى ومسكنا (بكسر الكاف) للمفجوعين، وسيف عدل للمظلومين.لقد أدرك بنكيران، منذ وصوله إلى باب السفراء بالرباط، أن البسط والضحك يمكن أن يكون سلاحا لمواجهة الخصوم وتسلية الأصدقاء والحلفاء على حد سواء، حتى في المواقف التي تستدعي جدية أكثر، كما يجري في جلسات البرلمان الشهرية التي يحولها رئيس الحكومة إلى سيرك عمومي، أثار حنق مستشارين ينتمون إلى الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة الذين قرروا وضع «دعوى» ضد رئيس حكومتهم لدى المجلس الدستوري لتقنين مساحات الهزل والجد في العمل الحكومي.أغلب رؤساء الحكومات يصنعون الحدث بإنجازات حقيقية يتحسسها الناس بأطراف أصابعهم، وتنعكس على حياتهم ومعيشهم وتلقي ظلال تغيير على مستقبلهم، عدا رئيس حكومتنا الذي بنى مجده، إلى حد الآن، اعتمادا على موهبته في التهريج وإضحاك الآخرين، وقد ظل على هذا الحال أزيد من سبعة أشهر من عمر الحكومة إلى أن اكتشفنا أننا «سرقنا ضحكا»، على حد تعبير المناضل عزيز الوديع، في كتاب له كتبه من جحيم درب مولاي الشريف.لقد صنع بنكيران من التسلية مشروعا سياسيا وبرنامجا حكوميا لا يقهر، وهو مقتنع أن الضحك طريق سالك إلى قلوب المغاربة، كما يمكن أن يكون الاعتذار طريق إلى مآرب أخرى، علما أن بعضهم تأكد أن الرجل أحسن من ينطبق عليه مأثور سيدي عبد الرحمان المجذوب «السن تضحك للسن والقلب فيه خـــــديعة».أرأيتم «اعتذارا» على الذقون أكثر من ذلك؟ يوسف الساكت

بنكيران…من التسلية الحامضة إلى الاعتذار “المسوس”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شباب 20 فبراير يجلدون بنكيران في "باب الأحد"

بنكيران: أتحمل مسؤولية عدم التعاون مع مستشاري الملك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات