منيب: أضعنا فرصة جديدة للبناء الديمقراطي

زعيمة الاشتراكي الموحد قالت إن نتائج 7 أكتوبر تفرض نقدا ذاتيا جماعيا من قوى اليسار اعترفت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد ووكيلة اللائحة الوطنية لفدرالية اليسار الديمقراطي بالفشل في تحقيق الأهداف التي سطرتها الفدرالية، بسبب استمرار ظاهرة المقاطعة الواسعة وفقدان الثقة في الانتخابات. وقالت منيب إن المغرب أضاع فرصة جديدة للبناء الديمقراطي، داعية قوى اليسار إلى ممارسة نقد ذاتي عميق والجلوس للحوار من أجل بحث بناء المشروع اليساري الكبير. أجرى الحوار: برحو بوزياني - تصوير: (عبد الحق خليفة) < لم يتجاوز عدد المقاعد التي حصلت عليها فدرالية اليسار الديمقراطي اثنين، في حين فشلت في انتزاع مقعد في اللائحة الوطنية. ما هي قراءتكم اليوم لهذه النتيجة التي اعتبرها الملاحظون دون مستوى الالتفاف الذي حظيتم به في الحملة؟. < النتائج التي حصلت عليها الفدرالية في هذه الاستحقاقات لم تصل إلى الأهداف التي سطرناها، وذلك لعدة أسباب، هو أننا في المغرب مازال لدينا أكبر حزب هو حزب المقاطعين، ومن بين هولاء، المقاطعون بوعي، وهم فئة قليلة، وهناك المقاطعة ما قبل الوعي الديمقراطي، وهؤلاء يقولون إنهم غير معنيين بالعملية مادام لم يصلهم حقهم من التنمية رغم تعاقب الحكومات، وهم بذلك لا يثقون في اللعبة الديمقراطية. وأظن أن إعادة الثقة في الانتخابات عملية صعبة جدا، وقد حاولنا جاهدين بعث الأمل وإقناع الناخبين بالمشاركة، وبأن عدم المشاركة لا يخدم التغيير ولا يخدم الديمقراطية في البلاد. وظهر أن نسبة كبيرة من المغاربة مازالوا يقاطعون الانتخابات، وقد طالبنا سابقا باعتماد البطاقة الوطنية، وكان الأمر سيسهل بعض الشيء المشاركة، ويسمح للعديد ممن اقتنع في آخر لحظة وخلال الحملة بالإدلاء بصوته. ونعتبر دخول الفدرالية إلى البرلمان إنجازا كبيرا، لأنه سينقل صوتها الى المؤسسة التشريعية، إيمانا منها بالعمل الجماهيري وفي المؤسسات المنتخبة، وسنعمل كل ما في جهدنا ليكون هناك تكامل ما بين العمل في البرلمان وفي مختلف واجهات العمل الجماهيري. وسنحرص على تجويد العمل البرلماني رغم قلة عدد نوابنا، وسنعمل وفق خطة مضبوطة حتى يكون عملهما مفيدا داخل البرلمان. أما باقي النتائج التي حصلنا عليها على الصعيد الوطني فقد كانت تقريبا منتظرة، واليوم ترى أن من يتصدر المشهد السياسي هو العدالة والتنمية، الذي فاز في الانتخابات السابقة في ظرفية استثنائية، بعد حراك شعبي في المغرب والمنطقة العربية، وكان أمل فئة واسعة من الشعب بأن التغيير سيأتي على يد هؤلاء، خاصة أنهم تقدموا في برنامجهم بشعارات محاربة الفساد والاستبداد، وبناء العدالة الاجتماعية، لكن بعد خمس سنوات من العمل الحكومي، رأينا كيف طبقوا الليبرالية المتوحشة وسياسة التقشف التي عمقت الفقر والبطالة وفاقمت المديونية. < كيف تقرئين فوز الفدرالية في مدن كبرى مثل الرباط والبيضاء، في الوقت الذي عجزت أحزاب كبرى عن اختراقها أمام "البام" و"بيجيدي"؟ < أولا هذه نقطة تحسب للفدرالية، ونتمنى مستقبلا أن تستفيد كل المناطق من التجربة التي خاضتها الفدرالية في الرباط والبيضاء، باعتماد حملة بطريقة علمية مضبوطة، ثانيا باحترام لوعي وذكاء المواطنين، وثالثا بالاعتماد على مئات المتطوعين، التحقوا بالحزب قبل سنة أو إبان الحملة وجرى تأطيرهم، وساهموا بحملة نظيفة إلى جانب مرشحين أكفاء محترمين يحظون بسمعة وصيت كبيرين، ورأى فيهم الناخبون النزاهة والكفاءة والقدرة على الدفاع عن قضايا الوطن والموطنين، وهذه وصفة تتكون من 10 عناصر توفرت في دائرتي الرباط وأنفا بالبيضاء، سنعمل على تعميمها مستقبلا في مدن أخرى، لأن هناك وعيا متناميا لدى المواطنين بأهمية المشاركة لانتزاع مكاسب، والحديث مع الناخبين بكلام مفهوم واحترام ذكائهم. "البام" ليس بديلا أما الحزب الثاني الفائز، فهو الأصالة والمعاصرة الذي قدمته الدولة، منذ فبراير الماضي على أساس أنه يمثل القطب الثاني الحداثي، في مواجهة القطب المحافظ، وتقديمه بديلا، ورأينا كيف استفاد هذا الحزب من الدعم والحياد السلبي للإدارة تجاه خروقاته ، ورغم ذلك لم يحصل على الرتبة الأولى، لأن المغاربة يعرفون جيدا أنه لا يشكل بديلا، ولا يطالب بالديمقراطية. وأؤكد هنا أن المغرب أخلف الموعد في 2011، لأنها كانت تشكل محطة حاسمة، بعد تغيير الدستور، وكان بالإمكان أن نتقدم بخطة أقوى باتجاه الدولة الديمقراطية، التي ستحصن البلاد من المخاطر الخارجية. ما أتمناه اليوم ألا يبقى العدالة التنمية في مرحلة الانتشاء بالفوز بالرتبة الأولى، لأن هناك ملايين المغاربة لم يشاركوا في الانتخابات، وعليه بذل الجهد الأكبر من أجل إعادة الثقة للمغاربة في العمل السياسي، وهو ما يتطلب من رئيس الحكومة تغيير الإستراتيجية، وهذه ليست دروسا، ويهمنا كمغاربة مستقبل البلاد، ويجب عليه أن يكف عن التعامل بصفته رئيسا لحزب، ولكن بصفته رئيس حكومة لكل المغاربة. "بيجيدي" طبع مع الفساد والاستبداد كان الأمل في أن يتراجع هذا الحزب في الانتخابات الجماعية بعد أن أخل بوعوده في محاربة الفساد والاستبداد، لكن سجل تقدما كبيرا في المدن، وفي هذه المحطة، أيضا فاق عدد المقاعد التي حصل عليها في 2011 ووصل إلى 125 نائبا. وهذا التقدم لم يأت نتيجة عمله في الحكومة، لأننا نعتبر أن حصيلتها كانت سلبية باعتراف الجميع، من خلال العديد من المؤشرات، كما أن القوانين التي تم تنزيلها تهدد المكتسبات، وأن الحزب طبع مع الاستبداد، واكتفى بالحديث عن التحكم، لكن ما ساعده على تحقيق هذا التقدم هو التدبير السياسي العام في البلاد، وغياب إرادة سياسية للتقدم في البناء الديمقراطي. اللائحة الوطنية موضع شك < لماذا لم تحصل اللائحة الوطنية للفدرالية على عتبة 3 في المائة، خاصة أن عمر بلافريج شكك في عدم الفوز في اللائحة الوطنية، بالنظر إلى الأصوات المرتفعة التي نالتها في أغلب الدوائر مقارنة مع أصوات اللوائح المحلية؟ < أولا حتى لا يقال إننا نشكك في النتيجة لأننا لم نفز، الفدرالية لم تكن تتوفر على مراقبين في جميع المكاتب حتى يمكنها تجميع المعطيات الكافية والمضبوطة بالأرقام، ففي المدن الكبرى كان هذا الأمر متاحا، لكن في البوادي والقرى لم يكن لدينا مراقبون، ولهذا نستغرب كيف أن الفدرالية غطت في 2015 نسبة 15 في المائة من الدوائر، وحصلت على 100 ألف صوت، واليوم غطت 98 في المائة من الدوائر بخيرة شبابها ونسائها ومناضليها، وقامت بحملة نظيفة لقيت تجاوبا كبيرا، عكسه الحضور الجماهيري الكبير في جميع مهرجانات الفدرالية، بجميع المناطق المغربية، وكان هناك تجاوب، في الوقت الذي تأتي النتائج الرسمية فقط بـ 160 ألف صوت، هذا يثير العديد من الأسئلة. لا أحد داخل الحزب يصدق اليوم بأن اللائحة الوطنية للفدرالية حصلت على هذا الرقم، ولدينا تقارير عن بعض التدخلات في العديد من الدوائر، من قبيل وقوف مراقب الفدرالية بالصويرة على تلاعب، بعد إعادة احتساب الأصوات، تمثل في إضافة 4 آلاف صوت لفائدة البام. إذا جرى هذا في المدن، فما بالك بالبوادي، نحن لا نريد التشكيك ولا الإساءة إلى سمعة بلادنا، لكن نؤكد أن الانتخابات مرت في ظروف اللاتكافؤ، سواء من حيث الدعم المالي أو الولوج إلى وسائل الإعلام العمومية، لكن المهم هو المستقبل. صراحتي تزعج البعض < تعرضت لحملة في العديد من المنابر الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تصريح لك بعد إعلان النتائج، وصل حد مطالبتكم من قبل سعد الدين العثماني بالاعتذار للمغاربة؟ ما خلفيات هذه الحملة وسياقها؟ < أولا هذه الحملات لم تأت اليوم، بل انطلقت قبل الحملة الانتخابية، ويعرفون أنني أتكلم لغة الوضوح والصراحة، وهو ما يزعج البعض الذين يرغبون أن يظل المواطن في "دار غفلون". واليوم يحاولون استغلال تصريح لي حول فشل المدرسة العمومية في نشر وعي نقدي يمكن المواطن من التمييز، لأن الدولة كانت دوما تخشى النخبة الواعية ذات الوعي العقلاني والحس النقدي، واستغل التصريح بعد إخراجه من سياقه من قبل جهات عديدة وليس فقط من قبل "بيجيدي". وفي هذا الصدد، أقول إن من يجب أن يعتذر للمغاربة هم من أجهز على التقاعد، ومن ضرب صندوق المقاصة دون أن يعطي الحل، وهو من يواصل خوصصة المدرسة العمومية، ومن يفوت اليوم أراضي الجامعة لصالح الخواص، هؤلاء هم من يجب أن يعتذر للشعب المغربي، بصوت مرتفع، لأنه يدمر مؤسسات عمومية، وكذب على الشعب من خلال شعارات محاربة الفساد والاستبداد، وها هو اليوم يطبع مع الاستبداد، ويتغاضى عن محاربة الفساد. أنا لا أعتذر لشعب أحبه وأناضل من أجله، وهو يعرفني جيدا، وأتساءل كيف يسمح سعد الدين العثماني لنفسه بالحديث باسم الشعب، ليطالبني بالاعتذار، أنا أحترم السيد العثماني، لأنه مثقف وطيب، لكن تمت مغالطته هذه المرة من قبل الجيوش المجيشة للكتائب الالكترونية للعدالة والتنمية التي لا تعرف سوى التكفير والقذف في الشرفاء. < هل تنوي الفدرالية تقديم طعون بعد تجميع التقارير حول النتائج بتفصيل، خاصة في جهات لديكم مؤشرات أولية حول وجود تلاعب أو تدخل لغير صالحكم؟ < لدينا العديد من الانتقادات والملاحظات التي تسهر لجنة الانتخابات على تجميعها وتقديمها إلى المكتب السياسي للحزب الذي سيقوم بدراستها وآنذاك سيتخذ القرار اللازم، إذا كان الأمر يستدعي الطعن سنتقدم بطعون حين تتوفر لدينا الأدلة. وقد كنا دائما نراسل السلطات بشأن التجاوزات التي سجلناها طيلة الحملة. اليسار مطالب بنقد ذاتي جماعي < طرحت نتائج 7 أكتوبر تحديات كبرى على قوى اليسار (الاتحاد الاشتراكي، وفدرالية اليسار بأحزابها الثلاثة، والتقدم والاشتراكية)، بعد تراجعها الكبير أمام تقدم العدالة والتنمية و"البام". ألا يطرح عليكم الوضع تقديم نقد ذاتي عميق، وإعادة النظر في بناء القوة اليسارية؟ < مسألة النقد الذاتي مطروحة دائما، خصوصا بعد تجربة التناوب التوافقي، كما طالبنا بالقيام بقراءة نقدية جماعية لهذه التجربة لاستشراف آفاق العمل المستقبلي، ومعروف أن اليسار كان لوحده في الساحة معارضا، ونال ما نال من العقاب والتسلط وسنوات الجمر والرصاص، قبل أن يتم إشراك قوى أساسية منه في تجربة حكومة التناوب التوافقي، التي كانت ضربة قاضية، لأن الاتحاد الاشتراكي باعتباره أقوى حزب يساري، دخل التجربة بدون ضمانات، وتم استدراجه واستغل لتوطيد ثوابت النظام، وعمل إلى جانب أحزاب إدارية وأعطاها مصداقية لم تكن لتحظى بها، وأعطى رصيده النضالي وتضحياته الجسام من أجل مشروع لم تتوفر له ضمانات النجاح. وهذا كان خطأ عانى بسببه كل اليسار وليس فقط اليسار المشارك في الحكومة. نحن جيل اليوم ننظر الى المستقبل، ويجب أن نقوم بوقفة نقدية لتجربتنا الجماعية، بتواضع، أمام ما أنجزناه، وأمام الفرص الضائعة التي فوتناها، والتي لا يتحمل المخزن دائما مسؤوليتها. اليسار ونخب اليسار مسؤولة أيضا عن عدد من الإخفاقات، وقلنا بأن هذه القراءة النقدية يجب أن تسفر عن مشروع أرضية حدا أدنى بين قوى اليسار، واليوم نحن في الفدرالية نسعى إلى الإسهام من أجل بناء جبهة واسعة تضم أحزاب اليسار والحركات الاجتماعية المناضلة الحقوقية والنسائية والأمازيغية والمدنية، التي همها تحقيق التغيير الديمقراطي في بلادنا. وسنجتهد خلال خمس سنوات المقبلة من أجل أن يستعيد اليسار بريقه، من خلال تقارب بين مختلف وجهات النظر، وتحديد مشروع حدا أدنى، في إطار التواضع الكبير لمصلحة الوطن، ويجب ألا يظل العمل على مستوى القيادات فقط، بل من خلال عمل في القواعد، وفي أوساط الجماهير الشعبية التي كانت إلى وقت قريب تلتف حول المشروع اليساري، وهذا يتطلب عملا في الميدان واعتماد عمل القرب لنصرة قضايا المواطنين من أجل العدالة الاجتماعية والوصول إلى فئات واسعة. ضيعنا فرصة 2011 ضيعنا فرصة 2011 ، ولا يجب أن نضيع فرصة ما بعد 2016، ويجب أن نستعد من الآن إلى محطة 2021، يجب بذل كل الجهود من أجل توحيد اليسار لبناء القوة القادرة على فرض التغيير، وهذا يتطلب الجلوس إلى الحوار بتواضع، وبدون جلد الذات، لبحث الأفق، وهذا يتطلب عملا على كل المستويات من خلال توطيد الصلة مع المثقفين وكل الفئات الشعبية، والحضور معها في كل المحطات والمعارك، بأسلوب اليسار واحترام ذكاء المواطنين، وهذه مهمة ليست صعبة إذا اجتهدنا جميعا، من أجل تحقيق حلم الحزب الاشتراكي الكبير، ولم لا الوصول إلى المرشح المشترك بين قوى اليسار. يجب فتح فضاءات الحوار حول المشروع اليساري، وحول القضايا الكبرى للبلاد، والتفكير في مخارج لتحقيق انتظارات المواطنين. وأظن أن نهضة اليسار ولو كانت بطيئة، فهي ممكنة اليوم، وعلينا الاجتهاد لتقديم الحلول. اليوم هناك أجيال جديدة تلتحق باليسار، ولا علاقة لها بماضي الصراعات والانقسامات، والشباب الذي يلتحق بالمشروع موجود داخل كل أحزاب اليسار، ويمكن أن يساعدنا في التقدم واستعادة المبادرة. - من مواليد 14 فبراير 1960 بالبيضاء - أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد - أستاذة جامعية بشعبة البيولوجيا مادة علم الغدد بكلية العلوم عين الشق - متزوجة وأم لطفلتين - مسؤولة نقابية في الدارالبيضاء الكبرى واللجنة الإدارية لنقابة التعليم العالي - من مؤسسي جمعية نساء في العلوم المغرب - عضو سابق لمجلس كلية العلوم وجامعة الحسن الثاني بالبيضاء لولايات متعددة - كانت بداية عملها السياسي في سن 17 سنة حين انتقلت إلى الجزائر - ناضلت في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بفرنسا - انخرطت بعد عودتها إلى المغرب في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وانتخبت في قيادتها

منيب: أضعنا فرصة جديدة للبناء الديمقراطي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البورصة تعمم التكوين الإلكتروني

الملك يرد على التشكيك بتجديد الثقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات