بانوراما الصيـف: بـن عـلـي ولـيـلـى… الـثـنـائـي الـجـهـنـمـي

في ربيع سنة 2009، رسم مجموعة من التونسيين، عبر شبكة الويب، صورة مختزلة، لكنها معبرة جدا عن تحكم أل بن علي في البلد. ففي رسالة من ثلاث صفحات، كتبها "مجهولون"، نقرأ مثلا، أن ليلى الطرابلسي تمتلك سلطات فعلية أوسع، مقارنة مع تلك التي يتوفر عليها الوزير الأول، فبإمكانها أن تُقيل الحكومة، أو تبادر إلى تعيين أو عزل وزراء، وسفراء، ومديرين عامين، متى تشاء. وبإمكانها أن تُغني، أو تُفقر، أو تسجن، أو تخرج من السجن، من تشاء، ومتى أرادت ذلك. هذه السلطات الخارقة يمكن أن يتمتع بها عمليا، كل أفراد العائلة، بحسب موقع كل واحد في التراتبية العائلية التي أرسى أسسها الرئيس بن علي. إنه نظام مافيوزي يتربع على عرشه آل الطرابلسي، والمطري، المتحالفين منذ زواج صخر المطري مع نسرين، الإبنة الثانية لليلى وزوجها بن علي. وفي وثيقة أخرى، غير موقعة طبعا، وزعها سرا اقتصاديون تونسيون بمستوى عال، تم التنديد في مقال بعنوان "حدود وتكاليف وهشاشة الأداء الاقتصادي التونسي"، بالزبونية الهيكيلة التي تطبع النظام التونسي. ونقرأ، بالخصوص، أن التوظيف السياسي لمنطق إعادة التوزيع ساهم، بدوره، في تطور ثقافة التبعية السياسية، مقابل الامتيازات والمنافع الاقتصادية المتحصل عليها.ونقرأ، أيضا، في الوثيقة أن الدولة التي تُستغل من طرف الحكام الجدد المافيوزيين، لفائدة لبرلة اقتصادية تتم في غياب أي دمقرطة للحياة السياسية، ستواجه مشاكل خطيرة تتعلق بالشرعية. لقد كانت الدولة شرعت بالفعل في السير في هذا الطريق الخطير، ولم تكن هناك بوادر توقيف هذه الأسرة الجهنمية التي يشكلها بن علي وزوجته ليلى. لقد نجح في إخضاع الدولة، لسيطرته وسيطرة أسرته المافيوزية، بفعل أساليب تقوم على القمع البوليسي، والمنطق العشائري، والزبونية، و المكر السياسي، مؤسسين، بذلك، سلطة تنفيذية موازية وغامضة.في 13 غشت 2008، وبعد أسابيع من الغياب عن المسرح الإعلامي والسياسي التونسي بسبب خلافاتها مع زوجها الذي تتهمه بعدم مساعدتها في إخراج ابن أخيها عماد الطرابلسي، من مخالب العدالة الفرنسية، في قضية سرقة اليخوت الفاخرة، دشنت ليلى الطرابلسي دخولها السياسي الكبير بمناسبة العيد الوطني للمرأة. اختارت ليلى بن علي، بفضل مكرها وانتهازيتها، الاشتغال علي قضيتين اجتماعيتين، لتفرض نفسها على الساحة السياسية الوطنية والدولية، وهما قضية المعاقين من خلال جمعية بسمة التي تُديرها، وقضية المرأة، لكن النجاح نفسه لا يحالف السيدة الأولى، على المستوى الدولي وحتى العربي. صحيح أنها كانت تُستدعى بانتظام، لإلقاء خطابات حول واقع المرأة في المؤتمرات الدولية، إلا أن ميلها نحو المؤامرات والدسائس، كان يتسبب لها إحباطات، فقد تولت رئاسة منظمة المرأة العربية في مارس 2009، التي عقدت مؤتمرها السنوي بتونس ما بين 25 و26 يونيو 2009. وسجل المؤتمر غياب ملكة الأردن رانيا، والشيخة موزة، سيدة قطر الأولى، رغم أنهما مناضلتان ومدافعتان عن قضية المرأة في الوطن العربي، ومن بين أسباب ذلك، ما بدر من ليلى الطرابلسي، سنة 2007، من سلوك مرفوض لأنه غير منصف، تجاه سهى عرفات، أرملة الزعيم الفلسطيني السابق، ياسرعرفات، وصديقتها السابقة، إذ سلبتها كل ممتلكاتها، وفرضت الحجز على حسابها البنكي، وأسقطت الجنسية التونسية عنها. ولم تقتصر مشاكل ليلى على المستوى العربي والدولي، فحسب، بل عرفت إحباطا سياسيا، حتى داخل تونس، حيث كانت تسعى إلى إدارة شؤونها في الظل.وبحسب الإعلامية سهام بنسدرين، صاحبة موقع "كلمة" المعارض، التي كانت تتعرض لمقص الرقابة بانتظام، فقد كانت ليلى تتطلع في 2004 و2005، إلى أن تلعب دورا رياديا في الساحة السياسية لتونس. وأبرزت الإعلامية كيف لاحظ الجميع أن الرئيسة كما كان يُسميها التونسيون، شرعت في إلقاء خطب سياسية، في فترة كانت الإشاعة منتشرة حول تدهور صحة بن علي. وحصل لها، بالفعل، الشرف في أكتوبر 2004 بتلاوة الخطاب الختامي لمرشح الحزب الدستوري الديمقراطي، أي زوجها، الذي صفق بحرارة لزوجته، لكن الأمر لم يكن هو نفسه، بالنسبة إلى نبيل عادل، أحد الأطر العليا في الجهاز الأمني الرئاسي التونسي ، الذي اشتهر بحربه ضد الإسلاميين. لقد أعلن، وهو يتألم من صعود ليلى بن علي إلى واجهة الحزب الحاكم، نهاية الجمهورية، لكن عوض أن ينتهي مسار ليلى بن علي، فقد تم إيداع الإطار الأمني العالي السجن بتهمة الفساد. جمال بورفيسي

بانوراما الصيـف: بـن عـلـي ولـيـلـى… الـثـنـائـي الـجـهـنـمـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما الصيـف: حاكـمـة قـرطـاج (الحلقة الخامسة)

بانوراما الصيف: ربع قرن من التعذيب (الحلقة الرابعة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات