دراسة: من يحمي مهنة العدالة وكرامة العدول؟

قبول النقد الذاتي البناء، لفائدة الصالح العام في الإصلاح والتخليق ما زال سيد الموقف يبدو أن الدراسة التشريحية المهمة، لوضعية مهنة العدالة، وقيادة الهيأة الوطنية للعدول بالمغرب، التي قام وتفضل بها، مشكورا، الأستاذ الباحث الدكتور العدل: عبد السلام أيت سعيد، ضمن سلسلة بحوثه القيمة، ودراساته التنويرية، في إطار إصلاح وتخليق التوثيق العدلي ومهنة العدالة بالمغرب، التي بزغت بنشرها، شمس بعض الصحف الوطنية، في أعداد سابقة، تحت عنوان: ( الهيأة الوطنية للعدول، وظائف القيادة وعيوب الممارسة)، يبدو أنها لم تجد، بالقدر الكافي، في الوسط المعني، آذانا صاغية، ولا أفئدة متقبلة راضية منفتحة، وأن غياب قبول النقد الذاتي البناء، لفائدة الصالح العام، في الإصلاح والتخليق، لازال سيد الموقف. حيث إنه من خلال ما يعاش، ميدانيا، في عدة جهات، ومن خلال ماشوهد، أخيرا، عشية تاريخ 19-3-2012، على شاشة التلفاز، في بعض البرامج التلفزيونية الوطنية، يؤكد أن الأمر ما زال على ما كان عليه: ( خدمة الذات والأنصار، وفرض سلوك الأمر الواقع في الميدان: نافق ووافق، أوفارق) جريدة العلم عدد: 22161 بتاريخ 21-12-2011.كما أن فكر الغنيمة الذي تلبست به نشأة الهيأة الوطنية للعدول في ميلادها، بذهنية بعض المتزعمين والمناصرين الذاتيين، ما زال قائما ( جريدة الصباح عدد: 3636 بتاريخ 22-12-2011)، إذ كم كان مؤسفا، ومخيبا للآمال، ذلك اللقاء التلفزيوني، الذي أبى، ضمنيا، منظموه، وكل السادة المشاركون فيه، إلا أن يتحفوا، ويكرموا، به الوثيقة العصرية ـ ربما بمناسبة إعطائها الجنسية المغربية مؤخرا ـ على حساب الوثيقة العدلية المغربية على مرأى ومسمع من جموع المشاهدين، في الداخل والخارج، وبحضور وزارة العدل والحريات، في تدخلات منها تراتبية، وترجيحية ملحوظة، وباسم التوثيق العدلي بالمغرب، وهذا ليس في العيب والإحراج ببعيد أو عميق، وإنما العيب كله والإحراج في عمقه، أن السادة العدول الضيوف على البرنامج أعلاه، إيكو ـ إيكو ـ في موضوع: ( العدول والموثق (هكذا) في خدمة التنمية الإقتصادية)، لم يستثمروها، فرصة مناسبة، لرد الإعتبار للعدول، ولمهنة العدالة بالمغرب، هذا الإعتبار، الذي توارث المس به، الخلف عن السلف، منذ عهد الحماية البائد، لفائدة التوثيق الفرنسي ورجالاته، أقول: لم يستثمروها، فرصة سانحة، لتوعية المشاهد الكريم، بالحقيقة والظلم التاريخي، وبالمزايا، والخدمات الرسمية الجليلة، والمستمرة، التي توفرها مهنة العدالة بالمغرب، من خلال عدولها، من: تنمية اقتصادية مهمة، ومستمرة، وتاريخية، ومن مساهمات كبيرة وكثيرة، في تحقيق العدالة الوقائية والأمن التعاقدي، في الحفاظ على الأموال والأنساب، والأعراض، وكل الحقوق، ومن أصالتها الوطنية والشرعية، ومن تجسيدها الفعلي في الميدان، للمصلحة العامة، في كونها مساعدة للقضاء، حقا وفعلا، في مبدإ: القضاء في خدمة المواطن، وفي: قضاء القرب لفائدة المواطن، رغم السياج القضائي المضروب على نشاطها، منذ بداية تاريخ الحماية البائدة. وراح هؤلاء العدول الضيوف، يناقشون اعتباطيا وذاتيا، ودون مرجعية قانونية، أو شرعية، أو مجتمعية، وكأن مهنة العدالة بالمغرب، وليدة البارحة فقط ! اللهم ما كان راجعا في أبعاده الملحوظة، إلى فكر الغنيمة والاغتنام السريع، وتبرير الممنوع في شأنهما، بجهد جهيد ! وانصب اهتمام أحدهم، في افتخار عاطفي شامخ، بمساعيه البطولية القديمة، في ارتفاع تعرفة الأجور، على مختلف المتعاقدين، لفائدة العدول، بنسب عالية، ممثلا لذلك بعقد الإراثة، الذي ارتفعت أجرته على المتعاقدين، من 50 درهما في قانون 1983 الى 700 درهم بالفريضة في قانون 2008، متغاضيا، على شاشة التلفاز، عن صريح المادة 42 من قانون 2008 نفسه، في أن الأجرة تستخلص على أعلى فصل في الوثيقة فقط، ومتغاضيا عن الحق الشرعي للمتعاقدين، في التراضي على حسب حالهم، من منطلق، أن القضاء في خدمة المواطن، وأن الشرع، صريح في التراضي عن الأجرة بين العدول والمتعاقدين، حيث قال تعالى في سورة البقرة:( ولا يضار كاتب ولا شهيد) الآية 281. الشئ الذي غاب بسببه، من ذهنية المتدخل هذا، مراعاة الجانب المجتعي، والشرعي، والقانوني، قبل كل شىء، وهو الشئ الذي استغله، وانتبه إليه، ورجح به الكفة لصالحه، أحد المتدخلين في نفس البرنامج، من السادة الموثقين الذي أكد على أن تعرفة الأجور غير محددة في قانونهم ! وأنهم يراعون فيها الوضعية المادية لكافة زبنائهم !.كما انصب اهتمام عدل آخر من نفس الضيوف، في مداخلته، على التباهي بالنجاح الباهر الذي حققوه لمصلحتهم الشخصية الخاصة، في جمع مكاتبهم العدلية المحددة «قانونيا» في 25 مكتبا، في مكتب واحد موحد، يأتي إليه المتعاقدون، بالرغم عنهم، شادين إليه الرحال، من كل حدب وصوب في الناحية، ضاربا بسيادته عرض الحائط بكل المصالح القانونية، التي وفرها القانون لهؤلاء المتعاقدين، من : القضاء في خدمة المواطن، ومن : قضاء القرب، لفائدة المواطن، ومن النصوص القانونية الصريحة، والواضحة، الواردة في إلزامية مراعاة مصالح المواطنين، من: ـ تحديد المكاتب العدلية، على حسب مصالح المواطنين ـ تحديد عدد العدول بكل مكتب محدد حسب مصلحة المواطنين،ـ تحديد أماكن قريبة من المواطنين لهذه المكاتب العدلية، عملا بقانون ( تحديد المكاتب العدلية ومقارها وعدد العدول بها) المنشور بالجريدة الرسمية رقم 5729 بتاريخ 27-4-2009.ومتغاضيا كذلك، على أن مصالح سكان الناحية وغيرها، لا يمكن، ولن يمكن أن تختزل في موافقة السيد قاضي الناحية، ولا في غض بصره على هذا التصرف أو ذاك، ولا في تصفيق شخص واحد، أو شخصين، على هذا الإخراج المصلحي الخاص، لأن القانون فوق الجميع، ولا يعذر بجهله له أي أحد كيفما كان، كما أن فرض الأمر الواقع، سواء على المواطنين، أو على العدول أنفسهم، أو على صريح القانون، للحصول في النهاية على الغنائم الكثيرة، لا يرقى، ولن يرقى إلى درجة مبررة لخرق القانون، أو التعالي عنه، أو هضم حقوق المواطنين، وخصوصا في الظروف الراهنة، وفي ظل الدستور الجديد، وأمام الجهات المنافسة في الميدان، مجاهرا بخرق القانون، في العلاقة مع مصلحة الضرائب (وسنعود لتفصيل هذا في مناسبة لاحقة) .وهذا ما يمكن، وما ينبغي أن يتصوره كذلك، عدلان آخران من العدول الضيوف على البرنامج أعلاه، حيث ركز أحدهما مداخلته، على إمكانية جمع الغنائم، لمواساة العدول عند الاقتضاء، والدفاع عنهم بها، حتى لا يتعرضوا للعقوبات الزجرية، أو التأديبية، مع أن التمثيل أو الدفاع، باسم الهيأة الوطنية للعدول، على العدول، لا يسمح به القانون المهني الآن، إلا في حدود المصلحة العامة للمواطن، من: إبداء الرأي عند الطلب، أو عند الحاجة، وفي خصوص المسائل المدنية فقط، عملا بالقانون المهني 16.03 وخصوصا في فقرته 2 من المادة 68 منه.أما فيما يخص الاستطلاع الذي نظمه بالمناسبة، ودعا إليه العدل الأخير، من ضيوف البرنامج أعلاه، للإطلاع على نموذجية مكتبه، ونموذجية سير العمل به، فكان على صديقنا هذا، أن لا يفعل، لأن القانون لحد الآن، لا زال لم يسمح بالتلقي والإشهاد الفردي، أو رفقة كاتبة فقط، عملا بالمادة: 27 من القانون المهني رقم 16.03، وإذا ما استسغنا، جدلا، العمل هذا، فقد كشفنا الغطاء على عمل آخر شنيع جدا، وهو المتاجرة في التواقيع، بين من يوقع وهو غير حاضر للإشهاد، وبين من يشتري هذا التوقيع بأي ثمن كان، وأشركنا معنا كذلك: السيد القاضي الرئيس المباشر، في الشناعة هذه، إذا كان على علم بهذا التصرف الشنيع أو غيره، وهو ساكت، بذريعة أنه وجدهم هكذا يفعلون في هذا، وفي غيره، ! فضلا، على أن تعرفة الأجور في العقار، لا تبتدئ من 0.50 % أبدا، عملا بالمادة 40 من قانون 2008 أعلاه.ومما لا جدال فيه أن كل ما تعارض مع القانون، في شأن مصلحة المواطن، فهو، عمليا، باطل، لا عمل به، ولا التفات إليه، وهذا ينصب، بالذات، وبالأساس، على بعض بنود ما يسمى: النظام الداخلي لهيأة العدول، الذي يبيح في مادته 12: جواز جمع المكاتب العدلية المحدد عددها قانونيا: في مكتب موحد، لممارسة المهام بصفة جماعية، دون التفات إلى ما يسببه، وسببه هذا المكتب الموحد، والممارسة الجماعية، من مضار جسيمة على مصالح المواطنين، وخطيرة على العدول أنفسهم، وبالإمكان جدا، وضع القارئ الكريم، في احدى صور هذه المضار والمخاطر، التي لحقت بالمواطنين وبالعدول على السواء، جراء العمل بالمكاتب الموحدة، متى ما تهيأت الأسباب، وأتيحت الفرص.أما فيما يخص سريان البطلان على بنود النظام الداخلي لهيئة العدول، كلها، والتي لم يطلها أي تغيير، يتماشى مع الدستور الجديد للمغرب المؤسس لمبدأ: القضاء في خدمة المواطن، ومبدإ: قضاء القرب، لفائدة المواطن، وباعتبار أن النظام الداخلي هذا، يكون النواة الأولى، والأساسية، لفكر الغنيمة المفرطة على المواطن والعدل، الذي تلبست به نشأة هيأة العدول، كما حققه الدكتور العدل أعلاه، وباعتبار غياب ثقافة المحاسبة الجريئة، في الميدان، وباعتبار... واعتبار...الخ، فإننا نترك الأمر، ونحيله على أهل الإختصاص، للنظر فيه، وفي سلبياته على المواطن، وعلى العدل نفسه، وما ينبغي أن يترتب على ذلك كله. بقلم: محمد صابر: رئيس جمعية عدول استئنافية الدار البيضاء

دراسة: من يحمي مهنة العدالة وكرامة العدول؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دفاتر تحملات الخلفي تطيح بالغزلي

جمعيات تطالب الحكومة بصندوق للتكفل بضحايا الإرهاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات