سياسة تقشفية أشعلت فتيل الاحتجاج

رفع الدعم عن مواد أساسية ألهب أسعارها وأخرج الآلاف للتظاهر أدت الأزمة النفطية، خلال 1978، وتدهور أسعار الفوسفاط في الأسواق الدولية بسبب تراجع الطلب إلى تدهور التوازنات المالية التي دفعت المغرب إلى حافة الإفلاس، ونفد احتياطي البلاد من العملات الأجنبية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، إذ لم يعد له ما يكفي من العملة الصعبة لتمويل احتياجاته من الواردات وأداء التزاماته الخارجية، كما أن وضعيته المالية والاقتصادية لم تساعده على الحصول على القروض، لأنه أصبح في وضع لا يسمح له بأداء أقساطها، لذا امتنعت المؤسسات المالية الدولية عن إقراضه. وكان المغرب مضطرا إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قروض عاجلة لضمان السير العادي للمؤسسات، كما اتصل بالبنك الدولي من أجل الحصول على قروض طويلة الأمد لتمويل عمليات إعادة هيكلة الاقتصاد. وخلصت المفاوضات بين المؤسستين الماليتين الدوليتين والسلطات المغربية إلى التوافق على تطبيق المغرب برنامجا إصلاحيا، مقابل قروض تقدمها المؤسستان. وهمت وصايا صندوق النقد الدولي التوازنات المالية للدولة، إذ فرض على المغرب تقليص مجموعة من النفقات ذات الطابع الاجتماعي، خاصة الدعم المخصص لبعض المواد، بالموازاة مع إصلاح النظام الضريبي لرفع الموارد بهدف تقليص عجز الميزانية، في حين أن وصفة البنك الدولي همت الإصلاحات الاقتصادية. وأعد برنامج تحت إشراف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أطلق عليه برنامج التقويم الهيكلي، الذي ينقسم إلى شقين، الشق الأول متعلق بالمالية العمومية والثاني بإصلاح النموذج التنموي الذي كان معتمدا آنذاك على موارد الفوسفاط وتدخل الدولة في كل مناحي الاقتصاد. وشرعت حكومة المعطي بوعبيد، الأمين العام للاتحاد الدستوري، في تنفيذ التزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي، خلال 1981، فقررت رفع الدعم على مواد أساسية وتقليص على أخرى، مثل الزيت والدقيق والسكر والزبدة، ما أدى إلى رفع أسعارها بنسب تتراوح بين 14 % و77، وكان ذلك كافيا لإطلاق شرارة الاحتجاجات الاجتماعية ما بين 28 ماي و 31 منه بوجدة وبركان والناظور بعدما أعلن الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل خوض إضراب عام. واضطرت الحكومة إلى التراجع عن نصف الزيادات التي سبق أن أقرتها، لكن هذه القرارات لم تكن كافية لتهدئة الشارع، خاصة أن المغرب عاش سنوات جفاف صعبة أثرت بشكل كبير على مداخيل شرائح واسعة من المجتمع. ودعت النقابتان مجددا إلى إضراب عام ما بين 18 يونيو و 20 يونيو ، خلال 1981، وانطلقت الاحتجاجات بالبيضاء شاركت فيها كل الفئات الاجتماعية المتضررة والطلبة، وتحولت من حركة احتجاجية إلى أعمال تخريب ونهب للمحلات التجارية والمؤسسات البنكية، فأعطيت الأوامر بتدخل الجيش لإرجاع الأمور إلى نصابها وكانت المواجهة دامية والحصيلة ثقيلة لم يحسم بعد في عدد ضحاياها، فقد سقط 66 قتيلا، حسب الرواية الرسمية، في حين تحدث الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، آنذاك، عن 637 قتيلا، ووصل عدد القتلى بالنسبة إلى التقدم والاشتراكية إلى 800 قتيل، في حين تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن سقوط ما لا يقل عن ألف قتيل. ومهما يكن العدد، فإن أحداث 20 يونيو والضحايا الذين سقطوا، خلالها، كانت بسبب سياسات اقتصادية فاشلة لم تكن محسوبة العواقب، أدت إلى وصول البلد إلى حالة الإفلاس، ولم يصبح لديه أي هامش للمناورة، وكان مضطرا إلى تنفيذ توصيات المؤسستين الماليتين الدوليتين، رغم انعكاساتها الاجتماعية القاسية. عبد الواحد كنفاوي

سياسة تقشفية أشعلت فتيل الاحتجاج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجزائر تسجن 42 "حراكا" مغربيا

تعليم السياقة ... العربة أمام الحصان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات