حديث الصباح: بنكيران وشعار “شي يكوي وشي يبخ”

إستراتيجية "التوحيد والإصلاح" تشكل أكبر جيب للمقاومة يزج بالحزب في معارك لا قبل له بها إستراتيجية "التوحيد والإصلاح" تشكل أكبر جيب للمقاومة يزج بالحزب فيمعارك لا قبل له بها عاد موضوع المهرجانات إلى الواجهة من جديد بفعل ما أثاره أعضاء في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية من مواقف مناهضة للمهرجانات التي لا تستجيب للمعايير القيمية كما تحددها الهيأتان. ولم يكن عرضا أن يثير أعضاء الهيأتين الموضوع إياه في هذا الوقت بالتحديد، ذلك أن حركة التوحيد والإصلاح سعت إلى استغلال قيادة العدالة والتنمية للحكومة من أجل تمرير قناعاتها الإيديولوجية عبر المؤسسة التنفيذية ووضع بصمتها على السياسة الفنية والثقافية للحكومة الحالية بعدما تعذر عليها الأمر مع الحكومات السابقة. في هذا الإطار، أعلن المهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح في لقاء تواصلي بالناظور يوم 26 فبراير الماضي، أن ما حدث من تحولات واستحقاقات خلال المرحلة الأخيرة التي تسمى الربيع الديمقراطي يستدعي «الجاهزية لاستثمارها». وحدد هذه الجاهزية في الإستراتيجية التي ينبغي اعتمادها، وهي من بعدين رئيسيين، أولهما يقتضي توفير الحماية السياسية لنشاط الحركة الدعوية ليصل خطابها إلى أبعد مدى ويشمل كل القضايا، فزمان «المظلومية» ولى وانقضى، وعلى الحركة أن تغير خطابها وطريقة عملها. هكذا قال الرئيس الحمداوي «إننا نحتاج إلى حماية إستراتيجية للدعوة والاستيعاب الدعوي وإنهاء خطاب المظلومية والعمل على الاستجابة لحاجيات الناس الدعوية والروحية، وكذا المعالجة الفكرية للقضايا». أما البعد الثاني، فيقتضي هيمنة الدعوة على قيادة الحكومة لاستثمار النجاح السياسي الذي تعتبر الحركة أنها صاحبة فضل فيه، لأنه، كما قال الحمداوي «لا أهمية لنجاح سياسي في غياب مواكبة دعوية»، ما يعني أن الحركة ستكون موجهة للحزب ومحددة لاختياراته السياسية داخل الحكومة. إنها نوع من الولاية والوصاية. وباعتبار الحركة ذات توجهات مناهضة لأنماط من الفنون والمهرجانات، وتسعى إلى «أسلمة» المجتمع وتنميط حياته الثقافية والفنية، فإنها ترجمت قناعاتها هذه عبر أعضائها كل في موقعه، وهذه بعض النماذج: - الدكتور عبد الرحمن بوكيلي في مقال له بموقع «هسبريس» الأربعاء 29 فبراير الماضي، أفتى فيه بالتالي «فمن البلايا التي ابتلي بها مجتمعنا في هذه السنوات الأخيرة مهرجانات موازين التي تعتبر بحق من المبادرات الشيطانية البديعة الهادفة إلى تدمير الفضائل والمكرمات، وتفعيل سبل الرذائل والمنكرات، في زمن أحوج ما نكون فيه، شبابا وشيبا، إلى توجيه القدرات واستثمار الأموال والخيرات في تعزيز صرح العلم وتقوية عجلة التنمية. ولا يخفى على ذي ذرة من بصر أو بصيرة أن في هذه المهرجانات خرابا رهيبا وخطرا ماحقا على الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية الغراء لحفظها.. وعليه، فإقامة هذه المهرجانات، وبهذه المواصفات، من أكبر المنهيات، أما الإسهام فيها وتشجيعها، فلا شك أنه تعاون على معصية الله سبحانه، وإذاية للعام والخاص». هذا إرهاب وترهيب. - أمين بوخبزة الذي انتقد مهرجان «أصوات نسائية» الذي تنظمه تطوان، متحججا بأن المهرجان يستضيف «ساقطات وعاهرات»، إذ صرخ في وجه أعضاء المجلس البلدي يعدد أسماء الفنانات اللائي يصفهن بالساقطات؛ كما أقر بعظمة لسانه لإحدى الجرائد الإلكترونية «ما قلته بالضبط حتى أكون واضحا ودقيقا، إن أمثال العلوي وهيفاء وهبي... ساقطات وعاهرات». ألا يقتضي هذا القذف جرجرة أمام المحاكم؟ إنها محاولة من أعضاء الحزب والحركة لتنفيذ الهجوم على المهرجانات من زوايا دعوية وسياسية وثقافية ومالية حتى يشرعنوا الإجهاز على الفنون التي لا تخضع للقيم المعيارية التي تحملها حركة التوحيد والإصلاح، ومن تم جر الحكومة إلى معارك هامشية لن تخدم مصالح المواطنين وتطلعاتهم إلى تحسين أوضاعهم المعيشية، علما أن وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، أكد في حوار لإذاعة «هيت راديو» أن تمويل الدولة لمهرجان موازين سنة 2010 لم تتعد 6 في المائة وفي2011 كانت صفرا في المائة». ما يستوجب التنبيه إليه هو أن الهجوم على مهرجان موازين جاء ضمن إستراتيجية محددة تستهدف إثارة سخط المواطنين على هذا المهرجان لميزانيته الضخمة بهدف الضغط على الدولة لمنعه، وبذلك تكون الطريق سالكة لمنع باقي المهرجانات. بهذا تكون الحركة قد أحدثت كوة تتسرب منها لفرض الهيمنة على الحياة الفنية والثقافية. ولم يستحضر مناهضو المهرجانات الحقيقة التي عاينوها وأكدها وزير الثقافة، وهي أن "موازين دام عشر سنوات، ويستقبل كل سنة أكثر من مليوني متفرج، هذا ما يعني أن المهرجان مرغوب فيه في الوسط المغربي، ولا يجب أن نرفض أو نفرض على أي طرف من الأطرف أنواعا وأذواقا أخرى وهذه هي قمة الديمقراطية". أمام هذه الهجمات غير المحسوبة من طرف أعضاء الحركة والحزب، والتي من شأنها أن توسع من دائرة الاحتجاجات ضد الحكومة برئاسة أمين عام الحزب وتجعله في عين الإعصار الرسمي والشعبي، اضطر رئيس الحكومة إلى تدارك الأمر، من جهة، بتوجيهات تمنع وزراء من حزبه من الخوض في موضوع المهرجانات على اعتبار أن "للحكومة أولويات لا يجب أن يتم التشويش عليها، ويجب على الوزراء أن ينتبهوا إلى تصريحاتهم، وأن يجنبونا تشويشا نحن في غنى عنه. هناك أولويات أكبر وأعظم، فالمهرجان يمر كل سنة، ونحن أتينا لتصحيح الأوضاع ذات الأولوية في الإصلاح، وليس المهرجانات)، ومن جهة ثانية، بعث بتطمينات إلى القطاعات والهيآت المعنية تفيد أن الحكومة لن تتدخل لمنع أي مهرجان، ومبرره في هذا أنه (لو كان الشعب لا يريد موازين لما توجه إليه أحد، فهذا المهرجان له جمهور يتابعه ويحضر أنشطته بالآلاف. كما أن هناك آلافا آخرى من المواطنين غير متفقين على انعقاد هذا المهرجان، وهذا هو واقع التنوع بالمغرب، إذ لكل وجهة نظره، وله الحرية في التعبير عنها بمسؤولية). إنها الواقعية السياسية التي تفرض على الحزب أن يغير مواقفه، حتى وإن لم يغير قناعات أعضائه حماية من الانكسار أمام العاصفة. وإذا كان الحزب يتعلل بمحاربة المهرجانات لما ترصد إليها من أموال هي في معظمها أموال خاصة، وليست من المال العام، فأحرى به أن يسجل في ميزان "حسناته" قرار تخفيض رواتب وزرائه ومديري الدواوين وجزء من تعويضات البرلمانيين، وحذف الامتيازات التي تكلف خزينة الدولة ملايين الدراهم، ليعطي المثال الجدير بالاحتذاء من طرف الأغلبية الحكومية. وبهذا سيوفر الحزب لخزينة الدولة ما يساعد على دعم الاستثمار، وفك العزلة عن الوسط القروي ومحاربة الفقر والبطالة. وإذا كان رئيس الحكومة يتذرع بوجود جيوب المقاومة تستهدف جهود الإصلاح، فليعلم أن إستراتيجية حركة التوحيد والإصلاح تشكل أكبر جيب للمقاومة يزج بالحزب في معارك لا قبل له بها. ولتجاوز هذا الوضع، على حزب العدالة والتنمية أن يتصرف كحزب يقود حكومة سياسية وليس كحزب تقوده حركة دعوية. بقلم : سعيد الكحل, أستاذ باحث

حديث الصباح: بنكيران وشعار “شي يكوي وشي يبخ”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواجهات بإمزورن واشتباكات جديدة في بني بوعياش

عليوة في ضيافة الفرقة الوطنية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات