المزكلدي… رحيل أول سفير للأغنية بالشرق

صاحب "لعروسة" آثر فويتح على نفسه في حضرة الحسن الثاني غيب الموت، مساء أول أمس (الاثنين)، الفنان محمد المزكلدي بعد صراع مرير مع المرض، ليستسلم للأجل المحتوم عن سن تناهز السادسة والثمانين بالمستشفى العسكري بالرباط. وووري جثمان الفنان الراحل الثرى، أمس (الثلاثاء) بفاس بناء على وصيته، خاصة أنه كان مرتبطا نفسيا بالعاصمة العلمية مسقط رأسه، رغم إقامته في البيضاء منذ سنوات. وتدهورت الحالة الصحية للفنان الراحل، حسب مقربين منه، خلال الأشهر الأخيرة لدرجة أنه فقد القدرة على الكلام والحركة، ليدخل إلى إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء، قبل أن يحظى بالرعاية الملكية، وينقل، قبل بضعة أسابيع، إلى المستشفى العسكري بالرباط بقسم الإنعاش ليدخل في غيبوبة، متأثرا بانسداد شرايين القلب، واختناق في الصدر. وسبق ل»الصباح» أن أنجزت مع الفنان محمد الزكلدي الذي يعد أحد الأسماء الرائدة التي بصمت الأغنية المغربية، حلقات عن مساره الفني، في صيف 2014، على امتداد ثلاثين حلقة تحدث فيها عن محطات من حياته. ورأى المزكلدي النور بفاس سنة 1932 وبها تابع دراسته، ودفعه ولعه بالفن إلى الالتحاق بجوق «الشعاع الفني» الذي كان من مؤسسيه محمد فويتح ومن أعضائه الراحل عبد الرحيم السقاط والمرحوم أحمد الشجعي، وذاع صيت ذلك الجوق، لدرجة أن أفراده تلقوا الدعوة للالتحاق بجوق «راديو ماروك» التابع للإذاعة المركزية الرباط وكان تحت إشراف الحماية الفرنسية، كما كان يضم خيرة العازفين المغاربة. تعرض المزكلدي لمضايقات كثيرة، من قبل سلطات الاستعمار بسبب نشاطه الوطني، انتهت بفصله سنة 1953، خلال الأحداث التي أعقبت نفي محمد الخامس، كما تعرض رفقة صديقه عبد الرحيم السقاط إلى الاعتقال. وبعد مدة علم أن صديقه السقاط التحق بمصر، فقرر اللحاق به بعد أن شعر أنه مضايق بسبب مواقفه الوطنية، فالتحق في البداية بباريس حيث التقى محمد فويتح الذي سبقه بضع سنوات قبل ذلك، وقابل هناك أيضا مولاي أحمد العلوي وحمل إليه رسالة توصية من حزب الاستقلال لمساعدة المزكلدي على السفر إلى مصر. ومن فرنسا التحق المزكلدي بالقاهرة سنة 1954، والتقى بصديقه عبد الرحيم السقاط، كما التحق بمعهد الموسيقى العربية بالعاصمة المصرية، وأتيحت لهما فرصة اللقاء بالعديد من الأسماء الفنية المشهورة آنذاك بمصر. وسجل المزكلدي بمصر ما يقارب 20 أغنية مغربية، جلها من كلمات حسن المفتي وأحمد الطيب لعلج وكان أول مطرب مغربي يغني بإذاعة صوت العرب بمرافقة الفرقة الماسية، كما زار سوريا ولبنان وسجل أغاني مغربية لفائدة الإذاعات هناك، وكان يلقب حينها ب»سفير الأغنية المغربية إلى الشرق». خلال بداية الستينات عاد المزكلدي إلى المغرب، ليثري المشهد الغنائي بالعديد من الأغاني منها قصيدة «ارحميني» من ألحان الراحل عبد الرحيم السقاط، وغنى كذلك من ألحان الراشدي، ومن بين أغنياته المشهورة هناك قطعة «علاش قطعوك يا الوردة» وهي من كلمات الفنان فتح الله لمغاري، وأيضا أغنية «نظرة وشعلت النار» إضافة إلى أغنيته ذائعة الصيت «لعروسة» التي كتبها ولحنها وغناها سنة 1966، ودشن بها سلسلة من الأغاني ذات الطابع الاجتماعي مثل «العريس» و»الزواج الكامل» و»شمعة عندي شاعلة فالبيت». وكانت تربط الفنان الراحل علاقة خاصة مع الملك الحسن الثاني الذي كان كثيرا ما يستدعيه خلال العديد من المناسبات، وفي إحداها نادى الملك الراحل على المزكلدي، وسأله عن أحواله المادية وكيف أنه لم يطلب منه شيئا خلال كل الزيارات التي تردد فيها على القصر، فأجابه المزكلدي «لقد طلبت رضاك سيدي» فرد عليه الملك «أنا راضي عليك بالحق لازم تطلب شي حاجة تعيش بيها» فكان جواب المزكلدي «إن كان لا بد من طلب شيء، فأنا أطلب شيئا لصديقي محمد فويتح الذي يعاني ماديا ويعيش وضعا صعبا». شكل هذا الطلب بالنسبة إلى الحسن الثاني، سلوكا نبيلا من فنان آثر زميلا له على نفسه، وعلامة تقدير الصداقة بمفهومها الحقيقي، فكانت النتيجة أن أمر الملك بأن يستفيد كل من المزكلدي وفويتح من مأذونيتي نقل، وأوصى المزكلدي بألا يفرط فيها فهي هدية شخصية منه إليه تقديرا منه لفنه ولسلوكه وتأدبه في حضرته، وأيضا لإيثاره صديقه، وكذلك من أجل ضمان مدخول قار له يحفظ كرامته ويصونه من عوادي الزمن. عزيز المجدوب

المزكلدي… رحيل أول سفير للأغنية بالشرق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لبدك تقدم "أفيونها" بالبيضاء

موضة وماكياج: "أوريونتال فاشن شو" بباريس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات