نحو قانون يحصن الموثق من الانزلاقات

خارطة طريق لتصحيح علاقات الموثق بالزبون والإدارات لا أحد يمكن أن ينكر الدور الهام الذي تلعبه مهنة التوثيق على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في مجال تحقيق الأمن التعاقدي بين الأطراف وتخفيف العبء على المحاكم وتحسين مناخ الأعمال، وحتى يتمكن الموثق من تحقيق هذه الغايات وجب توفير إطار قانوني وتنظيمي يجعل المهني في مأمن من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى انزلاقات و أخطاء قد تتسبب للمواطنين في مشاكل اجتماعية مستعصية وتكلف مالية الدولة وأموال طائلة، وبصفة عامة يمكن رصد صنفين من الأسباب التي يمكن أن تقف وراء هذه الانزلاقاتعلاقة الموثق بزبنائهفالمهنة أصبحت مهددة بعمليات النصب التي تقف وراءها عصابات منظمة تستغل ضعف الإمكانيات والوسائل التي تسمح للموثق برصد هذه العمليات التي من شأنها أن تؤثر على سمعة المهنة وتجعلها في قفص الاتهام وكأنها المسؤول الأول عن هذه الجرائم في الوقت الذي لم تستطع فيه الجهات المسؤولة مواكبة التطور التقني والمادي واللوجستيكي لهته العصابات. وهي ظاهرة لا تخص التوثيق المغربي فحسب، مما حدا ببعض الدول كليتوانيا مثلا التي لم تنخرط في نظام التوثيق إلا سنة 2003، ومع ذلك فهي تعتبر من بين الدول التي جندت مهنة التوثيق لرصد مثل هذه المشاكل عن طريق اعتماد نظام إلكتروني يسمح للموثق بالدخول إلى قائمة البيانات والسجلات الرسمية ( السجلات العقارية، الضرائب، الداخلية فيما يتعلق بالمعلومات الشخصية، الآثار....). ونتمنى أن ينخرط المغرب في هذا الاتجاه دون وضع كل العبء على الموثق في هذا الشأن كما ورد في المادة 37 من مشروع القانون التي تحمل كامل المسؤولية للموثق في ما يتعلق بهوية الأطراف مع العلم أن ظاهرة تزوير البطائق الشخصية لم يتم حلها تماما من قبل الجهات المسؤولة. الموثق والإدارات العموميةعلاقة الموثق بالإدارة تحكمها مبدئيا ضوابط الإحترام المتبادل والتعاون البناء خدمة للصالح العام، لكن ومع كل هذا فلا ينبغي أن نعزل الموثق عن الظروف الاجتماعية الحالية التي تتميز بتفشي ظاهرة الرشوة والزبونية والمحسوبية، وهي ظواهر كانت ولا تزال تكرس وضعية الامتياز التي يستفيد منها الراشون والمرتشون دون عموم المواطنين، وهو ما يؤثر سلبا على جودة العقد التوثيقي و مصداقيته كضامن للأمن التعاقدي وللعدالة الوقائية، فلا مجال لعنصري الكفاءة والفعالية في تحديد الشخص الصالح للمهنة. الثغرات القانونيةفمهنة التوثيق لا يمكن أن تؤدي الغايات المرجوة من ورائها إلا بواسطة موثقين أكفاء من الناحية القانونية وعلى درجة عالية من النزاهة والأخلاق من جهة إضافة إلى وجود نظام محاسباتي ينسجم و خصوصية المهنة، وهذا يتطلب وجود نظام للتكوين الأساسي للمتمرنين والتكوين المستمر للموثقين، إضافة إلى تكليف الهيآت المهنية بمراقبة الموثقين والمتمرنين واعتماد نظام للمحاسبة ينسجم وخصوصية المهنة.فتدخل الموثق ينبغي أن يكون على درجة عالية من الكفاءة المهنية ويستجيب لمتطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي، فهو بحكم التزاماته المهنية مطالب بإسداء النصح للأطراف، وتحقيق النتيجة التي يتوخاها المتعاقدون من المعاملة على الشكل الذي يمكنه من المساهمة في حل الإشكالات القانونية التي قد تعترض مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا من خلال نظام للتكوين يعتمد أحدث الأساليب البيداغوجية ويساير متطلابت التنمية بكل أشكالها.أما في ما يتعلق بالجانب الأخلاقي فهو عامل لا يمكن أن نغفل عنه من أجل تطور المهنة، ولعل أول ما ينبغي التركيز عليه في هذا الخصوص هو الدور الهام الذي ينبغي أن تلعبه المؤسسة المكلفة بمراقبة المهنة في هذا الخصوص، سواء في ما يتعلق بالحصول على المعلومات الضرورية المتعلقة بالأشخاص الذين يريدون ولوج المهنة، أو مراقبة المتمرنين ومواكبتهم وضمان تشبعهم بمبادئ وأخلاقيات المهنة، ناهيك عن المراقبة التي تشرف عليها الهيئة المكلفة بمراقبة الموثقين، وهو الشيء الذي ما زالت تطالب به الغرفة الوطنية للتوثيق أمام الغرفة الثانية للبرلمان، إذ تعتبر أن تدخلها في مراقبة وتأديب المتمرن منذ أن تطأ قدمه المهنة شيء ضروري لحماية المهنة من الانزلاقات وتقويم الاعوجاجات المحتملة.أما في ما يتعلق بودائع الزبناء، فلا شك أن ضمان وحماية هذه الودائع ينبغي أن يستند على مرتكزين أساسين، أولها وجود نظام للمحاسبة ينسجم وخصوصية المهنة، وثانيهما وجود نظام لتأمين هذه الودائع يضمن تسليمها لمن له الحق فيها في حالة تبديد هذه الودائع وعسر الموثق.وبطبيعة الحال فمشروع القانون المنظم لمهنة التوثيق في صيغته المعروضة حاليا على أنظار الغرفة الثانية بالبرلمان قد تمكن من سد العديد من الثغرات التي كانت مسجلة في نقائص القانون الحالي، خاصة في ما يتعلق بالتكوين وإعطاء الهيأة الوطنية حق إصدار قانون ينظم أخلاقيات المهنة وممارسة المراقبة موازاة مع الدور الذي تقوم به النيابة العامة في هذا الخصوص وبهذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نثمن الدور الهام الذي لعبه نواب الأمة في الغرفة الأولى في سبيل تعديل القانون المنظم للمهنة، كما لا يفوتنا أن نشكر المستشارين في الغرفة الثانية، ومن خلالهم الفرق البرلمانية ولجنة العدل والتشريع الذين أبدوا رغبة كبيرة في تدارك كل الإختلالات التي ما زالت تعتري المشروع. أمين زنيبر: رئيس الغرفة الجهوية للموثقين بالرباط

نحو قانون يحصن الموثق من الانزلاقات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

4 أسئلة إلى رئيس غرفة الموثقين

مشروع قانون الموثقين بعيون المهنيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات