رواج بسوق المخدرات في رمضان بفاس

المروجون يبدعون وسائل خاصة والزبناء يعرفونهم وإقبالهم يزداد مع اقتراب أذان المغرب تنشط سوق المخدرات، بشكل كبير في شهر رمضان الكريم. وتنتعش تجارة واستهلاك الأقراص المهلوسة والشيرا و»الغبرة البيضاء» وما جاورها في مختلف الأحياء التي يعرف بعضها بأسماء مروجي المادتين وكل ما من شأنه أن يخدر الدماغ ويخمد نار «البلية» في الجوف ليلا، بعد أن تتأجج نهارا. زبناء هذه السموم، ممن لم تحل ظروف الصيام دون استمرار إدمانهم و»بلاويه»، يعرفون جيدا الطرق المؤدية إلى حيث تروج من قبل «بارونات» بطرق قد تكون علانية في أحايين كثيرة، أو في غفلة من الأمن، دون أن تنفع الحملات التمشيطية في القطع النهائي مع هذه التجارة الرائجة والمربحة. يحفظ «المبليون»، أسماء مروجي الشيرا ومواقع تجارتهم بمختلف أحياء فاس الهامشية منها والراقية. ويكفي ذكر أحدهم، ليدلوك على كل تفاصيل الحصول على «السلعة» ودرجة جودتها وإن كانت مغشوشة وممزوجة بمواد أخرى، ولا يبخلون بإسداء النصائح للراغب في التزود بالمادة. عقارب الساعة تدنو من السابعة مساء. يدنو شاب يظهر من ملامح وجهه، نهوضه من نوم عميق. من بعض الشبان الملتفين حول طاولة. يسأل أحدهم بلغة مشفرة، عن «واش كاين شي أو غير الفرشي». يومئ له برأسه، دون أن ينبس بكلمة، فتنفذ الإشارة إلى عقل الأول. يغادر «البائع» جلسة رفاقه. ويختفي لبضع دقائق قبل أن يعود، ويناول الشاب شيئا غير مرئي، قبل أن يمسك ورقة مالية مكنه منها. إنه يعرف جيدا ما يستهلكه ذاك الزبون من الشيرا. لذلك يتحاشى استفساره، كباقي الزبناء المواظبين على اقتناء حاجياتهم منه. تجري العملية بطريقة لا تثير أي شك، إلا للذين «يفقهون» في مثل تلك الحركات. وأمثال هذا البائع، يدسون «السلعة» في أماكن بعيدة عن تلك التي يتخذونها موقفا لهم لبيع السجائر بالتقسيط أو ل»تقرقيب الناب»، كي لا يثيروا الشبهات حتى لو زارتهم دورية أمنية في إطار حملة تمشيطية. غالبيتهم يخفون المادة، في ثقوب متفرقة بجدران أو أبواب منازل معينة، وبالكمية الكافية لتلبية حاجيات الزبناء الذين يتوافدون بأعداد مهمة مع اقتراب موعد أذان صلاة المغرب، إذ «اللي كيضيع ف النهار، كيفديوه في الليل» يعلق شاب ينصح المدمنين بالتسلح بالعزيمة اللازمة، للتخلص من «البلية». أما فئة أخرى من مروجي المخدرات، فتستغل منازل لترويج المخدرات، بطريقة لا يمكن أن ينتبه إليها أحد. ويكفي الزبون، أن يدق بشكل خفيف، على نافذة صغيرة خاصة، لتفتح ويمكن مستقبله من قطعة مالية، قبل أن يناوله ما يوازيها من شيرا أو قرقوبي في عملية لا تحتاج إلى تبادل للكلام أو التحية.هؤلاء المروجون ممن يستغلون أطفالا صغارا في هذه التجارة، لا يحترمون رمضان بل يعتبرونه شهرا للكسب الوفير، أمام تنامي استهلاك المخدرات فيه، فيما يطرح «تغلغلهم» وبسط بعضهم هيمنته على «سيكتور» معين، أكثر من علامة استفهام حول من يحميهم ويوفر لهم أمان ترويج المادة.وهم يبتكرون مختلف أساليب ووسائل الخداع، للحيلولة دون الوقوع في قبضة دوريات الأمن. ولا يتوانون في زعم وجود حماية لهم من قبل جهات نافذة، وادعاء نسج علاقات مع أفراد أمن، مقبل إتاوات يتطلب التحقيق في صحتها، من قبل مسؤولي هذا الجهاز.«هدو عندهم بحال داخل الحبس، بحال برا».. يعلق مصدر أمني ذاكرا حادثا طريفا لما تم التركيز على منزل مشبوه، ليفاجأ الجميع بعد التدخل وتمشيطه، بوجود طفلة صغيرة، هي من كانت تروج المخدرات، بمساعدة والدتها المطلقة التي كانت تعيش من تلك التجارة المحظورة. بعض المصادر تحدثت عن بؤر معينة لترويج المخدرات في رمضان وغيره من الشهور، من قبل أشخاص لم تنفع اعتقالاتهم المتكررة وقضاؤهم عقوبات سجنية سالبة للحرية، في أن يتوقفوا عن مزاولة هذه «الحرفة»، التي يأبون التفريط فيها رغم كل العقوبات الزجرية لأنها مصدر عيشهم وثروتهم.ولأجل تحقيق مصالحهم التي يسخرون لأجلها أطفالا ومطلقات وفتيات عازبات وقاصرات، لا يتوانون أحيانا في الدخول في مواجهات عنيفة مع الأمن خلال حملات تطهيرية، كما وقع قبل سنوات، حين واجه بارون مخدرات دورية أمنية بحي سيدي بوجيدة، استدعت استعانة شرطي بمسدسه. حميد الأبيض (فاس)

رواج بسوق المخدرات في رمضان بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مقاربة سوسيولوجية لارتفاع تعاطي المخدرات في رمضان

حجز 60 كيلوغراما من الشيرا بالهراويين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات