معالجة البنايات الآيلة للسقوط… من جطو إلى بنكيران

من برنامج سداسي إلى مخطط استعجالي إلى مجرد لجنة وزارية يترأسها رئيس الحكومة قدر محمد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، عدد المباني والمساكن المهددة بالانهيار على المستوى الوطني في 114 ألف وحدة سكنية، في وقت حصر سلفه أحمد توفيق احجيرة، زير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، عدد الأسر المعنية بهذه الدور الآيلة للسقوط في 141 ألف و295 أسرة.ورغم هذا التحديد، الذي ورد في تصريحات رسمية أمام المؤسسة التشريعية، لا يمكن، في الواقع، التكهن بالرقم الحقيقي والنهائي لهذا النوع من البنايات في وجود عوامل متداخلة تساهم في تعقيد الـ"حساب" الدقيق لهذه الظاهرة، مثل تقادم المباني وغياب الهياكل الداعمة للبنيات وضعف جودة مواد البناء، كما هو الحال بالنسبة إلى الأحياء غير القانونية.وكانت حكومة إدريس جطو انتبهت، على نحو جدي إلى خطورة هذا الموضوع، إذ سارعت إلى وضع برنامج وطني من أربع ركائز، مؤسساتية وقانونية ومالية ووقائية، يتصدى لمعالجة البنايات المهددة بالانهيار، قدم أمام الملك محمد السادس سنة 2004 ورصد له غلاف مالي قدر بـ890 مليون درهم من المقرر أن يكون العمل انتهى به السنة ما قبل الماضية.وفي غياب تقييم رسمي لهذا البرنامج والنتائج الحقيقية التي حققها وإكراهات الإنجاز والتمويل وعوائق الشراكة بين جميع الأطراف المعنية، يمكن العودة، على سبيل الاستئناس، إلى الركائز الأربع التي اعتمد عليها برنامج معالجة البنايات الآيلة للانهيار لتسجيل ملاحظة أساسية ملخصها أن الحكومات المتعاقبة منذ عبد الرحمان اليوسفي إلى عبد الإله بنكيران لم تعدم المخططات والمشاريع والدراسات والبرنامج، بقدر ما كانت تفتقر إلى آليات المتابعة والمحاسبة ووضع الرجال المناسبين في الأماكن المناسبة..والنتيجة استمرار آفة الانهيار.في الجانب المؤسساتي، عملت حكومة إدريس جطو على تشكيل لجان محلية مختلطة للتتبع وتدبير المخاطر، تضطلع بمجموعة من المهام، تتمثل في الزيارات الميدانية لتحيين المعطيات المتعلقة بالبنايات المهددة بالانهيار، والتصنيف الأولي للبنايات حسب درجة الخطورة، والبت في مصير البنايات، التي تستدعي تدخلا عاجلا من أجل التدعيم المؤقت، وكذا البت في قرارات الهدم الصادرة سابقا في البنايات المعنية، إضافة إلى خلق إطار تواصلي مع السكان المستهدفين بالظــــاهرة.وعلى المستوى القانوني، جرى العمل على إدماج نصوص متعلقة بتدبير ملف البنايات المهددة بالسقوط ضمن مدونة التعمير، كما جرى استصدار وتفعيل قرارات الإفراغ والهدم وقرارات الاستصلاح على ضوء أشغال اللجنة المحلية ونتائج الدراسات التقنية، كما جرى الإقرار بتفعيل القوانين الزجرية المتعلقة باحترام المعايير التقنية في ميدان البناء والتعمير وبتفعيل الضابطة المتعلقة بالقانون المضاد للزلازل.وبخصوص الجانب المالي، جرى إنشاء صناديق محلية بهدف تمويل الدراسات التقنية والمصاحبة الاجتماعية ودعم أشغال التقوية ثلث القيمة الإجمالية للأشغال في حدود 60 ألف درهم للبناية، بالإضافة إلى المساهمة في إعادة إسكان الأسر المعنية الثلث من القيمة الإجمالية للسكن في حدود 40 ألف درهم.وفي ما يتعلق بالجانب الوقائي، تقرر إعادة تأهيل الأنسجة العتيقة والأحياء المعنية بالظاهرة، وذلك عبر تأهيل البنيات التحتية الأساسية، وتخفيف من الكثافة بالأنسجة العتيقة، وتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال، وتعميم وثائق التعمير وتكييفها مع المعطيات المتعلقة بهذا الصنف من الأنسجة، بالإضافة إلى فتح مناطق جديدة للتعمير قصد توفير منتوج يلائم القدرات الإدخارية للسكان.بعد هذا البرنامج الذي لا يعرف المغاربة مصيره، عادت حكومة عباس الفاسي للتفكير في وضع برنامج استعجالي يغطي سنتي 2010 و2011 لمواجهة الظاهرة يرتكز على خمسة محاور تهم رصد 130 مليون درهم دعما مباشرا للأسر المتضررة وإعادة إسكان المتضررين مع تعبئة العقار المخصص لذلك من طرف الجماعات المحلية وتكليف الوكالات الحضرية بمهمة جرد للمناطق المهددة بالفيضانات بعد تحديدها من طرف وكالات الأحواض المائية.كما أنجزت الحكومة نفسها دراسات تقنية بالتعاقد مع المكتب العمومي للتجارب والدراسات لتصنيف البنايات حسب درجة الخطورة، وإبرام حوالي 74 اتفاقية ما بين 1999 و2009 تهم 34 مدينة عتيقة و23 من القصبات والقصور و16 مبنى مهددا بالانهيار، بموازاة اتخاذ قرارت للإفراغ والهدم والإصلاح بناء على أشغال اللجان المحلية التي تشرف عليها السلطات المحلية.وبشر أحمد توفيق احجيرة، زير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، بإصدار قانون خاص بالتدخل في المباني الآيلة للسقوط، توقع له نهاية السنة الماضية، يتضمن جوانب متعددة منها إحداث صندوق خاص بالتدخل في المباني المهددة بالانهيار، وهو المشروع الذي لم ير النور إلى حد الساعة.بالنسبة إلى حكومة عبد الإله بنكيران، لم يبرح وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، مستوى التشخيص لظاهرة معقدة وتقديم بعض الأرقام، منها مجهودات الدولة في محاربة السكن المهدد بالانهيار بلغ 1.35 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من سنة 2003 إلى سنة 2011 استفادت منه 87500 أسرة. وأقر نبيل بنعبد الله بوجود صعوبات لتقديم إحصاء شامل للسكن المهدد بالانهيار على الصعيد الوطني، مشيرا، في جواب أمام مجلس المستشارين، إلى أن ذلك يتطلب متابعة تقنية تقوم على أساس خبرة مكلفة من الناحية المادية، وأن الوزارة تعمل على تدارك هذه الصعوبات.وبخصوص التدخل في هذا النوع من البنايات من أجل الإصلاح أو الإخلاء، وإعادة الإسكان، أوضح المسؤول الحكومي أن الوزارة تعمل على إعداد برنامج تشاركي للتدخل في هذه الأنسجة مع توفير منظومة قانونية ومؤسساتية تحدد مهام كل متدخل.وبعد الحادث المؤلم لانهيار منزل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، عاد وزير السكنى والتعمير للإعلان عن تشكيل لجنة حكومية لمعالجة إشكالية البنايات الآيلة للسقوط، برئاسة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بتنسيق مع جميع المتدخلين لمعالجة إشكالية هذا النوع من البنايات بمختلف المدن المغربية. وزاد الوزير أن الحكومة عازمة على مقاربة هذا الموضوع باستعجال لإيجاد الحلول اللازمة، وذلك استجابة لانتظارات المواطنين بهذا الشأن". يوسف الساكت

معالجة البنايات الآيلة للسقوط… من جطو إلى بنكيران

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخلفي: البيضاء تضم 60 ألف بناية مهددة بالانهيار

المدينة القديمة بالبيضاء... انفجارات البشر والحجر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات