مشاريع “موقوفة التنفيذ” بالمدينة القديمة بالبيضاء

السكان يؤكدون أن أبواب الجمعيات مغلقة في وجوههم وأن بعضها فقط يستفيد من أموال المبادرة جولة صغيرة بالأزقة الضيقة للمدينة القديمة بالبيضاء، تكشف واقعا مرا. وتبادل الحديث مع سكان تلك المنطقة، يفضح ما تريد جهات كثيرة إخفاءه. إنه واقع، ربما يعلم تفاصيله الكثيرون، إلا أنهم لا يملكون إمكانيات تغييره. يتخبطون فيه، دون أن يرفعوا أصواتهم من أجل أن تصل إلى المسؤولين ليحاولوا تغييره، لو كانوا مستعدين لذلك. منذ 2005، حين أعطى الملك محمد السادس انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استبشر سكان المدينة القديمة خيرا، آملين في أن تغير تلك المبادرة حياتهم وتنتشلهم من عالم الفقر والحرمان، باعتبار أن أهدافها تذهب في هذا الاتجاه، إلا أنهم فوجئوا بغير ذلك، وأصبح اسم «المبادرة الوطنية للتنمية» يكتب على لافتات ويعلق بمباني المدينة، على أساس أنها جمعيات تسعى إلى خدمتهم وتنميتهم، لكن الواقع أن السكان لا يعرفون عنها شيئا، وتظل أبوابها مغلقة.إنهم سكان غير راضين عن ما آلت إليه المدينة، ومتذمرون من لا مبالاة المسؤولين، الذين ضربوا بعرض الحائط مبادئ وقيم المبادرة، والمتعلقة بالمشاركة والشفافية والتعاقد والتفاعل والتنمية والتواصل مع الفئات المستهدفة والمستفيدة من تلك المشاريع...أغلب مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمدينة القديمة، التي رصدت لها ميزانية كبيرة، لا حياة لها، وبعضها، حقق جزءا صغيرا من التزاماته واختفى، مؤكدا أنه حقق الكثير للسكان وستحقق الباقي لو استفادت من مبالغ مالي جديد، باعتبار أن الأول لم يكن كافيا.لعاب تلك الجمعيات لا يتوقف، دائما تطمع في الاستفادة من أموال جديدة، رغم أنها ليست عند حسن ظن السكان. ولا جديد تأتي به، سوى أنها في كل مناسبة تخرج إلى الواجهة وتذكر السكان بأنها مازالت في الحياة. لا فائدة من تلك الجمعيات، حسب ما أكده سكان المدينة القديمة، سوى أنها تتكلم باسمهم في بعض المناسبات، رغم أنها لا تعرف معاناتهم، ولا يحتاجون أن تتكلم باسمهم لأنها لن تقول الحقيقة. إنها جمعيات «تهدف إلى الربح فقط، وإلى الاستفادة من أموال المبادرة التي وضعت أساسا للفئات المعوزة»، على حد تعبير أحد السكان رفض ذكر اسمه، متسائلا «كيف يمكن لتلك الجمعيات أن تستفيد من أموال المبادرة دون أن تحقق ما تعهدت بتحقيقه؟ لا نعلم كيف تجرؤ على الكذب، وتحرمنا من الاستفادة من مشاريع المبادرة؟». وأضاف المتحدث ذاته الذي التقته «الصباح» خلال جولتها في أحياء المدينة القديمة الضيقة، أن «أسماء معروفة هي فقط من تستفيد من تلك الأموال، وتزيد الأمر تأزما بعد أن تستحوذ على الأموال دون أن تحقق تلك المشاريع، وإذا خافت أن ينكشف أمرها، تنجز جزءا من المشروع فقط، ولا يستفيد منه سكان المنطقة، إنما أشخاص غرباء مقابل مبالغ مهمة من المال، وهذا ما يتناقض مع ما جاءت به المبادرة».في هذا الصدد، قال موسى سيراج الدين، رئيس جمعية «ولاد المدينة»، إن مشاريع المبادرة الوطنية بالمنطقة، لم يستفد منها سوى المقربون من بعض الجهات، مشيرا إلى أن عددا من الجمعيات هي التي تستفيد من أموال المبادرة منذ أن أعطى الملك محمد السادس انطلاقتها، في الوقت الذي تضع أمام الكثير من الجمعيات عراقيل أثناء إنجاز ملف الاستفادة، ولا يحظى مشروعها بالقبول، تحت مبرر تافه وبعيد عن الصواب.وأضاف سيراج في حديثه مع «الصباح» أن الواقع الحالي الذي تطبق فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بعيد كل البعد عن المفاهيم والفلسفة التي جاء بها هذا الورش الوطني الكبير، من تحقيق المشروع المجتمعي التنموي، مشيرا إلى أن الكثير من الجمعيات في المدينة القديمة، تظل خارج التغطية، وأبوابها مغلقة «لا نعلم ما الفائدة منها، سوى أنها تستفيد من أموال المبادرة»، مطالبا بفتح تحقيق حول مشاريع المبادرة، من أجل أن تعم الفائدة الفئة المعوزة التي جاءت من أجلها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.ومن جانبهم، يجمع الكثير من المهتمين على أن المسؤولين عن المبادرة من بين أسباب فشل مشاريعها، مؤكدين أنهم يمنحون أموال المبادرة لجمعيات أغلبها لا تتوفر على الكفاءة لتنفيذها ولا يتوفر أعضاؤها على التكوين اللازم لذلك، إلى جانب افتقارها للآليات الناجعة لرصد مطالب السكان، الأمر الذي يحكم على تلك المشاريع بالفشل، لكنها، للأسف، تضخ الأموال في صناديقها. ويوضح المهتمون ذاتهم، أن الحصول على أموال المبادرة ليس كافيا لتحقيق أهدافها، المتعلقة أساسا بتنمية الفئة المعوزة، مشيرين إلى أن الوضع كان من الممكن أن يكون أفضل، إذا لم تعط الأموال لتلك الجمعيات، أو على الأقل أن تتأكد من أنها تستطيع أن تضيف الجديد في العالم الجمعوي، وتحقق أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.كما أن عدم تحيين المسؤولين عليها، أو الجهات الذي ترخص للجمعيات للحصول على أموال المبادرة، من بين الأسباب التي تعيق تحقيق أهدافها، معتبرين أن ذلك يعطي الفرصة لجمعيات كثيرة للاستفادة من المشاريع. إيمان رضيف

مشاريع “موقوفة التنفيذ” بالمدينة القديمة بالبيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشاكل بنيوية تؤرق برامج المبادرة بتاونات

تقرير التنمية البشرية:المغرب الأضعف عربيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات