قضاة يناقشون قانون القرب والقضاء الفردي

اعتبروا ذلك عبثا قانونيا يخلق بلبلة قضائية سيدفع ثمنها المجتمع أثارت القوانين الجديدة المتعلقة بقضاء القرب والتنظيم القضائي للمملكة، التي صادق عليها البرلمان في دورته الأخيرة، والتي ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع الجاري بعد صدورها مباشرة بالجريدة الرسمية، ردود فعل من قبل قضاة نادي القضاة بالمغرب، وعملوا على مناقشتها على الصفحة الإلكترونية. وانتقد قضاة النادي عدم إشراك القضاة في مناقشة تلك التغييرات قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها، على اعتبار أن ذلك يدخل ضمن الشأن المهني الذي يتطلب إشراك ذوي الاختصاص.واعتبرت الورقة أن تلك التعديلات من شأنها أن ترفع تكلفة التقاضي وضياع الملفات في التنقل في بنايات لا تشرف القضاء، ما يؤدي حتما إلى ضياع الحقوق. وتساءل قضاة نادي القضاة بالمغرب عن كيفية التأقلم مع مشاريع قوانين "لم يعرفوا عنها شيئا إلا بعد المصادقة عليها ونشرها في الصحافة". ومن الأسئلة التي طرحت في ورقة النقاش، كيفية تدبير تلك التعديلات من خلال التساؤل عن مجموعة من النقاط التي يجب أن تصاحبها من قبيل، هل سيتم تعيين مسؤولين قضائيين للمحاكم المدنية والاجتماعية والجنحية؟ وإذا كان الأمر كذلك ما هو دور وكيل الملك بالمحكمة المدنية والاجتماعية؟ وإلى أي محكمة ستتبع مراكز القضاة المقيمين هل للمحكمة المدنية أم الجنحية، مع العلم أنها تختص في البت في جميع أنواع القضايا، وكذلك الأمر بالنسبة للمحاكم الصغرى هل يتم تقسيمها إلى ثلاثة أنواع من المحاكم بمسؤولين قضائيين لتبت كل واحدة في 100 ملف سنويا؟ وهل تستوعب محكمة جنحية وحيدة جميع القضايا الجنحية لمدينة البيضاء بزخمها الاجتماعي وشساعة مساحتها وترامي أطرافها، في حين أنها تتوفر على 9 عمالات.وتساءلت ورقة النقاش عن أي قضاء قرب يتحدث وزير العدل، على اعتبار أن التجربة منقولة عن اسبانيا لكن دون توفير وسائلها.فيما اعتبرت بعض التعليقات أن الأمر يتعلق فقط بنزوات تشريعية غير محسوبة وغير مدروسة على مستوى الواقع العملي، من خلال عدم إشراك الفاعلين الأساسيين فيها القضاة وكتاب الضبط والمحامون باعتبارهم الأدرى بأسباب الإشكالات التي تدعي التعديلات الجديدة علاجها. ولم يتوقف النقاش عند هذا الحد بل واصل قضاة نادي قضاة المغرب مناقشة تلك القوانين من خلال أوراق متتالية، تضمنت أسئلة من قبيل إلـى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال التعديلات التي أدخلها على القوانين الإجرائية و المسطرية تفادي تراكم الملفات و تأخيرها؟ وهل في ذلك فعلا تسريع للبت في القضايا أم أن الأمر ليس مرتبطا بالقضاء الفردي أو الجماعي و إنما يتعدى ذلك بكثير ليطول إشكاليات أخرى ذات الارتباط كالتبليغ والتنفيذ. وانصبت النقاشات بالتأكيد على أن ما يثير النقاش في هذه القوانين الجديدة هو إحداث غرف استئنافية على مستوى المحاكم الابتدائية سواء على المستوى المدني أو على المستوى الجنحي والتي أوكل لها مهمة محددة هي البت استئنافيا في القضايا الجنحية الضبطية والبت في القضايا المدنية التي لا تتجاوز قيمتها 20 ألف درهم، وهذه المقتضيات ستثير لا محالة إشكاليات عملية كثيرة من بينها على مستوى الإجراءات الإدارية ومسألة توجيه الملفات المستأنفة جنحيا من قبل النيابة العامة والتي قد يقع بشأنها خلط، حيث سيتم توجيه بعض الملفات التي يجب أن تستأنف أمام الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف، وقد يقع العكس فضلا على أن بعض الدعاوى التي كان هناك أمل في أن تصبح في نطاق القضاء الفردي تم الإبقاء عليها في نطاق القضاء الجماعي كما هو الشأن بالنسبة للدعاوى الخاصة بالرجوع إلى بيت الزوجية، وكذا الطلاق الذي من شأن تطبيق القضاء الفردي فيه ترسيخ مسؤولية القاضي في الملفات الموكولة له والتي يتعين عليه أن يحاول ما أمكن إيجاد حلول لها في إطار الصلح وليس فقط من أجل تصفية الملفات، وهنا ستظهر شخصية القاضي وقدراته العلمية ومدى تفاعله مع محيطه الاجتماعي.فيما اعتبرت مداخلة أخرى أن الإبقاء على القضاء الجماعي في قضايا الطلاق شيء مهم نظرا لخطورة القرار الصادر عن المحكمة والذي لا يقبل أي طعن، وأن المشرع سيكون موفقا لو بسط مسطرة الصلح بأن تسند لقاضي عضو تنتدبه الهيأة لإجراء الصلح وتجهيز الملف كما يجري عمليا في بعض المحاكم. وتساءل أحد المتدخلين في ورقات النقاش، هل القاضي قادر على تحمل مسؤولية البت في قضايا كانت بالأمس القريب تثير الرعب في ثلاثة قضاة؟ وهل أن قضاء التحقيق والعقوبات أثبتا جدواهما لحد الآن؟ ويعتبر المتدخل أنه كان حريا بالمشرع أن يطرح النقاش للعلن ويشرك جميع الأطراف (حتى كتابة الضبط التي ستتحمل الآن عبئا مضاعفا) ليتم التوصل إلى أنجع المقترحات وأفضلها بدلا من إنزال القوانين من أبراج عاجية وإحاطتها بالسرية والكتمان... كيف سيتصرف القاضي وكاتب الضبط مع المستجدات وكيف سيواجهان إجراءات جديدة كليا على المحاكم الابتدائية بدون تكوين أو تدريب أو حتى دلائل عملية؟ وتساءلت الورقة كذلك عن إمكانية إحداث ثلاث محاكم بالدار البيضاء مدنية زجرية اجتماعية وزجرية في يوم واحد إثر نشر قانون التنظيم القضائي باعتبار أنه واجب التطبيق بمجرد نشره، وكيف سيعين مسؤولوها وكيف سيتم تنظيم ملفاتها بكتابة الضبط؟ لماذا هاته السرعة والتسرع الجنوني، واعتبرت أن نتيجة هذا العبث القانوني ستخلق بلا شك بلبلة قضائية لن يدفع ثمنها إلا القضاة وكتاب الضبط والمحامون والمتقاضون، وليس المشرعون الذين سيكتفون بانتقاد تطبيقها دون العناية بأسباب ذلك التي يرجع مصدرها إليهم، لقد سكتوا دهرا ونطقوا كفرا. كريمة مصلي

قضاة يناقشون قانون القرب والقضاء الفردي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحقيق الاكتفاء الذاتي القضائي ينتظره طريق شاق

بن عبد الصادق: المبادرة تراجع عن مكسب القضاء الجماعي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات