“اعتقال” حمامة لتورطها في تسريب المخدرات إلى سجن طنجة

الحيلة استوحاها المهربون من كولومبيا والبرازيل وتحقيق جار لمعرفة الأطراف المتورطة ألقت، أخيرا الأجهزة المكلفة بمراقبة أمن وسلامة النزلاء بسجن "ساتفيلاج" بطنجة، "القبض"، على حمامة محملة بأكياس صغيرة من مخدر "الشيرا"، بعد أن ضبطتها بساحة المؤسسة وهي تتأهب لنقلها إلى أحد السجناء، الذي يعتقد أنه شريك في شبكة متخصصة في الاتجار وترويج المخدرات بالمدينة. وجرى اكتشاف هذه الكمية من المخدرات، وهي عبارة عن رزم صغيرة مغلفة بمادة البلاستيك، حينما حطت الحمامة رحالها بساحة السجن المخصصة لاستراحة النزلاء، وحامت الشكوك حول شكلها وطريقة نزولها على الأرض، إذ تبين للحراس أنها تتعرض لصعوبات أثناء المشي والطيران، ما جعلهم يطاردونها داخل الساحة إلى أن تمكنوا من القبض عليها، ليكتشفوا أنها تحمل في رجليها أكياسا صغيرة من مادة الشيرا.وأوضحت مصادر "الصباح" أن "الحمولة الزائدة "، التي أعاقت الحمامة وأفقدتها التوازن عند الطيران، كانت سببا رئيسا في إفشال هذه المحاولة، مشيرة إلى أنها كانت تحاول الدخول إلى غرفة أحد الأحياء عبر نوافذه المطلة على الساحة المجاورة، ما يؤكد تورط أحد نزلاء هذا الحي في هذه العملية، التي خلفت استنفارا لدى حراس الأمن، الذين وضعوا المنطقة تحت حراسة مشددة تحسبا لتكرار عملية مشابهة.كما أضافت المصادر نفسها، أن الحمامة "المتهمة" وضعت بعد إيقافها تحت مراقبة إدارة السجن، التي فتحت بدورها تحقيقا في النازلة لمعرفة الأطراف المشاركة في هذه المحاولة الفاشلة، فيما شددت عملية التفتيش ومراقبة الزوار، سواء عند الزيارة أو المغادرة، سيما أن الحمام المفترض استخدامه في مثل هذه العمليات يتم إخراجه من السجن عن طريق الأصدقاء والأقارب. وتعتبر هذه المحاولة هي الأولى من نوعها في السجون المغربية، إذ لم يسبق أبدا استخدام الحمام الزاجل في عمليات إدخال المخدرات إلى السجن، إذ يعتقد أن هذه الحيلة استوردها المهربون من دول أمريكا اللاتينية، خصوصا في كولومبيا، التي سبق لرجال الأمن بها أن ضبطوا بمقربة من سجن يقع في شمال البلاد حمامة تحمل بين جناحيها كيسا من المخدرات يزن 45 غراما، وكذا بالبرازيل، حين اكتشفت سلطات سجن «ماريليا» في ولاية ساو باولو نزلاء يدربون الحمام على جلب المخدرات والهواتف المحمولة للتهرب من الإجراءات الأمنية المشددة التي يواجهها الزوار. ولسجن «ساتفيلاج» بطنجة حكايات غريبة ومتنوعة مع المخدرات، إذ سبق أن تفنن عدد من المخالفين للقانون في إبداع حيل وأساليب لتسريب الممنوعات إلى داخل هذه المؤسسة، بعد أن فطنوا إلى أن المادة 78 من القانون رقم 98/23 تسمح للمعتقلين بالتوصل بالمؤونة من طرف ذويهم، ما جعلهم في البداية يلتجئون إلى حشو بعض الأطعمة والخضر بكميات من المخدرات المختلفة، قبل أن يستخدموا الملابس والأحذية وبعض الأجهزة الكهربائية التي يصعب على الحراس التفتيش داخلها، إلى أن اهتدوا أخيرا إلى اكتشاف جديد أكثر حكمة ودهاء، ألا وهي استعمال الحمام الزاجل.ورغم كل المجهودات المبذولة من قبل كافة الأجهزة المكلفة بأمن وسلامة النزلاء داخل هذه المؤسسة، مازالت حدة الانحرافات والتجاوزات في تصاعد مستمر، نظرا للدعم الذي يتلقاه السجناء من قبل أقاربهم وأصدقائهم، أو بتواطؤ بعض موظفي السجن، الذين يساهمون في عمليات تهريب المخدرات، لدرجة أصبح معها الاتجار واستهلاك المخدرات داخل الغرف والزنازين أمرا عاديا ونادرا ما تتم إثارته.ولعل ما يزيد من فرص تسريب المخدرات إلى داخل السجون المغربية عامة، «القفة» التي يأتي بها أقارب السجناء مملوءة بكميات هائلة من المواد الغذائية والمشروبات والأدوية وغيرها... إذ تمثل مشكلا حقيقيا أمام المفتشين والمراقبين، الذين يتعذر عليهم الكشف عن الممنوعات التي يتم تهريبها بطرق شتى، كمزجها مع وجبات غذائية أو حشوها داخل الخضر والفواكه مثل البرتقال والبطيخ... وذكر مسؤول بمصلحة التهييء لإعادة الإدماج التابعة لمؤسسة محمد السادس، أنه أصبح من غير الممكن القضاء على هذه الظاهرة في ظل التواطؤ والدعم الذي يتلقاه النزلاء من أسرهم وأقاربهم خارج السجون، خاصة أن أغلبية السجناء متابعون بتهم ترويج المخدرات أو ارتكبوا جنحا وجرائم بفعل إدمانهم، ما يجعل ارتباطهم بالمخدرات، سواء من أجل الاستهلاك أو الترويج، وثيقا ويفرض عليهم الانخراط في شبكات التخطيط لتهريب هذه الممنوعات إلى داخل السجن.وقال المسؤول لـ "الصباح" إن معظم السجناء من ذوي السوابق العدلية، وسبق لهم أن قضوا عقوبات بمختلف السجون المغربية، إذ أصبحوا من "أهل الدار" ويدركون كل صغيرة وكبيرة عن تفاصيل الاجراءات الأمنية وعملية مراقبة الزوار وتفتيش الغرف والملابس، لدرجة أنهم باتوا متخصصين في القوانين والأنظمة. وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أصدرت بيانا بمعطيات رقمية مفصلة عن هذه الظاهرة، وأكدت أنها تتصدى بكل الوسائل القانونية الممكنة والصرامة الواجبة لعمليات تسريب الممنوعات إلى داخل السجون، ومنها أساسا إعمال المراقبة والتفتيش الدوري للغرف والأحياء، وكذا للسجناء خلال جميع تحركاتهم، إذ يتم إشعار النيابة العامة بكل المخالفات المسجلة لترتيب الإجراءات القانونية الواجبة.كما أكدت المندوبية العامة بهذا الخصوص، إلى أن الوضع في تحسن مستمر، وأن جهودها المتلاحقة تروم تطويق هذه الظواهر بكل ما لديها من إمكانيات. المختار الرمشي (طنجة)

“اعتقال” حمامة لتورطها في تسريب المخدرات إلى سجن طنجة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عصابات مخدرات ونصب في السجون

مراجعة فلسفة العقوبة لحماية كرامة السجناء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات