القذف… جرائم السياسيين بامتياز

قاض لنائب سابق لرئيس مجلس النواب: قلتي للسيدة تتنظمي السهرات في الرباط ولايحة راجلك إنجاز: عبد الحليم لعريبي (تصوير- عبد المجيد بزيوات) تصفية الحسابات بين السياسيين تخرج عن اللباقة بين الفينة والأخرى، ويتعدى ذلك إلى الخوض في الأعراض للنيل من الآخر، من أجل الوصول إلى أهداف معينة. قضية تستأثر باهتمام الرأي العام، داخل الأوساط السياسية بالرباط، بعد تسريب شريط صوتي يتحدث عن علاقة مشبوهة بين امحند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية والقيادية بالحزب ذاته حليمة العسالي، ويتابع في الجريمة رفيقان سابقان للأمين العام، بتهمتي السب والقذف. ولم يكن المتهم الأول سوى عبد القادر تاتو النائب البرلماني عن ولايتين باسم "السنبلة" بدائرة المحيط بالرباط، وأمين مال الحزب في ولاية العنصر ما قبل الأخيرة، ونائب رئيس مجلس النواب بولاية 2011-2016، ورئيس مجلس عمالة الرباط، أما المتهم الثاني فهو الحسين الكرومي نائب عمدة الرباط. داخل قاعة صغيرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، دخل عبد القادر تاتو الذي تقلد في وقت سابق مهام تنظيمية باسم حزب الحركة الشعبية سواء على مستوى مجلس المدينة أو العمالة أو مجلس النواب، إلى القاعة رقم 3، على الساعة الحادية عشرة صباحا، وضع يده على خده وجلس بالصف الأيسر للقاعة، ينتظر دخول الهيأة القضائية، فيما جلس شريكه في جريمة السب والقذف بالصف الأيمن، وشرع في تصفح هاتفه وبعض الوثائق. وعلى الساعة الحادية عشرة و20 دقيقة دخل القاضي المقرر وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط، ونادى رئيس الجلسة على اسم المتقاضي الأول الذي لم يكن سوى عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وبعدها وقف دفاعه الطيب الأزرق وأدلى بمذكرة للمحكمة، وأجل رئيس الجلسة القضية إلى 18 مارس الجاري. وبعدها انتقل الرئيس إلى الملف الثاني المدرج الاثنين الماضي، بالقاعة نفسها، ونادى الرئيس على تاتو والكرومي، فطاطأ السياسيان رأسيهما، وتلا عليهما القاضي اسميهما وتاريخ ازديادهما وأسماء والديهما، وبعدها أشعرهما بالتهمة المنسوبة إليهما في جرائم السب والقذف طبقا للفصل 83 من قانون الصحافة، والفصول 441 و442 و443 من القانون الجنائي. واستفسر القاضي النائب السابق لرئيس مجلس النواب حول الاتهامات المنسوبة إليه، وبعدها انتقل إلى المتهم الثاني وهو نائب عمدة الرباط حاليا، فاستفسره عن التسجيل الصوتي فتبرأ من الكلام الصادر عنه. وبعدها منحت الكلمة إلى هيأتي دفاع الطرفين، لتقديم الدفوع الشكلية، فطالب المحامي حسن حلحول، دفاع تاتو، هيأة المحكمة بعدم قبول الشكاية، مؤكدا أن محضر مفوض قضائي لمعاينة مقال موقع إلكتروني منشور في الموضوع، لا يتطابق مع الشكاية المباشرة التي تقدم بها دفاع المشتكية، وهو ما يعتبر خرقا لشروط الشكاية المباشرة الموجهة مباشرة إلى المحكمة، كما اعتبر المحامي حاتم عريب، دفاع المشتكى به بدوره، أن الجريمة ارتكبتها الجريدة الالكترونية التي نشرت التسجيل الصوتي والمقال، وأن شكاية القذف والسب يشترط فيها إحضار الصحافي والناشر، وطالب ببطلان الشكاية المباشرة. محامون آخرون ينوبون عن المشتكى بهما طالبوا هيأة المحكمة بعدم قبول الشكاية المباشرة، مؤكدين أن المقال والتسجيل تضمنا فقط اسم العسالي ولم يتضمنا الاسم الكامل للمشتكية، كما أن اسم المشتكى به الكرومي، أكد دفاعه أن اسم موكله ليس "الكرومي" بالصيغة التي جاءت بها الشكاية، وهو ما يتناقض مع شروط قبول الشكاية المباشرة. وختم محام آخر بأن الشكاية تضمنت أن موكله تاتو يقطن بالرباط، لكن الحقيقة تثبت العكس، إذ يقطن حسب قوله بحي بطانة بسلا، والتمس عدم قبول الشكاية. لكن الدفوعات الشكلية التي تقدمت بها هيأة دفاع المشتكى بهما تصدى لها المحامي محمد السرغيني عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية الذي كلفه امحند العنصر الأمين العام للحزب برفع الدعوى القضائية، ضد رفيقيه السابقين، بعدما انتشر التسجيل الصوتي الذي دار بين الكرومي وتاتو في أكتوبر 2016، تزامنا مع الانتخابات التشريعية، وتسرب نهاية السنة الماضية، ما تسبب في ضجة هزت البيت الحركي، وقرر الحزب اللجوء إلى القضاء للدفاع عن كرامة أمينه العام والعسالي. بسط المحامي السرغيني المختص في القضايا الجنحية، مختلف الشروط القانونية التي تضمنتها الشكاية المباشرة، معتبرا أنها تضمنت مختلف الجوانب الرئيسية، لقبول الشكاية المقدمة أمام رئيس المحكمة الابتدائية، كما أن استدعاء الصحافي أو مدير نشر الجريدة الإلكترونية غير منطقي، وأن هذا يدخل في إطار التضييق على حرية الصحافة والتعبير، وأن الصحافي من حقه نشر المعلومات، بعدما توصل بالشريط المنسوب إلى المشتكى بهما. وبعدما انتهت الدفوعات الشكلية قررت المحكمة ضمها إلى الجوهر، وشرعت في مناقشة القضية. الانتقال إلى مضمون الشريط وجد المشتكى بهما نفسيهما في موقف محرج، حينما وجه رئيس الجلسة أسئلة إلى تاتو حول مصدر الحديث الذي دار مع الكرومي، لكن الأول تهرب من الإجابة، فسأله القاضي هل الكلام الوارد بالتسجيل المسجل يعود له، فأنكر حديثه عن المشتكية، فرد القاضي مرة أخرى "واش تصنتي للتسجيل"، فأجابه بأنه علم بمضمونه انطلاقا من معارفه. لكن الكرومي نفى سماعه للتسجيل الصوتي، ففاجأ دفاع العسالي المحكمة بتوفره على الشريط داخل هاتفه، وعرضته المحكمة على المتهمين، ورغم سماعهما له، تهربا من مسؤوليته. وشرع القاضي في مناقشة الملف بتوجيه كلامه للمتهم الأول "قلتي السيدة راكي قوادة وتتنظمي السهرات بالرباط ومخليا راجلك ملاوح في اخنيفرة"، لكن تاتو واصل إنكار ما نسب إليه، وتملص من التهمة الموجهة إليه، مضيفا أن هذا الكلام لا يعود إليه. وبعدها نفى شريكه بدوره التهمة المنسوبة إليه، وأمر القاضي دفاع العسالي بمنح الهاتف إلى المتهم الثاني الذي يتضمن التسجيل الصوتي المسرب. وضع الكرومي الهاتف على أذنه لسماع تسجيل الحديث الذي دار بينه وبين تاتو، لكن بعد الانتهاء من التسجيل رد الظنين "ما بقيتش تنذكر واش ديالي أو لا لا "، لكن المحامي السرغيني انتفض أثناء المرافعة، معتبرا أن كرومي خبير عقاري محلف ويصعب عليه عدم تذكر مثل هذه التصريحات. وأوضح السرغيني أن المشتكى بهما كانا مناضلين بالحزب، وأن ما صدر عنهما يندى له الجبين، مضيفا أنه لا يعقل نعت موكلته بالمرأة الحديدية، وبالخوض في شرفها وعرضها وكرامتها، وأنها سليلة أسرة مقاومة قدمت شهداء في سبيل الوطن، وأن ما سبب ضررا لموكلته أن زوجها معروف على صعيد خنيفرة، وأن ما راج بالشريط المسرب، تضمن سبا وقذفا نتجت عنه أضرار، بعدما تدوول على نطاق واسع وتناقلته وسائل إعلام. من جهته اعتبر أحد أعضاء دفاع المشتكى بهما أن دفاع المشتكية تحدث عن انتشار الشريط المسجل في أكتوبر 2016، وهو ما يعتبر أن الجريمة سقطت بمقتضى قانون الصحافة والنشر، بعدما تجاوزت مدة 6 أشهر، لكن دفاع المشتكية تصدى من جديد إلى مرافعات الخصم، معتبرا أن الجريمة قائمة وأن الأضرار التي لحقت بموكلته ثابتة، كما ضربت حسب قوله الحزب في الصميم الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى 30 سنة. مؤامرة سياسية منح القاضي الكلمة الأخيرة لتاتو، فصرح بثقة عالية في النفس، أنه يتعرض لمؤامرة سياسية بالرباط، وأن تسريب الشريط والمحاكمة مدبران، منذ البداية، وبعدها أجلت المحكمة الملف للتأمل والنطق بالحكم في 18 مارس الجاري، بعدما استمعت إلى مرافعات دفاع الطرفين. 100 مليون تعويضا طالبت الشكاية المباشرة الموجهة إلى رئاسة المحكمة الابتدائية بالرباط، بتعويض قدره 100 مليون سنتيم، بعدما قررت صاحبتها اللجوء إلى القضاء بأمر من الأمين العام لحزب الحركة الشعبية. وأثارت النازلة استياء عميقا وسط قيادات حزب الحركة الشعبية سواء بمكتبه السياسي، أو بمكتبه الإقليمي بخنيفرة.

القذف… جرائم السياسيين بامتياز

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إقبال على "الداش كاميرا"

اقتناء سيارة جديدة … شروط اللعبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات