الطيب عمر: أغلب قضاة التحقيق ينسخون المحاضر

المحامي بالبيضاء قال إن التحقيق يجب ان يعهد به إلى ذوي الاختصاص أكد الطيب عمر، محام بهيأة المحامين بالدار البيضاء، أن بعض القضاة يتقاعسون عن القيام بالمهام المحددة لهم بموجب القانون، مضيفا أن التحقيق كغيره من المهام القضائية هو تخصص يجب أن يعهد به لذوي الاختصاص، بعد تكوين وإعادة التكوين، مضيفا أن قضاء التحقيق لا يتوفر على الإمكانيات المادية والبشرية، لمساعدته على القيام بمهامه على أحسن وجه... ما الغاية من إقرار المشرع لقاض التحقيق بالمحاكم الابتدائية؟لقد عرف قانون المسطرة الجنائية تجارب متعددة بخصوص القيام به في المادة الجنائية وحدها، أو المادة الجنحية بنص خاص، وفي خضم هذه التجارب فقد كان ظاهر حسن نية المشرع يتجلى في توفير ضمانات أكثر للأطراف خاصة المتهمين، ويبدو أن هذه واحدة من إقراره لمؤسسة قضاء التحقيق بالمحاكم الابتدائية، إلا أن التجربة أبانت أن حسن النية المذكورة لم يكن في محله، إذ أن مؤسسة قاضي التحقيق أصبحت تشكل عبئا على الحريات والضمانات وعلى سير المسطرة بشكل سريع، سيما في مادة الجنح، لأسباب لا ترجع إلى عيب في المؤسسة نفسها ولكن إلى نقص كبير في الإمكانيات المادية والبشرية، بحيث إن التحقيق كغيره من المهام القضائية هو تخصص يجب أن يعهد به إلى ذوي الاختصاص، بعد تكوين وإعادة التكوين، ثم إن قضاء التحقيق لا يتوفر على الإمكانيات المادية والبشرية من مساعدين اجتماعيين وكتاب ضبط محترفين، لمساعدة قاضي التحقيق على القيام بمهامه على أحسن وجه،. هل ترون أن قاضي التحقيق يقوم بالمهام الموكولة إليه بموجب القانون؟بعض السادة القضاة يتقاعسون عن القيام بمهامهم كما يجب، بل إن أغلبهم يقتصر على إعادة ترديد ما تضمنته محاضر الضابطة القضائية، في استنطاق ابتدائي حول الهوية وإلصاق التهمة، واستنطاق تفصيلي، لا يفيد كثيرا في إظهار الحقيقة. كما أن البحث الاجتماعي والنفسي الذي أوكله المشرع لقضاء التحقيق، لا يتم القيام به نهائيا، رغم ماله من أهمية في بيان الظروف الاجتماعية والنفسية والبيئية، التي دفعت إلى ارتكاب الجرم، وأهميته من جهة أخرى في تحديد العقوبة وتفريدها، وأهميته أيضا في تأهيل المحكوم عليه ليندمج مرة أخرى في المجتمع بعد قضاء العقوبة.وإن تم القيام به، فعن طريق الضابطة القضائية أو السلطة الإدارية، حيث لا يجدي بحثهما نفعا في ما ذكر.إضافة إلى أن قاضي التحقيق لا يأخذ المبادرة بالانتقال إلى مسرح الجريمة عند ارتكابها أو بعد ذلك لبذل مجهود فكري في البحث والتقصي للوصول إلى الحقيقة، ولعل مرجع ذلك إلى النقص في الإمكانات المادية والبشرية المشار إليها أعلاه.بصرف النظر عن كون قاضي التحقيق ليس مستقلا في إطار النظام الإجرائي الحالي، بل إنه شبه خاضع لسلطتي وزارة العدل والنيابة العامة، الأمر الذي ينبغي وضع حد له، بإعطاء مؤسسة قاضي التحقيق استقلالها التام، وتعيين أعضائها من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية. ألا يعكس وجود قاض للتحقيق بالمحاكم الابتدائية شكوكا في عمل النيابة العامة؟ أما بخصوص التشكيك في عمل النيابة العامة، وتحول إرادة المشرع من ضمان الحقوق إلى هضمها، فإن الأمر يقتضي القول بأن التشكيك لا يتعلق بعمل النيابة العامة بقدر ما يتعلق بعمل الضابطة القضائية التي بسب أن عملها غير مكتمل- مبدئيا- يتم اللجوء إلى قضاء التحقيق، والتشكيك هنا هو في النيابة العامة نفسها عندما تستعمل التحقيق وسيلة لاعتقال الأشخاص، عن طريق المطالبة بوضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، وهو الإجراء الذي قد يطول رغم ما لذلك من آثار سلبية على الحقوق والضمانات والحريات، وحتى على الميزانية نفسها. هناك من يرى أن عمل قاضي التحقيق لا يتلاءم مع عصرنا الذي لم يعد يتحمل وجود قاض منفرد يأخذ على عاتق ضميره وحده قرارات خطيرة فقد يأمر بالحبس الاحتياطي أو يعفي منه؟ليس صحيحا القول إن القاضي المنفرد لا يمكن أن يتحمل مسؤولية ضمان الحقوق والحريات، بل إن هناك من القضاة من يتحمل هذه المسؤولية بكل كفاءة وشجاعة، إلا أن الإشكال راجع إلى ما سبق ذكره من عدم التخصص ونقص الإمكانيات المادية والبشرية . في فرنسا سحبت صلاحية الحجز والحبس الاحتياطي من قضاة التحقيق لتصبح من اختصاص قاضي الحريات والحجز، هل يمكن أن يأخذ المغرب بالنموذج الفرنسي؟نعم إن المشرع المغربي يمكنه أن يحذو حذو المشرع الفرنسي لكن شريطة ألا يقتصر الأمر على المسميات دون الجوهر، فقاضي الحريات والحجز بدون استقلال وبدون تخصص وبدون شجاعة سيكون تعيينه كعدمه. من الأسباب التي يقدمها دعاة إلغاء مؤسسة قاضي التحقيق، أسباب تقنية، فتعقد القضايا المالية وتطور الجريمة وتعقيدها، مثل جرائم الإرهاب والمخدرات بكل أنواعها ووسائلها، أصبح يتطلب تكنيكا فعالا ومتطورا وعملا جماعيا،يعجز عنه قاضي التحقيق، هل تساندون هذا الطرح؟إنني مع بقاء مؤسسة قضاء التحقيق بالمحكمة الابتدائية لكن شريطة ضمان الاستقلالية التامة، والتخصص، وتمكينها من الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة، وحصر الأمر في بعض الجنح ذات التعقيد الخاص التي تقتضي التحقيق فعلا، مع عدم الإفراط في استعمال الإنابات القضائية، التي تصبح بواسطتها الضابطة القضائية تقوم ببعض أعمال التحقيق، وضرورة تقييد اللجوء إلى تلك الإنابات للضمانات القانونية والمسطرية اللازمة. أجرى الحوار: الصديق بوكزول

الطيب عمر: أغلب قضاة التحقيق ينسخون المحاضر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

في أفق إلغاء قضاء التحقيق

التحقيق في الجنح تنويم مغناطيسي للملفات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات