حقوق المرأة والبطالة أسباب إعراض الشباب عن الزواج

ثقافة الشك والارتياب تساهم في إحجام الشباب عن إكمال دينهم "صاحبتنا ناضت ليها عاوتاني الضرسة تاع الزواج بعد ما صدقت أنني نسّيتها فيه" يقول "سعد" لصديقه "حميد" الجالس معه بالمقهى وهو يضغط على أسنانه بعد أن انتهى لتوه من محادثة هاتفية استغرقت منه أزيد من ربع ساعة.أجابه "حميد": "ومالها اشنو فيها أصاحبي راك أكثر من 4 سنين وانت مصاحب معاها" فرد عليه سعد "ولو ذاك الشي اللي دوزت معايا تقدر تدوزو مع غيري" مشيرا إلى ما انطوت عليه علاقتهما طيلة هذه الفترة من جوانب حميمية يبدو أن صديقه على اطلاع بها.لم يبد جواب سعد مقنعا بالنسبة إلى جليسه الذي كان له رأي آخر مخالف لما يفكر به صديقه، رغم أنهما في سن واحدة، في مستهل عقدهما الثالث، ف"حميد" متزوج منذ أزيد من ثلاث سنوات وهو الآن أب لطفلة، في حين ما زال "سعد" ينط من علاقة إلى أخرى ويحل لنفسه ما يحرم على عشيقاته. المدونة... البعبع المخيفوأمثال "سعد" كثر أضحوا يشكلون فئة عريضة من الشباب المغربي، ما زالت تنظر إلى الزواج نظرة ارتياب، خاصة مع الانفراج الحقوقي والقانوني الذي عرفته مدونة الأحوال الشخصية التي صارت تحمل اسم "مدونة الأسرة" والتي سارت في اتجاه إعادة الاعتبار، نوعا ما، للمرأة، إلا أنها في المقابل زادت من مخاوف العديد من الرجال في أن تكون استفادة المرأة من بعض الحقوق على حساب كرامتهم وحريتهم.تقول مريم. س (24 سنة) "لا أعرف لماذا يحافظ الشباب المغاربة على هذه الازدواجية في التعامل مع المرأة، ما كشف جانبا مثيرا للاستغراب في شخصيات الكثيرين منهم، والتي لم تستطع كل التغيرات الجذرية التي خضع لها المجتمع المغربي أن تستأصل هذه التصورات التقليدية من أذهان ذكوره".لكن معاذ الساخي (أستاذ) يرى في المقابل أن الأفكار التقليدية ليست حكرا على الرجال فقط، بل للنساء أيضا نصيب وافر من هذه التصورات، ويستدل على ذلك بأن الكثيرات يجدن في وصاية الرجال عليهن لذة لا تعوضها لذة، ولا يهمهن ما جاءت به مدونة الأسرة ولا غيرها من تغييرات.الأمر إذن يتعلق بمجموعة قيم مترسخة في المجتمع، أضحت ترتدي مع مرور الوقت لبوسا آخر، لكنها حافظت في العمق على سماتها العامة، وصارت تنحو نحو جعل ثقافة الشك والارتياب هي السائدة بين الطرفين والتي تحول دون الإقبال المكثف على الزواج منضافة إلى عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية ونفسية.عبد الحق. ج 62 سنة، رجل تعليم متقاعد، يرى أن القيود الذي كانت مفروضة في ما قبل على الشباب المغربي والتي كانت تحول دون تحقيق رغباته الجنسية بشكل متحرر، هي الدافع وراء إقباله على الزواج الذي كان السبيل الأوحد إلى تحقيق هذه الرغبة بشكل يرضي المجتمع والدين.ويضيف عبد الحق أن التحرر من هذه القيود وسيادة قيم التحرر الجنسي، زادت من نسبة عزوف الشباب عن الزواج، ما دامت القدرة على تحقيق الرغبة الجنسية أضحت متاحة وبأيسر السبل، فلم يعد هناك داع ملح إلى الارتباط مع الشريكة برباط شرعي ومؤسسي، وهو ما ساهم، برأي عبد الحق، في خلق هوة ما فتئت تتسع مع مرور الوقت بين الشباب ومؤسسة الزواج.لكن رضا (عاطل 30 سنة) له رأي آخر، فلا التحرر الجنسي ولا تغير القيم بأسباب كافية لدفع الشباب إلى الإعراض عن مؤسسة الزواج، بل يرى أنها الظروف الاقتصادية التي يمر منها غالبية الشباب هي السبب في ذلك.ويسترسل رضا في حديثه "واش أنا كرهت نتزوج من غدا؟" مؤكدا أنه أنهى دراسته الجامعية منذ حوالي ست سنوات لكنه إلى حدود الآن لم يعثر على عمل قار، ما جعله يتقلب في مهن عديدة لا تربطه بها أي صلة، ودون أن تحقق له الاستقرار المادي والاجتماعي المطلوب، وهذا، بحسبه، سبب كاف إلى إحجامه عن فكرة الزواج لأنه على حد قوله ليس مستعدا لكي "يظلم شي بنت الناس معاه".تقريبا الفكرة نفسها جاءت على لسان فتيحة (28 سنة عاملة بقطاع النسيج) وهي تلتمس العذر لشباب اليوم قائلة "الله يحسن عوان هاذ الشباب راه لا خدمة تفرح ولا ظروف مزيانة ديال الاستقرار"، ضاربة المثال بنفسها، إذ تحكي أنها على علاقة بشاب في مثل سنها منذ سنوات، إلا أنهما لم يفلحا إلى حد الآن في حل مشكل السكن الذي يؤرقهما رغم اشتغالهما في شركة واحدة، مكتفين بترك الأمور للقدر ليدبر مسألة زواجهما التي ما زالت معلقة حتى إشعار آخر. عزيز المجدوب

حقوق المرأة والبطالة أسباب إعراض الشباب عن الزواج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شكري: ولوج المرأة إلى كل المجالات ساهم في التحرر الجنسي

بوفراشن: لا يمكن الجزم بأن "التصاحيب" ظاهرة اجتماعية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات