العمرة “في أي بي”… متعة وتسوق وترفيه

مغاربة يعتمرون سنويا في فنادق خمس نجوم بخدمات استثنائية مقابل مبالغ خيالية في السنوات الأخيرة، تحولت العمرة من مجرد نافلة دينية غير مفروضة على المسلمين بمنطوق النصوص الشرعية، إلى واجب مقدس يعتنقه عدد كبير من الأسر المغربية الميسورة بالدار البيضاء ومراكش وفاس وأكادير وطنجة ومكناس التي يسافر أفرادها إلى السعودية مرات متعددة في السنة، كما لو يسافرون إلى «ازغانغن» بضواحي الناظور.وبالتدريج، انتقلت العمرة إلى فكرة سياحية جذابة تراود فئات اجتماعية أخرى أغلبها ينتمي إلى طبقة رجال الأعمال وبعض الموظفين السامين وكبار موظفي الدولة وبرلمانيين وقضاة ومحامين وتجار كبار، بعضهم بطلب راحة دينية ونفسية مستحقة قرب الحرم المكي، وأغلبهم بدافع التقليد وركوب التقليعات الجديدة وتجريب أشكال التباهي الاجتماعي وواجهاته وتعزيز أركان المواقع الاجتماعية في مستوياتها المختلفة.وتبدأ الترتيبات لهذا الموعد السنوي قبل أيام من شهر رمضان، إذ تربط الاتصالات، في وقت مبكر، مع وكالات الأسفار المخصصة بتوفير الخدمات لكبار الضيوف والشخصيات، ويجند المرشدون، وفي بعض الأحيان، يجري الاتصال بما يسمى «سماسرة العمرة»، من هؤلاء «الخبراء» الذين يحفظون مرافق الحرم المكي وفضاءات الاستراحة والإقامة وأماكن العبادة والتسوق بمكة المكرمة والمدينة والمنورة وجدة كما يحفظون خطوط أكفهم. وغالبا، ما تتكلف وكالات الأسفار المتخصصة بكل شيء تقريبا، من أجل عمرة بكل مواصفات المتعة والترفيه الديني عن النفس، إذا جاز التعبير، إذ يتحول المعتمر إلى ملك صغير، أو «علي بابا» تفتح أمامه مغارات خدمات استثنائية، مقابل مبالغ باهضة أحيانا، إذ تزيد تكاليف الشخص الواحد، حسب المواسم، عن 250 ألف درهم، تصرف نظير خدمات راقية، تجعل قضاء العمرة قطعة من نعيم تذكي في النفس عادة تكرارها مرات متعددة في السنة، وخصوصا في شهر رمضان، إذ يكثر الطلب على التقرب من قبر النبي (ص) والصلاة والقيام في الحرم المكي، طلبا للمغفرة والاستغفار والتطهر بعد أشهر من العمل المضني المشوب بكثير من الذنوب والسيئات.ويذكر أن العمرة «بي. آي.بي» من التقليعات المستودة من دول الخليج، وبدأت تستقر رويدا رويدا بالمغرب، إذ وجدت ما يكفي من زبناء و»ضيوف للرحمان» مستعدين للدفع بلا حساب، من أجل رحلة إلى الديار المقدسة يختلط فيها الديني بكثير من الترفيه والترويح عن النفس. ووجد أغنياء النفط والبترول في دول الخليج في بعض وكالات الأسفار المتخصصة ووسطاء الكثير من الاستعداد لتوفير عمرة أو حج دون متاعب على الإطلاق، وتتحول الرحلة في كل مرة إلى متعة جديدة يقبل عليها هؤلاء بشهية أكبر، وأيضا بشيكات مفتوحة على البياض، وهناك قصص وحكايات متعددة عن حالات البذخ التي يصلها بعض الحجاج والمعتمرين الخليجيين الذين يتبخترون وسط قوافل من المرافقين والحراس الشخصيين، وتفتح أمامهم أبواب الفنادق المصنفة والشقق والمرافق وأماكن العبادة بيسرولأن الأمر يتعلق برحلة سياحية بلبوس ديني، يبدأ الإعداد للعمرة «هاي كلاس» بتأمين حجوزات السفر عبر النقل الجوي على الدرجات الذهبية، الأولى ورجال الأعمال، حتى يحس المعتمر، منذ البداية، أن بصدد مغامرة أقرب إلى الحلم، بعيدا عن الازدحام وضجيج الدرجات العادية وقاعات الانتظار وضجيج تسليم وطبع جوازات السفر، وأحيانا تلجأ بعض وكالات الأسفار، أو الوسطاء إلى توفير طيران خاص لشخصيات مهمة تطلب ذلك.وتتكلف الوكالات بتأمين حجوزات في فنادق خمس نجوم مجاورة للحرم واختيار أفضل الأجنحة (رئاسية ، أميرية ، ملكية) ذات الإطلالة المتميزة على الحرم وحجز فترة كاملة من العمرة خلال رمضان، أو عيد الفطر، أو في أوقات أخرى من السنة، إضافة إلى تأمين سيارات راقية طوال فترة العمرة ويكون السائق تحت تصرف المعتمر طوال 24 ساعة، وبمرافقة إداريين متمرسين لخدمة وتسهيل العمرة ودفع مشاقها على المعتمرين.وتوفر بعض وكالات الأسفار، إضافة إلى ما سبق، خدمة الزيارة للأماكن التاريخية والأثرية بمكة المكرمة والمدينة المنورة، إضافة إلى إمكانية تنسيق رحلات ترفيهية ورحلات تسوق لمدينة جدة حسب رغبة المعتمر، كما توفر لرجال الأعمال خدمات مختلفة لاستئناف أعمالهم من قلب الحرم المكي، بتوفير مكاتب مجهزة بالهواتف الدولية وخطوط الأنترنيت وسكرتارية خاصة، لذلك يزاوج عدد من المغاربة بين متعة العبادة ومتعة ربط الاتصال بشركاء في دول أخرى لعقد الصفقات التجارية والبحث عن أسواق وعملاء جدد في الدول العربية والإسلامية والأسيوية.المحظوظون يربطون الاتصالات لحجز غرفهم وأجنحتهم بأشهر الفنادق المصنفة القريبة، أو المطلة واجهاتها على الحرم المكي، مثل فندق رافلز ذائع الصيت الذي يحتل قصر «مكة رافلز» موقعا رائعا ضمن مجمع أبراج البيت الذي يحاذي المسجد الحرام والكعبة المشرفة مباشرة، ويسهل الوصول إلى بوابة الملك عبد العزيز التي تعتبر البوابة الرئيسية للمسجد الحرام. ويشكل قصر «مكة رافلز» ملاذا سكنيا راقيا وأنيقا يكثر الطلب عليه، رغم تكلفته الباهظة التي تصل إلى 5 آلاف درهم للية أيام رمضان. ويضم 214 جناحا توفر إطلالات رائعة على المسجد الحرام والكعبة المشرفة، ويجعل من إقامة ضيوف الرحمن في مكة المكرمة مناسبة روحانية يسودها الخشوع والصفاء. وتوفر الأجنحة الرحبة لهذا الفندق المتميز مساحات خاصة بالجلوس وتناول الطعام، وتضفي خدمة الخادم الشخصي لمسات فريدة للخدمة المتميزة، وتعزز من متعة الإقامة في هذا الفندق الفريد.هناك أيضا، فندق «فيرمونت» (خمس نجوم) الذي يقع بجانب المسجد الحرام، ويعد واحدا من أطول المباني في العالم. ويعتبر الفندق جزءا من مجمع أبراج البيت الذي يحتوي على 4000 محل ومتجر، ويقدم مجموعة كاملة من العلامات التجارية العالمية. ويقع على بعد دقيقتين مشيا على الأقدام من المسجد الحرام و6 كيلومترات من غار حيراء.ويذكر أن أغلب الفنادق التي يرتادها المغاربة تقع قرب المراكز التجارية ومراكز التسوق الكبرى، مثل سوق الذهب والمجوهرات ومحلات بيع الأقمشة والمطاعم والكافيتريات والبنوك ومحلات الصرافة ومكاتب السياحة وقاعات الرياضة الراقية، إضافة لخدمات استقبال من والى المطار. يوسف الساكت

العمرة “في أي بي”… متعة وتسوق وترفيه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حمادة: العمرة أصبحت تجارة وسياحة

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لا علاقة لها بالعمرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات