حكايات نزلاء تكشف جرائم السجانين

إدخال الممنوعات بمقابل والابتزاز والتعذيب وسرقة الأمتعة والمأكولات أبرز جرائم حراس السجون لا شك أن حناجر العديد من نزلاء المؤسسات السجنية قد بحت من فرط الشكوى ببعض الحراس والموظفين، وحتى المسؤولين الإداريين، والتبليغ عما يرتكبونه من تجاوزات وخروقات معاقب عليها قانونيا.وعموما، تظل الجرائم التي يرتكبها الموظفون والحراس المتواطئون مع رموز الفساد منحصرة في تهريب المخدرات وسائر الممنوعات الأخرى مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الاتصال المتطورة والأسلحة البيضاء، كما لا يتردد بعضهم في ممارسة جميع وسائل الابتزاز والتعذيب والاحتجاز التعسفي بدون موجب قانوني وسرقة أمتعة وزاد النزلاء بمبرر «مصادرة المحظور»، علما أن أغلب هذه الحاجيات تتوجه إلى بيوتهم ومطابخهم.وقبل بضعة أسابيع أوفدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لجنة للبحث في صحة اتهامات بالنصب والارتشاء والتواطؤ مع نزلاء بسجن الخميسات، ويتعلق الأمر بموظفة بجناح النساء تدعى «م»، وموظف في الإدارة.وانطلق البحث في هذه القضية بعد توصل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشكاية من شقيق سجينة، يخبر فيها المندوب العام بتعرض شقيقته للنصب والابتزاز، إذ يقول إنه وبصفته المسموح له بزيارة شقيقته السجينة ليلى، ونظرا لأنه قضى فترة في السجن نفسه، فقد التقى الموظفة المشار إليها، وطلب منها تمكين شقيقته من الحصول على هاتف محمول من أجل التواصل مع الأسرة، فعبرت له عن موافقتها، لكن شريطة زيارة الموظف المشار إليه. وأكدت له أنها ستساعده بالتحدث له معه.وقال المشتكي إنه بعدما التقى موظف السجن في مكتبه، وطلب منه إسداء هذه الخدمة، طلب منه العودة مرة أخرى إلى الموظفة المذكورة، فطلبت منه مبلغا ماليا قدره 3 آلاف درهم، تتسلم هي ألف درهم، وتمنح الباقي (ألفي درهم) للمعني بالأمر. وقبل المشتكي هذا الطلب، ومنحها المبلغ المالي إضافة إلى الهاتف المحمول. لكن بعد مرور 10 أيام على هذه الواقعة، تلقى اتصالا من أحد معارفه في السجن يخبره فيه بأن شقيقته تعرضت للتعنيف الجسدي والنفسي، قبل أن يتم إيداعها في زنزانة انفرادية (كاشو) بمبرر حيازتها هاتفا محمولا. كما تم حرمان المشتكي من زيارة شقيقته، وهو ما جعل المشتكي يعتبر الأمر عملية للنصب والاحتيال.ويقول سجين محكوم بالإعدام إن مجموعة من السجانين متورطون في ارتكاب انتهاكات إنسانية في حقه، من خلال التعذيب والإهانة وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية، ومصادرة أمتعته ومقتنياته الخاصة التي تبعثها له والدته من مدينة أكادير. جاء هذا في شكاية وجهتها والدة السجين المذكور، قبل مدة، إلى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالرباط، ومؤسسة محمد الخامس لإعادة الإدماج. وأوضحت الشكاية أن ابنها يتعرض للتعذيب من طرف مسؤول، مشيرة إلى أنه مارس عليه «الكثير من العنف، وحرمه من أبسط حقوق العيش».وكشفت والدة السجين المحكوم بالإعدام أنها سلمت إلى موظف مبلغا ماليا قدره 1500 درهم من أجل التكفل باقتناء بعض الحاجيات الخاصة لابنها، إذ تقطن في مدينة نائية، غير أنه استولى على المبلغ، وبدأ يهددها.وفي الوقت الذي يقترف فيه بعض الموظفين والحراس اعتداءات في حق سجناء معينين، يتم التغاضي عن آخرين، متورطين في إغراق المؤسسات السجنية بالمخدرات، وممنوعات أخرى.ويرى بعض السجناء في القنيطرة وسلا أن جميع المعتقلين في المؤسسات السجنية «يعيشون سنوات رصاص» من نوع آخر، نتيجة استفحال «كل أنواع التعذيب والانتهاكات الإنسانية التي لا تخطر لأحد على بال».وأوضح أكثر من نزيل أن أكثر ما يقلق هو لجوء الإدارات المحلية إلى أساليب إهانة واستفزاز لم يسبق لها مثيل، ومن بينها تجريد جميع المعتقلين من جميع ثيابهم من أجل تفتيشهم، قبل وبعد كل زيارة، الأمر الذي يشعرهم بألم نفسي وإحراج كبيرين، مع العلم أن جميع الممنوعات التي يحظر استعمالها داخل السجن، من قبيل الهواتف المحمولة والمخدرات وبعض الأسلحة البيضاء، يدخلها موظفون وحراس متواطئون.وتتحدثت المصادر ذاتها عن الحرمان من بعض الأدوية والتطبيب، الأمر الذي جعل أرواح العديد من السجناء، خصوصا المحكومين بعقوبات سجنية طويلة الأمد، على حافة الخطر، وزاد ذلك سوء التغذية والمنع من الاستحمام لفترات زمنية طويلة.إلى ذلك، تعيش جميع السجون، بدون استثناء، على إيقاع الاتجار في المخدرات، وتتحكم فيها عصابات منظمة، كما أن بعض العاملين لا يترددون في ربط علاقات مشبوهة مع بعض تجار المخدرات. ورغم أن المندوبية توفد بعض لجان التفتيش، فإنها لا تقف دائما على جميع الحقائق المتعلقة بالخروقات والتجاوزات. عرض المخدرات بعدد من السجون يفوق الطلب، ووفرة المخدرات جعلت الصفيحة التي يبلغ وزنها 100 غرام، لا تتجاوز مبلغ 500 درهم، في الوقت الذي تصل فيه الكمية نفسها إلى 4000 درهم بسجون أخرى».وخلاصة القول، لم يعد السجن فضاء لـ»التربية والتأهيل»، وإنما تحول إلى «معهد لتفريخ الجريمة والانحراف»، خصوصا أمام سيادة منطق الرشوة والمحسوبية، وغض الطرف عن الاختلاط غير القانوني بين الكبار والصغار، الذي يؤدي إلى استفحال الشذوذ الجنسي، والتطاول على المؤونة المخصصة للسجناء، وغياب التطبيب، والإهمال المؤدي إلى وفيات. محمد البودالي

حكايات نزلاء تكشف جرائم السجانين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنهاشم: فساد نصف قرن يستحيل إصلاحه في سنتين

مخدرات وفضائح جنسية وتجاوزات بسجن بولمهارز

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات