الحكم على مبارك بين القانون والسياسة

عمرو الشوبكي: الثوار والنيابة العامة لم يقدما أدلة لإدانة الرئيس المخلوع صدر الحكم على الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد، وبرأت المحكمة نجليه وحسين سالم ومساعدي العادلي من التهم التي وجهت إليهم بالتربح والفساد المالي والسياسي وقتل المتظاهرين. وإذا كان صحيحا أن مبارك هو الحاكم الأسوأ فى تاريخ مصر الحديث، فلم تعرف حاكما أهان الشعب مثلما فعل مبارك، وتفرج على كوارثه وآلامه وكأنه ليس واحدا منهم، وأدار البلد بالمواءمات وقتل الكفاءات والفساد، وتحويل معظم مؤسسات الدولة إلى خرابات حقيقية، لأن المهم هو البقاء في الكرسي وتوريثه إن أمكن وليس الإصلاح والتقدم.لم يقدم مبارك شيئا لمصر إلا البقاء جاثما على أنفاس الناس 30 عاما، وختمها بتعامله المتبلد مع ثورة 25 يناير، إذ بقي لا ينطق منذ اندلاع الأحداث يوم الثلاثاء 25 يناير حتى جمعة الغضب فى 28 يناير، مكتفيا بالمشاركة في قتل المتظاهرين العزل.ووضع القاضي المحترم أحمد رفعت هذه الخلفية في المقدمة التي تلاها قبل النطق بالحكم، وتحدث عن معاناة المصريين في عهد مبارك واضعا مقدمة سياسية بامتياز في محاولة لتخفيف أثر الحكم القانوني على الأوضاع السياسية.والمؤكد أن الحكم خضع لاعتبارات عديدة معظمها قانوني، إلا أن الناس طالبوه بحكم سياسي دون أن تجتهد أجهزة الدولة التي بقيت على حالها، ولا النائب العام ومعه كل التيارات السياسية المعارضة والثورية في تقديم أدلة قانونية دامغة تدين مبارك على فساده، واستسلم الجميع للعقبات التي وضعها النظام القديم ورموزه النافذة في الدولة، وقدمت أدلة ضعيفة أمام المحكمة.لقد كان أمامنا مساران في التعامل مع مبارك ورموز عهده لم نأخذ بأي منهما، الأول: هو المحاكمة السياسية أو الثورية التي لا نوافق عليها، وفيها تتم محاكمة مبارك من خلال محكمة ثورية أو سياسية لا علاقة لها بالقضاء العادي، وتدينه على جرائمه السياسية، دون الحاجة إلى تقديم أدلة ودفوعات قانونية بالمعنى المتعارف عليه في المحاكم. والثاني هو محكمة قضائية خاصة، بل وربما دائرة قانونية كاملة بها مدع عام للثورة ومحققون مستقلون مهمتهم جمع أدلة إدانة موثقة لأركان النظام السابق، كما جرى في محاكمة كثير من رموز الديكتاتورية في أوربا الشرقية، إذ كانت هناك محكمة قانونية وليست سياسية، ومع ذلك أصدرت أحكاما قاسية على كثير من رموز الأنظمة السابقة.مشكلتنا أننا اخترنا المحاكمة القانونية وهو الخيار الصحيح بأدوات باهتة ودون امتلاك إرادة سياسية من قبل السلطة الحاكمة على تقديم أدلة قوية تدين مبارك على جرائمه، ولم تأخذ القوى السياسية بجدية موضوع تجميع أدلة إدانة موثقة تقدم للمحكمة لإدانة مبارك، واستسهل كثير منها الهتاف والتظاهر بدلا من العمل الجاد على توثيق أدلة الإدانة.لقد أسس القاضي حكمه على أمر غير مسبوق في أحكام القضاء المصري، وهو المشاركة في الجريمة بالامتناع عن إيقافها، واعتبر أن مبارك من موقعه رئيسا للجمهورية، والعادلي من موقعه وزيرا للداخلية كان بإمكانهما وقف جريمة قتل المتظاهرين، وهو ما لم يقوما به، وبالتالي حكم عليهما بالإدانة بالسجن المؤبد، في حين أن المتهمين الآخرين حصلوا على البراءة لأنهم لم يكونوا في موقع المسؤولية الأولى التي تجعلهم قادرين على وقف هذه الجريمة.دلالة هذا الحكم أنه لا توجد أدلة تقول إن مبارك أصدر أوامره بقتل المتظاهرين، وأيضا برئ من تهمة التربح، وبالتالي فإنه أدين بسبب عدم إيقافه هذه الجريمة.ويبقى السؤال: هل يمكن تقديم أدلة جديدة تدين مبارك أم ستبرئه محكمة النقض لأسباب قانونية؟ عن جريدة المصري اليوم

الحكم على مبارك بين القانون والسياسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإفلاس يهدد المقاولات الصغرى بفاس

محاكمة جديدة لأب بالقنيطرة برئ من استغلال ابنتيه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات